العنف الجنسي ضد الطفل..


تعريف وتوضيح :
يقول أحد الباحثين (1): إن العنف الجنسي هو أي نشاط جنسي إجباري يقع ضد طفل غير كامل الأهلية.
أما الباحثة الدكتورة إيمان السيد (2) فتعرفه: انه كل إثارة جنسية يتعرض لها الطفل أو الطفلة عن عَمْد، وذلك بتعرضه للمشاهدة الفاضحة، أو الصور الجنسية العارية، أو غير ذلك من مثيرات، كتعمّد ملامسة أعضاء الطفل التناسلية، أو حثه على لمس أعضاء شخص آخر، أو تعليمه عادات سيئة - كالاستمناء – فضلاً عن الاعتداء الجنسي المباشر في صوره المعروفة، الطبيعية والشاذة.
والطفل قد يتعرض للعنف الجنسي في سن مبكرة، تسعة أشهر مثلاً، لكن الغالب بعد هذا السنَ. فأطفال مابين سنة ونصف إلى الخمس سنوات يواجهون هذا الخطر في أي وقت تغيب فيه رقابة الأهل والأقرباء المحيطين بهم كالجّد والجدّة وما شابه. والغريب في الأمر ان هذا العنف غالباً ما يحدث على يد أقرب الناس إلى الأطفال، أو ممن يقدمون لهم الرعاية: الوالد، السائق والخادم، ان وجدا، المراهق في البيت، أو الأقارب. أما أطفال مابين (5-12) سنة فما فوق، غالباً ما يتعرضون للعنف الجنسي من كل من يمكن أن يختلط بهم دون رقابة من الأهل، كالأصدقاء، أبناء الجيران، الغرباء. ومن الأطفال الذين يتعرضون لهذا العنف أولئك الذين يودعون في مؤسسات الأحداث الإصلاحية، وكذلك المشردون في الشوارع، الذين يكونون هدفاً سهلاً لهذا العنف بسبب فقرهم، وصغر سنهم، وجهلهم بحقوقهم في اغلب الأحيان. وقد أظهرت بعض التجارب والأبحاث، في أغلب دول العالم، أن واحداً من كل أربعة أطفال يتعرض للعدوان الجنسي، والأطفال في سن العاشرة أكثر عرضة من غيرهم لهذا العنف.
وقد يتم إغراء الطفل بالمال أو الهدايا أو الحلوى، إن كان صغيراً. ويكون إدراجه لهذا النشاط مصحوباً بتهديده بالضرب أو العقاب أو القتل، إذا باح لأحد، او بتخويفه بأن الوالدين قد يعاقبانه أو يؤذيانه إذا علما بالأمر. ولا نستغرب، وهذا ما يحدث أحياناً، ان يكون حب الطفل للتجربة والمعرفة واكتشاف كل ماهو مجهول، وراء سقوطه ضحية لهؤلاء المجرمين.
والأسوأ في الأمر أن هذا العنف يحاط من الأهل بالكتمان الزائد، الذي يخفي وراءه سمعة العائلة، وسمعة الطفل نفسه، لأننا نعلم أن موضوع الجنس لا يزال من الموضوعات المحظورة التي لا نتحدث عنها في بيوتنا، بدعوى أن الحديث فيها عيب، وربما وصمة عار.
وقد دلّت بعض الدراسات أنّ العنف الجنسي ضد الأطفال غالباً ما يكون ممن مورس عليهم هذا النشاط، وانّ الطفل الذي يتعرض لعنف جنسي، هو طفل لا توجد علاقة قوية، أو صداقة حميميّة تربطه بالوالدين أو بأحدهما. لأن شعوره بالأمان، في ظل علاقة حميميّة، قد يحميه من كثير من هذه المشكلات، لأنه يفتح باب الحوار بينه وبين والديه، مما لا يسمح بوجود أسرار بينهم.كما تؤكد الباحثة سامية محمد (3): ان من خصائص الآباء الذين يمارسون العنف الجنسي مع أطفالهم، عدم الشعور بالسعادة، أو الشعور بالجمود، أو معاناة الوحدة، وان الطفل الذي يتعرض للعنف الجنسي، غالباً ما تحدث له إفاقة جنسية مبكّرة، تؤدي لإصابته بنشاط جنسي زائد، أو نشاط جنسي منحرف. وتذكر الباحثة فتحية رشدي:(4) أن علماء النفس يجمعون ان الشهوات الجنسية لا تبدأ عند سن البلوغ، بل يحملها الطفل منذ الولادة، غير أنه في سنوات قبل البلوغ، ومن الناحية العلمية، لا يعرف الطفل الميول الجنسية بالمعنى المتعارف عليه لدى الكبار. ولذلك يندرج النشاط الجنسي في هذا السن تحت اسم السلوك السيء الذي يفعله الطفل مقلِّداً أو مجبراً، دون وجود غريزة حقيقية لديه.

أسباب تؤدي إلى العنف الجنسي:
غياب الرقابة، وجود مسافة بين الأهل والأطفال، تمنع الحوار الدائم، والإطلاع على كل الأسرار، التعري أمام الطفل (وقت حمام الطفل أو في أي وقت آخر)، نوم الطفل مع الأهل في غرفة واحدة، الإكراه في الزواج بالنسبة للبنات، زواج الصغيرات (في أكثر الأحيان)، رؤية مناظر من هذا النوع في التلفاز، مقاهي الانترنيت، التجربة من خلال سماع الطفل أي شيء عن هذا النشاط (أحاديث الرفاق) أو (غيرهم)، قراءة بعض الكتب التي تتعرض لهذا الأمر (الأطفال الكبار). وتطرح الباحثة فتحية رشدي الأسئلة التالية (5) في هذا المجال فتقول:" هل يحدث هذا العنف لانعدام الجانب الإنساني فينا ؟ هل لاستسلام البعض منا لنزواته المريضة، ورغباته الشاذة؟ هل لانعدام الوازع الأخلاقي فينا؟ هل لضعف هؤلاء الأبرياء يتم استدراجهم لرغبات مكبوتة ودنيئة..
هل.. هل..؟ الأسئلة كثيرة وعديدة لكن علينا أن نجد حلاً، خاصة بعد استفحال هذه الظاهرة بصورة مخجلة".
فعلاً كل هذه الأسئلة مجتمعة هي أسباب وراء هذا العنف.

آثار العنف الجنسي:
أهم الآثار التي تظهر على الطفل نتيجة العنف الجنسي: أعراض جسدية غير مبررة،اضطرا بات عديدة تظهر على شكل قضم الأظافر مثلاً، الصداع، الشرود، التبول اللاإرادي (النكوص والعودة إلى السلوك الطفلي) مشاكل الدراسة (انخفاض المستوى الدراسي)، الانعزال والانطواء على الذات والانسحاب بعيداً عن الأسرة والأصدقاء والنشاطات وبخاصة عن الأهل لتجنب التحدث معهم في هذا الأمر، الاضطراب في النوم، الكوابيس، إيذاء الذات، آلام غير مبررة في الأماكن الجنسية والشرج، كثرة البكاء، محاولة الانتحار (الأطفال الأكبر سناً).
كما أن الطفل المعتدى عليه تنتابه المشاعر التالية:
أ‌- الخوف وعدم الرغبة في أشخاص معنيين:
1- ممن اعتدى عليه
2- من والديه أن يكتشفا الأمر وكأنه هو من ارتكب الجريمة وليس ضحية
3- الخوف من الاختلاف الذي حدث له في حياته
4- الخوف من حدوث مشاكل جديدة
5- الخوف من فقد من يحبهم.
ب - الحزن:
1- شيء ما أخذ منه بالقوة، شيء ما فقد بخاصة بالنسبة للإناث
2- فقده لطفولته
3- خيانته من شخص وثق به.
ج - تأنيب الضمير:
1- لم يستطيع إيقاف ما حدث، لأنه وافق منذ البداية على الاستسلام
2- لأنه حافظ على ما حدث سراً، ولم يبح به لأحد من أول مرة.
د - الإحساس بالعار:
1- لأنه شارك في هذا السلوك المشين، وربما استمتع جنسياً بما حدث (الإحساس هنا مزيج من الألم مما حدث والإحساس بالمتعة)
2- لأنه ربما مازال يحبّ من اعتدى عليه بسبب قربه من قلبه (الوالد مثلاً).
وإصابة الطفل بالعدوانية هنا قد تخلق لديه نوعاً من الانتقام، فيعتدي على آخرين، ويعيش في مرارة قاتلة، يمكن أن تتطور، وتصبح اكتئاباً أو أمراضاً نفسية أخرى. وتذكر الباحثة فتحية رشدي (6) "أن الطفل قد يصاب بأمراض عقلية، أو جسمية، وتنعدم ثقته بنفسه وبالآخرين، كما يمكن لهذا العنف أن يعصف بحياة الأطفال، ويغيّر اتجاهانهم وقناعاتهم، وقد يؤدي بهم إلى حياة الانحراف والإدمان على العقاقير".
وتصرخ الباحثة في النهاية.."إلى متى ستظل جرائم كهذه حبيسة أماكن ارتكابها؟ والى متى سيظل العديد من الأطفال يعانون العنف الجنسي؟".
لكل يعلم أن اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها كل دول العالم تقريباً، تلزم الحكومات بحماية الأطفال من كل أشكال العنف المادي والمعنوي (7).

ماذا بعد العنف الجنسي:
الخطوة الأولى والأهم إزالة حجاب التعتيم عن هذه الجرائم.
ترى الباحثة الدكتورة إيمان السيد (8):
1- لابد من عرض الطفل على طبيب نفسي لاسترجاع هذه التجربة المؤلمة معه بالتفصيل، حتى لا تظل مختزنة بداخله تحدث آثارها السلبية. وكل حالة من هذه الحالات تستدعي تدخلاً نفسياً مختلفاً، وانه ينبغي أن يوضح للطفل أن الشعور بالذنب لاداع له، وان عدم علمه بكيفية التصرف هو التي أدىّ لذلك، وأن الخوف شيء مقبول. ولابد من إشعار الطفل بالأمان من عقاب الوالدين (أي نقل الشعور إليه بأنه مجني عليه وليس جانياً).
وتنبغي ملاحظته ملاحظة دقيقة دون أن يشعر، لمنعه من التعرّض لأية مثيرات أخرى، والانتباه إلى أي شي غريب في سلوكه وتصرفاته، مع صرف انتباهه دائما ً، في حالة الشرود والسرحان، إلى نشاط ما، ومحاولة وضعه وسط الأسرة، ومنعه من الإنفراد ما أمكن.
2- لابد أن ينال المجرم عقابه بإبلاغ الشرطة أو السلطة المختصّة بالتعامل مع تلك الأمور، كي لا يهرب الجاني، لأن التعتيم على هذه الجريمة، يساعد المجرم وييسر له أن يعاود فعلها مرات عديدة، وفي أماكن أخرى، ومع آخرين، لأنه يعلم مسبقاً بتعتيم الأهل على كل ما يرونه عاراًُ (التأكيد على ضرورة تدريب كل الذين يتعاملون مع الأطفال في هذا الأمر. ذكر بعض الأمثلة).
وقبل الانتقال إلى حماية أبنائنا من العنف الجنسي، دعوني اتحدث قليلاً عما يسمى ب " سياحة جنس " على مستوى دول العالم، ثم انتقل إلى عرض نتائج دراسة عن العنف الجنسي في سوريـا، وهو الأهم بالنسبة لنا.
"سياحة جنس": (9)
جاء في تقرير السفارة الأمريكية في دمشق، المنشور في الانترنيت بتاريخ 14/حزيران / 2004 / معلومات عن الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال، تلك الظاهرة المتنامية اليوم. والمقصود بها الذين يسافرون من بلادهم إلى دول اخرى بهدف ممارسة الجنس التجاري مع الأطفال، الأمر الذي يسمى ب" سياحة جنس ".ومايدعم هذه الجريمة / وفق التقرير المذكور /ضعف تطبيق القانون، وشبكة المعلومات الالكترونية (الانترنيت)، وسهولة التنقل، والفقر.
يسافر عادة سياح جنس الأطفال من بلادهم إلى بلاد نامية، وعلى سبيل المثال: يسافر السياح اليابانيون من بلادهم إلى تايلاند، بينما يسافر الأمريكيون إلى المكسيك وأمريكا الوسطى، وغير ذلك..ونظراً لاستفحال هذه الظاهرة فإن المنظمات الحكوميـة، بشكل خاص، قد بدأت في مواجهة هذا الموضوع: انعقد المؤتمر العالمي الخاص بمكافحة الاستغلال الجنسي التجاري في استكهولم عام 1996، وفي يوكوهاما عام 2001 بهدف جذب الانتباه الدولي لهذه الظاهرة. وقد شكّلت منظمة السياحة العالمية لجنة عمل لمكافحة الاستغلال الجنسي التجاري، وأعلنت عن نظام انضباط عالمي عام 1999. ويذكر التقرير انه في السنوات الخمس الماضية هناك زيادة عالمية في ملاحقة جرائم سياحة الأطفال الجنسية. وتبنّت اليوم اثنتان وثلاثون دولة قوانين، خارجة عن نطاق التشريع الوطني، تسمح بملاحقة مواطنيها على الجرائم التي ترتكب من هذا النوع، في الخارج، بصرف النظر إذا كان فعل الشخص يعدّ جريمة في الدولة التي حدث فيها أم لا. وقد اتخذت عدة دول كفرنسا والبرازيل وايطاليا والسويد وكمبوديا واليابان خطوات في هذا المجال، منها ما يدخل في باب التوعية، ومنها ما يتعلق بمعاقبة المجرمين، فأعادت الولايات المتحدة، مثلاً، العام الماضي، العمل بقانون حماية ضحايا الاتّجار بالبشر، وقانون الحماية اللذين يمكن أن يدعما الوعي من خلال تطوير وتوزيع المعلومات الخاصة بسياحة جنس الأطفال، ورفع العقوبات لتصل إلى 30 عاماً من السجن.
وبشكل عام نجد أن المجتمع الدولي قد تنبهّ إلى هذه الظاهرة، وبدأ باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء عليها
ننتقل إلى بلدنا: هناك دراسة عن الاعتداءات الجنسية على الأطفال تمّت في مركز الطباعة الشرعية في حلب عام 2002 من قبل الدكتور محمد ضو / اختصاصي في الطبّ الشرعي، وفي الجراحة العامة.
اخترت العناصر التالية، وكلهاّ مستخلصة من الدراسة:

أهداف الدراسة:
1- التعرف على حجم هذه الظاهرة في بلدنا.
2- التعرف على كيفية تشخيص حالات الاعتداء.
تم تقسيم الفئات العمرية إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى من عمر (0-8) سنة، والمجموغة الثانية من عمر (8- 15) سنة، والمجموعة الثالثة: من عمر (15 – 18) سنة.
وتوزعت حالات الدراسة حسب الأسس التالية:
1-حسب الجنس: ذكور، إناث
2- حسب الفئات العمرية
3- حسب نوع الاعتداء
4- حسب علاقة المعتدي بالطفل المعتدى عليه
5- حسب الحالة التعليمية للطفل المعتدى عليه: قبل سنّ المدرسة، لايتابع الدراسة، يتابع الدراسة
6- حسب التوزع الجغرافي لسكن الطفل: ريف، مدينة
7-حسب الحالة الاقتصادية لأسرة الطفل المعتدى عليه
8- حسب الأعراض والعلامات النفسية المشاهدة أثناء الفحص: خوف من الحديث، خوف من الفحص، عدم معرفة لما حدث
9- حسب عمر المعتدي
10- حسب مكان الاعتداء: مكان عمل الطفل، مكان عام، الحي، منزل الطفل
11- حسب تكرار الاعتداء
12- حسب الوضع العائلي للمعتدي: عازب، متزوج،
13- حسب عمل المعتدي: عاطل عن العمل، عمل مؤقت، عمل ثابت
14- حسب السوابق الانحرافية للمعتدي.

نتائج الدراسة:
بلغ عدد المراجعين لمركز الطباعة /11665/ حالة، وبلغ عدد حالات العنف / 8350/ حالة، وبلغ عدد حالات العنف ضد الأطفال /1945/ حالة أي ما نسبتها 23.3 ? من مجموعات حالات العنف الكلي، وبلغ عدد حالات العنف الجنسي /249/ حالة أي ما نسبتها 12.8?، وحالات العنف الجسدي /1696/ حالة أي مانسبته 87.2?.
قراءة في النتائج:
1- ان الحالات المبلغ عنها لا تشكل سوى نسبة لا تتجاوز الـ 15? من نسبة الحوادث الفعلية (حساسية الموضوع في مجتمع محافظ).
2- أن أغلب حالات الاعتداء تتم من قبل أشخاص يفترض أن يؤمّنوا الحماية للطفل، وفي أماكن يفترض أن تكون المكان الآمن للطفل.
3- أن حوالي ثلث الحالات يتم تكرار الاعتداء على الطفل، دون وضع حد لذلك
4- ان ثلاثة أرباع الحالات يكون الطفل متسرباً من المدرسة / ظاهرة التسرب وعمل الأطفال/.
5- ان الحالة الاقتصادية السيئة لعائلة الطفل المعتدى عليه قد تعرضه لإغراءات ذوي النفوس الضعيفة من المعتدين، دون أن يدري طبيعة ما يتعرض له.
6- ان النسبة الأكبر من حالات الاعتداء حصلت في المدينة، وتحديداً في الأحياء الشعبية المكتظّة في أطراف المدينة، بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تسود في هذه المناطق.
7- ان غياب التوعية والثقافة الجنسية في المجتمع يجعل الكثير من الأطفال يتعرضون للاعتداء دون أن يعرف إنهم تعرضوا للاعتداء.
8- ان التعامل مع الطفل المعتدى عليه أثناء الفحص يجب أن يتم بهدوء وحكمة، لأن الطفل قد ينسى الاعتداء، ويتذكر لحظة الفحص، التي قد تسبب له أزمة نفسية قد تفوق ما يسببه الاعتداء نفسه.
9- ان العقوبات غير الرادعة بشكل كاف تدفع بعض المعتدين إلى تكرار اعتداءاتهم.
10- إن الظروف الاقتصادية السيئة، وتأخر سن الزواج، وعدم وجود مراكز لعلاج المعتدي من الناحية النفسية، كلّها عوامل تؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة. انتهت الدراسة.
كيف نحمي أبناءنا من العنف الجنسي، كيف نربيهم تربية جنسية:
اعتمدت في هذه الفقرة على الدكتورة أمل المخزومي، والدكتورة ايمان السيد
تذكر الدكتورة المخزومي (10) مجموعة نقاط نستطيع من خلالها أن نجنب أطفالنا من الوقوع في التحرش الجنسي. تقول: " علينا بتوعية الأبناء منذ الصغر، وبشكل صريح بعيد عن الابتذال والتطرف في الصراحة، وأن تكون التوعية حسب عمر الطفل مبسطة جداً مع الصغار، وبتوضيح أكبر مع الكبار، ونقطة أخرى لاتقل أهمية، وهي عدم السماح للأطفال أن يناموا في فراش واحد، وكذلك علينا مراقبتهم أثناء اللعب خاصة عندما يختلون بأنفسهم... ولا يجب أن نسمح للأطفال الصغار باللعب مع الكبار والمراهقين لئلا يحدث المحذور عن طريق الاستغلال والاعتداء والانحراف " وتضيف بأنه " ينبغي على الوالدين الحرص والحذر الشديد أثناء ممارسة العلاقة الجنسية فيما بينهما، وان يسيطرا على كل مجال يتيح التلصص لأبنائهما، أو سماع صوتهما، لأن حب الاستطلاع لدى الأبناء بهذا الخصوص يكون شديداً جداً ".
أما الدكتورة ايمان السيّد (11) فتقول أن حماية الأطفال تبدأ من:
1- التثقيف الموجه والمعلومة الصحيحة، وكلاهما لن يتمّا إلا في جو حميمي من الصداقة مع الطفل / الطفلة منذ أيامه الأولى، ومنحه الثقة بنفسه وبوالديه، وإشعاره بالأمان في أن يسأل، ويعرف، ويتطرّق لكل الموضوعات مع والديه.
2- توعية الطفل / الطفلة بضرورة أن يروي للوالدين كلّ غريب يتعرض له، مع تعويده على مسألة رواية أحداث يومه لأسرته بانتظام.. في مرح وسعادة على مائدة الطعام، هذا بخلاف الأوقات الخاصة، التي يجب أن يخصصها الأب والأم، كل على حده، لكل طفل منفرداً ليتحدّث كل منهما معه عن آماله وأحلامه، ومخاوفه، ومشاكله دون حواجز، وذلك ان لم يكن بصورة يومية فعلى الأقل كل يومين أو ثلاثة.
وهناك أمور أخرى تركّز عليها الدكتورة ايمان هي:
1- إشعار الطفل / الطفلة بالأمان التام في ان يروي تفاصيل أي موقف دون عقاب أو زجر.
2- محاولة إيجاد فرص متنوعة لأنشطة وهوايات ورياضات يمارسها الطفل من سن صغيرة ويتطور فيها.
3- ملاحظة الطفل باستمرار دون اشعاره بالرقابة الخانقة – ومتابعة ميوله في اللعب، وطريقة وأنواع لعبه، مع عدم السماح للخدم والسائقين بالانفراد به مطلقاً، والسماح لهم بالتعامل معه تحت نظر الوالدين، بعيداً عن الأماكن المغلقة.
4- حماية الطفل من مشاهدة قنوات فضائية، أو مجلات، أو أي مواد إعلامية غير مناسبة، مع غرس وازع رفض كل مالا يحبه الله (والدين في بلدنا يلعب دوراً ايجابياً هامّاً في الحماية من هذه الجرائم. توضيح هذا الأمر).
أما عن عملية تثقيف أطفالنا جنسياً فترى الدكتورة ايمان: ان هذا التثقيف ينبغي أن يتلاءم
مع أعمار الأطفال. فالطفل من عمر (2-5) سنوات أنسب ما يجب ان يتعلمه أمران:
1- الفرق بين اللمسة الصحية واللمسة غير الصحية.
2- خصوصية أجزاء جسمه، واختلافها عن بعضها البعض.
والتحدث مع الطفل في هذا الموضوع ينبغي ان يبدو تلقائياً، هذا أمر مهمّ بالنسبة للتربية الجنسية للطفل بشكل عام. ويمكن ان تساق هذه المعلومة من خلال حوارات بين الأم وطفلها، فهو الآن كبير وينبغي ألا يطلع أحد على كل جسمه، كما هو الحال عندما كان صغيراً.. حوار آخر حول أجزاء الجسم بشكل عام بداية من العين، والرقبة والرأس والأذن والصدر، وكيف أنها كلها أجزاء جميلة وظاهرة من جسمـه، وإنها تختلف في الرجل عـن المرأة، فشعر "ماما" طويل، وشعر "بابا" قصير، ويده كبيرة ويد "ماما" أصغر.. وهكذا.. ثم يتم لفت نظره، بشكل غير مباشر، إلى أن أعضاءه التناسلية هي من أجزاء جسمه، وينبغي أن يحرص جداً على النظافة في التعامل معها..
وتُوضح له اللمسة الصحية، بانها لا تسبب آلاماً أو أمراضاً، وهي ما يمكن أن يحدث من "ماما" أثناء تغيير الملابس مثلاً ، أو من "بابا" عندما يصافح ويسلمّ ويقبّل بعد عودته من العمل، أومن الأقارب حين يصافحوننا ويحييوننا، ويكون اللمس الصحي لليدين والكتفين والذراعين، وبصورة سريعة، ودون الحاجة لكشف أيّ جزء من الجسم، أو رفع الملابس عنه. أما اللمسة غير الصحيـة فهي التي تسبب نقل الأمراض بسبب عـدم الالتزام بالقواعد الصحيـة، أو بشروط اللمسة الصحية.
وينبغي أن تعلمّ الأم الطفل / الطفلة إن لكل من أجزاء جسمه المختلفة وظيفة يؤديها، وطريقة سليمة للتعامل معها، كما أن هناك أجزاءً من هذا الجسم لا تصلح لأن يتعامل معها أو يلمسها أو يراها أحد سواه (الأعضاء التناسلية) لأنها ملكه وحده.
أما مع الأبناء من عمر (6- 12) سنة يتطور أسلوب توعيتهم للوقاية من العنف الجنسي، في هذا العمر، عن سنواته الأولى، حيث يتوسع الشرح بشكل علمي، ويوعّي الطفل بان يقاوم ويستغيث، وان يروي لوالديه عن أيةّ محاولات، أو تصرفات غير طبيعية يحاول أحد فعلها معه.
وأخيراً من الأهمية بمكان تقوية أواصر الصداقة الحميميّة مع الأبناء، حيث لا يسمح للأسرار، بعد ذلك أن تحتل مكاناً بينهم.

 الحواشي
_____________________
(1): وقاية الأطفال من سوء المعاملة / الباحثة سامية محمد
(2): التحرش الجنسي بالأطفال / التعريف والأسباب، الوقاية والعلاج / د. ايمان السيد
(3):وقاية الأطفال من سوء المعاملة / سامية محمد
(4): اغتصاب الأطفال جريمة في تزايد.. فهل من حلّ / فتحية رشدي
(5): المصدر السابق
(6): اغتصاب الأطفال جريمة في تزايد... فهل من حل /فتحية رشدي
(7): تقرير منظّمة حقوق الإنسان / 28سبتمبر / 2002
(8): التحرّش الجنسي بالأطفال / التعريف والأسباب، الوقاية والعلاج / الدكتورة ايمان السيّد
(9): تقرير عن الاتجّار بالأشخاص / السفارة الأميريكية في دمشق / 2. / شباط / 2004
(1.): الدكتورة أمل المخزومي من خلال بحث اغتصاب الأطفال جريمة في تزايد..فهل من حل /الباحثة فتحيّة رشدي
(11): التحرّش الجنسي بالأطفال / التعريف والأسباب، الوقاية والعلاج / الدكتورة ايمان السيّد

المصادر:
__________
1- ملتقى حماية الطفل من العنف والأذى / مؤسسة " قوس قزح " لطفولة أفضل / دمشق من / 9-11 / كانون اول / 2004
2-من مواقع الانترنيت:
- مركز الدراسات امان، المركز العربي للمصادر والمعلومات، حول العنف ضد الأسرة
- التحرش الجنسي بالأطفال / التعريف والأسباب، الوقاية والعلاج / المادة العلمية الدكتورة ايمان السيد – اعداد: أ. دعاء ممدوح / الحوار المتمدّن العدد: 837 تاريخ 17 / 5 / 2004
- اغتصاب الأطفال جريمة في تزايد.. فهل من حل / الباحثة فتحية رشدي / العنف ضد الأطفال
الحوار المتمدن، العدد: 856، ناريخ 6/6 / 2004
- الإعتداءات الجنسية على الأطفال / د محمد ضو، أخصائي في الطب الشرعي، أخصائي في الجراحة العامة / دراسة في مراكز الطبابة الشرعية في حلب / لقاء " قوس قزح " دمشق / 2004
- العنف الجنسي ضد الأطفال 8 / تموز / 2002/ الكتور أحمد جمال أبو العزايم، الرئيس المنتخب للإتحاد العالمي للصحة النفسية / مجلة النفس المطمئنة العدد: 62 / نيسان / 2002
- اغتصاب الأطفال / الباحث ادريس ولد القابلة / العنف ضد الأطفال / الحوار المتمدّن العدد: 743 / تاريخ 12 / 2 / 2004
- تقرير عن الاتجار بالأشخاص، 14 / حزيران /2004 / السفارة الاميركية في دمشق، حقائق تتعلق بسياحة جنس الأطفال، منشور في الانترنيت.
- تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان – فريسة سهلة: ممارسة العنف ضد الأطفال في جميع انحاء العالم / 28 / سبتمير / 2001.

7/8/2005

مرمريتا دوت كوم

 

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon