مزيد من الخدمات للمهاجرات ضحايا العنف

بوفالو، نيويورك..
تعرضت ماري، التي ما زالت تستخدم اسما مستعارا، ولسنوات عديدة لسيل من الشتائم والاعتداءات الجسدية على يد زوجها الغيور.

فبعد انقطاع صلاتها بالأهل والأصدقاء عقب هجرة الزوجين من أوروبا الشرقية إلى أمريكا في أوائل التسعينات، باتت ماري قلقة بشأن ما إذا كانت ستكمل إجراءات الحصول على الجنسية الأمريكية وحضانة طفليها في حال انتهى الأمر بها إلى الطلاق من زوجها. ولم يكن بوسعها أن تتحدث بالإنجليزية بسهولة. كما أنها كانت قلقة إزاء تدبير الأمور المعيشية لها ولطفليها في حال الطلاق.

وكانت ماري تقدم كل ما كانت تكسبه من عملها في تنظيف البيوت إلى زوجها، ولم تكن لديها من ثمّ مدخرات خاصة بها. إضافة إلى ذلك لم تكن لها دراية واسعة بتدبير الأمور المالية للأسرة.

وتتذكر ماري، قائلة: " كان هناك الكثير من الأمور التي يتعيّن التعامل معها. وفي كل مرة فكرتُ فيها في ترك المنزل، كانت المخاوف من الأخطار ومن حالة عدم اليقين تغمرني. لقد بدا الأمر مستحيلا تماما."

وقبل ثلاث سنوات، قامت زميلة في العمل بتشجيع ماري على السعي للحصول إلى معونة خارجية عبر الفرع المحلي لمنظمة الشابات المسيحيات. ومن هناك، تم توجيهها إلى جهات قدمت لها المشورة القانونية والنفسية ما ساعدها في إيجاد سبيل للخروج من زواجها المتسم بالعنف.

وتعمل ماري الآن مساعدة إدارية في مكتب مشغول على الدوام وتتابع بعض المساقات المسائية في جامعة بوفالو حيث تسعى للحصول على شهادة في إدارة الأعمال فيما تحاول التوفيق بين عملها ودراساتها ونشاطات أولادها غير المدرسية.

تقول المرأة البالغة من العمر 36 عاما إنه " وضع مجنون بعض الشيء، لكنه رائع."

قصص كثيرة مشابهة

وتتزايد القصص الشبيهة بقصة ماري في أرجاء مختلفة من البلاد فيما بدأت النساء المهاجرات اللواتي يعانين من العنف المنزلي يتخذن خطوات لوقف العنف ضدهن، يساعدهن في ذلك الزيادة الكبيرة في المعونة المقدمة لهن. تقول ليزلي أورلوف مديرة برنامج النساء المهاجرات في منظمة ليغال مومينتوم، وهي منظمة قانونية قومية تدافع عن حقوق النساء مقرها مدينة نيويورك: " قبل عام 1993، لم تكن هناك أكثر من 50 منظمة تقدم المعونة للمهاجرين في كافة أرجاء البلاد. أما الآن، فهناك أكثر من 3,000 منظمة. والتحدي الحقيقي في هذا الصدد هو أن قدرة النساء المهاجرات على الخروج من علاقات تتسم بالعنف تواجه الكثير من العراقيل، ولذا ينتهي بهن الأمر للبقاء محشورات في هذه العلاقات لفترات أطول."
وقد ولّدت المبادرة الفيدرالية الأولى لحماية ضحايا العنف المنزلي، أي قانون 1994 لحماية النساء من العنف والذي خُصص له 1.6 بليون دولار، الكثير من البرامج الجديدة المتوفرة الآن، خاصة بعد عام 2000، حينما قام الكونغرس بتعديل القانون ليقدّم خيارات قانونية للنساء المهاجرات بغض النظر عن وضع المعتدي عليهن بالنسبة لدائرة الهجرة. هذا وينظر الكونغرس في توسيع نطاق القانون أكثر. ومن المقرّر أن يتم التصويت عليه في شهر سبتمبر القادم.

مسببات مشابهة

تواجه الأسر المهاجرة مسببات مشابهة للعنف المنزلي مثل الولادة الوشيكة لطفل أو فقدان الوظيفة فجأة وإدمان الكحول أو المخدرات، مثلها في ذلك مثل أية أسرة أمريكية. لكن المهاجرين يواجهون أيضا عوائق لغوية وثقافية واجتماعية تجعلهم يشعرون بالعزلة فيما يكافحون من أجل بناء حياة جديدة.

تقول ماري شوغان منسقة خدمة الزبائن لبرنامج العنف المنزلي في المعهد الدولي في بوفالو: " إننا نتحدث عن أناس كانوا أطباءً أو محامين في بلدانهم الأصلية يتعيّن عليهم بدء حياتهم من جديد فيما قد تصبح النساء اللائى كن يعتمدن على أزواجهن في السابق مستقلات ويكسبن دخلا."

هذا ويقدم المعهد الدولي المعونة لعشرات الأسر المهاجرة كل سنة من خلال تعليم اللغة الإنجليزية وتوفير خدمات الترجمة بـ75 لغة، وتوفير خدمات الاستشارة النفسية وغيرها. وتردف شوغان بالقول: " إن أوضاعا كهذه قد تولّد الكثير من التوتر والغضب والكراهية داخل الأسرة الواحدة."

وتمضي شوغان، قائلة " تتغير دينامية الأسرة كلها، ويزداد الإحباط إضافة إلى المصاعب اللوجستية خارج المنزل. والشيء الوحيد الذي يسيطر عليه الرجل في هذه الحال هو الأسرة حتى لو كان ذلك يعني التحكم فيها من خلال العنف."

وفي حالات إساءة المعاملة المُثبتة، بوسع المرأة المتزوجة من مواطن أمريكي أن تتقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية بموجب قانون حماية النساء من العنف. أما المرأة المتزوجة من غير المواطن، فبوسعها التقدم بطلب للحصول على "تأشيرة يو" التي قد تمنحها وضع مقيم دائم بصفة قانونية واحتمال الحصول على الجنسية الأمريكية في نهاية المطاف طالما أنها تتعاون مع السلطات في التحقيقات الجنائية وغيرها في العنف المُفترض أنها تعرضت له.


تمويل إمكانية الوصول إلى الخدمات

تتوفر لدى المدافعين عن حقوق النساء المهاجرات اللواتي يتعرضن للاعتداءات الجسدية قائمة بمقترحات لتحسين الأوضاع التي يرغبون في أن تُدرج في النسخة التالية من قانون حماية النساء من العنف. وتشمل القائمة تدريبا أفضل للعاملين في أجهزة تنفيذ القانون، والمزيد من استشاري الخدمات النفسية والمترجمين وخدمات أفضل من حيث التعيين في وظائف وخدمات إسكان أفضل.

وتأتي دروس تعلم اللغة الإنجليزية والتدريب الوظيفي والحفاظ على الوظائف في أعلى قائمة الخدمات التي تستفيد منها النساء المهاجرات ضحايا الاعتداءات الجسدية، حيث تكون هذه الخدمات متوفرة، وفقا لاستطلاع أجرته منظمة المدافعين عن الحقوق المتساوية ومقرها سان فرانسيسكو. وقد أشارت 25 في المائة من المشاركات في الاستطلاع إلى أن عدم معرفتهن باللغة الإنجليزية كانت عائقا أمام حصولهن على الخدمات والعمل.

تقارير حول استمرار الثغرات

إساءة المعاملة مشكلة شائعة بالنسبة للنساء من كل الأعراق. ويقول المدافعون عن حقوق المرأة إن الدراسات تُظهر بشكل ثابت أن ما بين 32 في المائة و49 في المائة من النساء يتعرضن لسوء المعاملة في مرحلة ما من حياتهن. ويكمن الفرق في رغبتهن في الإبلاغ عن تعرضهن للعنف وطلب المساعدة من السلطات المختصة.

وفيما تقوم 55 في المائة من النساء الأمريكيات بالإبلاغ عن العنف عند التعرض له، وفقا لوزارة العدل، فإن المعدل بالنسبة للنساء المهاجرات التي لهن وضع قانوني بالنسبة لدائرة الهجرة أعلى من 30 في المائة بقليل. في المقابل، تقوم 14 في المائة فقط من النساء المقيمات بصورة غير قانونية بإخطار السلطات المختصة عن تعرضهن لإساءة المعاملة.( في حين أن البقية الباقية من النساء المقيمات بصورة غير قانونية يسعين للحصول على المساعدة بصورة سرية من منظمات المعونة والأسرة والأصدقاء بدلا من القنوات الرسمية.)

ولما كانت التقديرات تبيّن أن 27 في المائة من سكان الولايات المتحدة بحلول 2040 ستكون من المهاجرين وأطفال المهاجرين، فإن هذه المشكلة تقض مضاجع العاملين في مكافحة العنف المنزلي.

تقول شوغان من المعهد الدولي في بوفالو: " لقد أُدخلت تحسينات للتعامل مع هذه المسألة. ففيما تتزايد أعداد المهاجرين، تزيد الحاجة للخدمات أيضا. وسيكون من الضروري أن نعمل كثيرا لنكون متقدمين عن هذه المشكلة بخطوة."

جولييت ترزييف صحافية مستقلة تقيم حاليا في بوفالو، نيويورك. وقد سبق لها العمل لصحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل ونيوزويك وسي أن أن إنترناشيونال وصانداي تايمز اللندنية أثناء فترات إقامتها في البلقان والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

8/2005
ومينز إي نيوز

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon