ملخص تقرير وضعية المرأة الفلسطينية (2-6)

حسب اتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة

الحقوق السياسية والعامة للمرأة الفلسطينية من خلال النظر إلى المواد (7،8،9 و15) من الاتفاقية
يتطرق هذا التقرير الى تقييم وضعية المرأة الفلسطينية فيما يتعلق بحقوقها السياسية والمدنية من خلال عرض الواقع ووصف الفجوة بينه وبين ما تتوخاه اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "اتفاقية سيدلو" من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية حيال حقوق المرأة. وينظر الى المواد 7، 8، 9، 15 من الاتفاقية كمرجعية لدراسة وتحليل وضعية المرأة الفلسطينية فيما يتعلق بحقوقها السياسية والمدنية.. وتتطرق هذه المواد بشكل عام الى حقوق المرأة في التصويت، الترشيح والاشتراك في الانتخابات العامة في بلدها. كما تنظر الى مكانة المرأة في شغل الوظائف العامة، والمشاركة في المؤسسات الغير الحكومية. أما المادة (8) فتنظر إلى الفرص المتاحة أمام المرأة لتمثيل حكومتها على المستوى الدولي. أما المادة (9) تنظر إلى الحق المتساوي في الحصول والاحتفاظ في الجنسية وأخيرا المادة (15) تتطرق إلى قضية المساواة أمام القانون والى الأهلية القانونية للمرأة والى الحق في الحركة واختيار مكان السكن.
المرأة الفلسطينية وحقها في الترشيح والتصويت (المادة 7 – أ)
مارس الشعب الفلسطيني لأول مرة في تاريخه حقه في إجراء انتخابات عامة حيث توجه في عام 1996 (في العشرين من كانون الثاني) أكثر من مليون فلسطيني من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة) الى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي والرئيس. وتتميز هذه التجربة ليست فقط بكونها الأولى بل أيضاً بمشاركة النساء فيها.
وإذا نظرنا الى هذه التجربة نجد انه بلغ مستوى تسجيل النساء في القوائم الانتخابية حوالي 49% من إجمالي المسجلين1[1]، وتعتبر هذه النسبة جيدة جداً إلا انها لم تبقى هكذا عند الانتخاب حيث كانت النسب كالتالي : 58% ذكور و32% إناث2[2] وهذا يعني ان نسبة التسجيل العالي لا تعني بالضرورة أن نسبة عالية من النساء يقمن بممارسة حقهن في الانتخاب هذا من جهة، أما من جهة ثانية يدل الاختلاف في النسب أن هناك عوائق حقيقية تحول دون ممارسة المرأة حقها في الانتخاب سنوردها لاحقاً في التقرير. وهذا عكس ما جاء في المادة (7 – أ) حول حق المرأة في الاشتراك في الانتخابات العامة، وكلمة اشتراك هنا تعني الاشتراك بكافة مراحل العملية الانتخابية.
أما بالنسبة للترشيح فكان هناك 28 امرأة مرشحة مقابل 676 رجل، أي 15،4% من إجمال عدد المرشحين، نجحت منهن 5 نساء، أي ان المجلس التشريعي الفلسطيني يتكون من 83 رجل و5 نساء.
قانون الانتخابات كعائق أمام المرأة في مجال الترشيح والانتخابات:
أثر النظام الانتخابي الذي اتبع حسب قانون الانتخابات، في تقليل الفرص أمام المرأة لتحقيق فوزاً أفضل في الانتخابات، وذلك لاحتوائه على نظم الدوائر المتعددة وليس الدائرة الواحدة، كما ارتكز على الأكثرية البسيطة. وهذا يعني أن ربع مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة الستة عشر خصص لها مقعد أو مقعدين في المجلس3[3]. أن العدد المحدود المخصص لكل من هذه الدوائر خفض بدرجة كبيرة إمكانية، أو حتى التفكير الجدي لدى الاحزاب السياسية بترشيح النساء اعتقاداً منهم بأن فرص الرجال أعلى من فرص النساء للفوز.
أيضا هناك أسباب مهمة أثرت في عدم نجاح النساء في الانتخابات بالاضافة الى قانون الانتخابات وهي العشائرية،والرؤيا السياسية الضيقة واعطاء الشرعية للحزب الواحد. 4[4]
كما أن نظام الأكثرية الذي يعمل على تعزيز التهميش للأحزاب والحركات السياسية الغير مشاركة في السلطة. هذا بالإضافة الى أن القانون الحالي هو نتيجة النقاشات والمفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية (حسب اتفاق أسلو فلا يتم العمل بأي قانون بدون موافقة الجانب الاسرائيلي). فهذا القانون يعكس الوضع الفلسطيني في المفاوضات الجارية، وهذا حسب الاتفاقات الثنائية الخاصة بالمرحلة الانتقالية.
اشغال المناصب العليا على المستوى الرسمي:
نلاحظ من الإحصائيات المتوفرة من مصادر محلية (دائرة الاحصاء الفلسطينية، وكتابات محلية) الى تدني نسبة مشاركة المرأة في المناصب الإدارية العليا، ويعني هذا استبعادهن من مراكز صنع القرار الإداري على المستوى الرسمي، وبالرغم من أنهن يمثلن 13% من كافة العاملين في الوظائف الإدارية، فإنهن يشكلن ما نسبته 3% فقط من الموظفين في مراكز صنع القرار "كالمشرعين وموظفين إدارة عليا" وذلك حسب إحصاءات دائرة الإحصاء المركزية5[5].
وعند الاطلاع على المادة (7- ب) من الاتفاقية والتي تتطرق إلى حق المرأة في المشاركة في صياغة سياسات الحكومة وبتنفيذها، وشغل الوظائف العامة نجد الفجوة الواضحة ما بين الواقع الحالي وما بين حق المرأة في التمتع في هذه الحقوق. خاصة وان طريقة وأسلوب التوظيف الحالي لا يأخذ بعين الاعتبار الكفاءة، كما لا تتوفر أنظمة إدارية واضحة لتقلد هذه المناصب. و حسب المادة (7- ب) من الاتفاقية على الدولة ان تعمل على إزالة العراقيل أمام المرأة لتمكينها من ممارسة هذه الحقوق بحرية، كما عليها أن تعمل على إيجاد أجواء مناسبة سواء من خلال استخدام نظام التخصيص في التوظيف (الكوتة) أو من خلال اتخاذ إجراءات "التمييز الإيجابي" في التوظيف. وتتجلى هنا الفجوة ما بين الواقع وما بين الاتفاقية.
وفي مجال آخر، بالنسبة للنساء المعينات في الهيئات المحلية المختلفة مثل المجالس القروية، المجالس البلدية، لجان المشاريع في القرى الصغيرة، يبلغ عدد النساء مقارنة مع الرجال 13 امرأة من مجموع 3081 6[6].
أما بالنسبة للنساء في الجهاز القضائي، فهناك 3 قاضيات يعملن في السلك القضائي، واحدة في محكمة الأحداث، والثانية في محكمة الصلح وتعمل على قضايا السير وحوادث السير والثالثة في غزة. أما بالنسبة للمحاكم الشرعية فلا توجد أي امرأة قاضية، والحال نفسه في القضاء العشائري.
تمثيل النساء على المستوى الدولي الرسمي والغير رسمي.
بعد القيام ببحث بسيط تبين انه يوجد امرأة واحدة فلسطينية بمنصب سفيرة، وامرأة اخرى بدرجة سفير ناهيك عن عضوات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية (أحد فروع منظمة التحرير الفلسطينية) اللواتي تم تعيينهن من قبل الرئيس مباشرة واللواتي ينتدبن لتمثيل المرأة الفلسطينية على مستويات رسمية وغير رسمية.
أما بالنسبة لتمثيل المرأة الفلسطينية على مستوى المنظمات الدولية غير الحكومية فيمكن الحديث عن العشرات من النساء الفلسطينيات اللواتي يمثلن فلسطين من خلال نشاطهن وعملهن في منظمات أهلية على المستوى الدولي، ولكن للأسف لا توجد هناك إحصائيات أو دراسات حول هذا الموضوع.
المرأة في الأحزاب
أن مكانة المرأة الفلسطينية في الجهاز السياسي للأحزاب والحركات السياسية هي قليلة جداً مما يؤدي بالتالي إلى انعدام فرصتها في المشاركة في الهيئات الحكومية والتشريعية بما أن أشغال هذه المناصب لا يأتي الا من خلال الأحزاب وليس من خلال نظام إداري واضح ليتم التوظيف حسب معايير معينة متفق عليها. كما أن المؤسسات الأهلية في وضعها الحالي قد تسهل في عملية الاشتراك في المجال السياسي إلا إن الأحزاب تبقى هي الرافد الأساسي والوحيد.
وكما تبين لنا دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية7[7] حول تمثيل النساء في اللجان المركزية في 4 من الأحزاب الفلسطينية (فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديمقراطية، والحزب الشيوعي) هو ان نسبة النساء هي أعلى لدى الأحزاب اليسارية، إلا ان تأثير هذه الأحزاب على الحياة السياسية الفلسطينية من حيث صنع القرار السياسي هو أقل من تأثير حركة فتح وهي الحركة التي تحتوي على أقل نسبة من النساء في هيئاتها العليا. وهنا أيضاً لم تتوفر الإحصائيات حول نسبة النساء في المناصب العليا لدى جميع الأحزاب الفلسطينية.
في موضوع الجنسية (المادة 9)
قدمت السلطة الوطنية الفلسطينية مسودة أولى "لمشروع قانون الجنسية الفلسطينية لسنة 1995". واستندت المسودة الى القرار رقم (1) لسنة 1994 الذي يقضي باستمرار العمل بقوانين والأنظمة والأوامر التي كانت سارية المفعول قبل تاريخ 5/6/1967 في الأراضي الفلسطينية "الضفة الغربية وقطاع غزة" …. واستند أيضاً على مراسيم الجنسية الفلسطينية الموحدة لسنة 1925 وسنة 1941 وتعديلاته الساري المفعول في قطاع غزة، كما استند الى قانون الجنسية الأردنية رقم (6) لسنة 1945 وتعديلاته الساري المفعول في الصفة الغربية8[8].
قانون الجنسية الساري المفعول في الضفة الغربية يتعارض مباشرة مع المادة (9) من اتفاقية "سيداو" فالقانون المطبق حالياً على النساء الفلسطينيات يشكل خرقاً واضحاً وصريحاً لحق المرأة في الحصول على الجنسية وإعطاء الجنسية لأطفالها. فلا يحق للمرأة الاحتفاظ بجنسيتها بشكل تلقائي إذا تزوجت من غير فلسطيني وحصلت على جنسية زوجها إلا بعد ان تتقدم بطلب كتابي لوزير الداخلية خلال سنة من زواجها.
ومن جهة ثانية لا يوجد أي مادة في القانون حول حق المرأة باحتفاظ باسم أهلها بعد الزواج، كما لا يوجد أي مواد حول إلزامها على حمل اسم عائلة الزوج بدل من اسم أهلها، ولكن يتم تغيير اسم العائلة للمرأة المتزوجة دون ان يكون هناك لها الخيار.
المساواة في المسائل القانونية والمدنية مادة (15)
المادة (15 أ-ب-ج) من الاتفاقية على مساواة المرأة بالرجل في كافة المسائل القانونية والمدنية، وعلى مسؤولية الدول بضمان المساواة للمرأة في القانون المدني في المجالات المختلفة. ففي (المادة 15-أ) يوجد تأكيد على مساواة المرأة بالرجل أمام القانون. ويأخذ هذا التأكيد عدة أشكال مثل المساواة في إبرام العقود، المساواة في حيازة و إدارة الأملاك (15-ب)، وتعتبر هذه المادة جميع الصكوك والعقود التي لها أثر قانوني يحد ويقيد الأهلية القانونية للمرأة لاغية (15-ج). وهذا، بمعنى آخر يعني أيضاً ضرورة إلغاء أي قوانين أو سياسات تحول دون تحقيق المرأة المساواة في هذه وغيرها من المجالات.
أما على الصعيد الفلسطيني فمن الواضح أن المشرع الفلسطيني اليوم آخذ مبدأ المساواة بأكثر جدية ممن سبقوه من المشرعين الأجانب (العثمانيين، المصريين، الأردنيين، البريطانيين والإسرائيليين). منذ الإعلان عن وثيقة إعلان الاستقلال تلت الوثائق والالتزامات من قبل السلطة الفلسطينية بالاعتراف بالمساواة بين الرجل والمرأة (القانون الأساسي، إعلان الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، …).
أما القانون الفلسطيني الأساسي ينص في الباب الثاني بند "الحقوق والحريات العامة" المادة (9) : الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة.
المساواة في إبرام العقود وحيازة وإدارة الممتلكات (15-ب-ج)
في هذا الصدد نجد التناقض الواضح في بعض أحكام القانون التي تطبق على المرأة الفلسطينية، حيث إنها تنتقص من أهلية المرأة في بعض الأحيان (مثل أحكام الولاية في الزواج، ضم الأنثى) ويعتبرها في الأحيان الاخرى كاملة الأهلية رغم عدم بلوغها سن الرشد القانوني (حيث يعتبر بلوغ الخامسة عشرة من العمر محققاً لشرط أهلية الزواج وفقاً لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ9[9])10[10].
ان الواقع الحالي لهذه الحقوق العادات والتقاليد المجتمعية هي التي تحكم وتحدد مدى أهلية المرأة ومدى "قدرتها" على إبرام الصفقات المالية وإدارة الأملاك، ويعتبر هذا مرة أخرى تحدي أمام السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل العمل على تغيير السلوكيات والتخلص من الموروث الثقافي والعادات التي تحول دون أخذ المرأة بحقوقها الكاملة كمواطنة من الدرجة الاولى قادرة على ان تكون لها ذمة مالية مستقلة وتباشر أعمالها بنفسها وتقوم بإبرام العقود دون وصاية من أحد عليها..
التوصيات
انطلاقاً من وثيقة الاستقلال ندعو منظمة التحرير الفلسطينية الى ممارسة التمييز الإيجابي لصالح المرأة والالتزام بما ورد في الوثيقة.
دعوة الأحزاب والقوى السياسية الى إبراز قضايا المرأة في خطابها الحزبي وفي أدائها وبرامجها وتوسيع مشاركة في الأطر القيادية على مختلف المستويات والعمل على استقطابها وتحفيزها للالتحاق بصفوفها.
تفعيل دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية من خلال رفده بالكفاءات على قاعدة الانتخابات الديمقراطية وفق مبدأ التمثيل النسبي وتخصيص موازنات خاصة به تؤهله لتطوير أداءه.
دعوة مؤسسات المجتمع المدني الى تعزيز مشاركة المرأة في أطرها القيادية وفي مركز صنع القرار.
ضمان نظام الكوتة في قانون انتخابات المجلس التشريعي وكافة المؤسسات التشريعية والهيئات المحلية وإعادة النظر في قانون الانتخابات الحالي على قاعدة الدائرة الواحدة والتمثيل النسبي.
منح حقوق متساوية للمرأة والرجل في قانون الجنسية وحق المرأة في منح الجنسية لأطفالها وزوجها.
توسيع مشاركة المرأة في هيئات الحكم المحلي من خلال التمييز الإيجابي لصالح المرأة.
ضرورة ضمان م.ت.ف. لتوسيع مشاركة المرأة في البعثات الدبلوماسية على المستوى الدولي وفي كافة اللجان الدولية.
الالتزام بما جاء في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي على أساس المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في كافة المجالات.
أن يتم العمل بجدية على ان تكون النصوص العامة في القانون الأساسي (الدستور) هي مواد ترتكز على حماية الحقوق وصيانتها بدون أي نوع من أنواع التمييز، وان يتم إصلاح باقي القوانين تبعاً للقانون الأساسي وان لا يسمح لأي قانون أخر بخرق الدستور.

1[1] مركز القدس للنساء، توثيق الانتخابات الفلسطينية لعام 1996 من منظور نسوي،
2[2] جاد، اصلاح، "الحركة النسوية الفلسطينية والانتخابات التشريعية" في السياسة الفلسطينية : دورية سياسية علمية محكمة تهتم بشؤون السياسة الفلسطينية وتصدر عن مركز البحوث والدراسات الفلسطينية، السنة الثالثة، العدد التاسع، شتاء 1995، ص 19-39. (بالنسبة لنسب الناخبات من النساء يفيد مركز القدس للنساء انه بلغت النسبة 42%)
3[3] مركز القدس للنساء، ذكر سابقاً ص. 24
4[4] الصوراني، غازي، قانون الانتخابات والمرحلة الراهنة ، جريدة القدس بتاريخ 9-11-1995. (أبو غضيب، عطاف، ذكر سابقاً)
5[5] دائرة الاحصاء المركزية الفلسطينية، المرأة والرجل في فلسطين: اتجاهات واحصاءات 1998 – ص 136.
6[6] المصدر السابق، ص. 61
7[7] دائرة الاحصاء الفلسطينية: المرأة والرجل في فلسطين: اتجاهات واحصاءات، 1998، ص. 159-184
8[8] المسودة الاولى لمشروع قانون الجنسية الفلسطيننية لسنة 1995. وهي مسودة لم يتم العمل عليها ولم يتم تداولها بشكل كبير.
9[9] لمزيد من المعلومات انظري/انظر الى الفصل الخاص بالحقوق العائلية في هذا التقرير.
10[10] المصدر السابق، ص 85

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon