السر الذي يدفع شبابنا لإدمان النرجيلة

خاص: "نساء سورية"

أصبحت جلسات الأصحاب والخلان تتسم بوجودها.. وباتت هذه الجمعات لا تشعر بمرور الملل على اللقاءات الطويلة.. بأي وقت وأي مكان.. بسببها! إنها ضيف الشرف الدائم: النرجيلة!
في الماضي كانت حكراً على الكبار فقط، من الذكور في البيت والمقاهي.. إلا أنها غدت اليوم موضة العصر بالنسبة للشباب ذكوراً وإناثاً! وأصبح كل سائح يدخل إلى سوريا، يلفت انتباهه أكثر ما يلفته منظر النرجيلة بأشكالها المتنوعة من فضة ونحاس وزجاج معشق برسوم خلابة وألوان زاهية. ولا يتكرر هذا المشهد في المقاهي والفنادق والمطاعم، بل يحتل أيضاً مكاناً كبيراً في الحدائق العامة وأرصفة الطرقات! وحتى في البيوت ذات الشرفات أو المحاصرة بجدران.
لكن.. هل غاب عن الأذهان ضررها الذي يلحق الأذى بصحتنا وأموالنا وأوقاتنا؟! أم أنها موضة وعيها أن تجتاحنا جميعاً؟!
ما سر هذه النرجيلة التي تتربع على عرش جلساتنا؟!
للبحث عن إجابة لهذا السؤال، زرنا مقهى المنشية.. هذا المقهى الذي تميز بأناقته ولمساته الجمالية المتأثرة بسحر فندق الميرديان الذي يحتضن هذا المقهى.
شباب وشابات بعمر الورود وجهنا لهم السؤال: لماذا تدخنون النرجيلة؟ وما سر تعلقكم بها؟ أهي موضة أم عادة وضرورة؟
وتلقينا إجابات تحمل في طياتها مفاجآت قاسية.

هروب من الواقع
أسعد حسن، معهد العلوم السياسية، قال: بالنسبة لي ليست موضة. بل أنا أحرق في النرجيلة آهاتي التي توجع قلبي! فقد تخرجت منذ أربع سنوات. وحتى الآن لم أجد فرصة عمل لأحقق طموحي ولأشعر أن شهادتي ليست للجدار فقط! ما زلت حتى الآن أتقاضى مصروفي من أبي! وهكذا صارت النرجيلة رفيقتي في المقهى وفي البيت.

أريد حلاً
أما رامز ابراهيم، خريج تربية، فيقول: تخرجت منذ سبعة أعوام. ومن الصعب جداً الشعور بالعجز كما أشعر الآن. أريد عملاً! حتى الآن لم أحصل على فرصتي مع أنني تقدمت لكل المسابقات التي أعلن عنها في بعض الدوائر الحكومية والوزارات المعنية. وهي قليلة جداً على كل حال. وسبب عدم قبولي قلة الأعداد المطلوبة للعمل مقارنة بعدد المتقدمين. طبعاً ليس عندي وساطة سوى شهاداتي وقدراتي. وهذا لا يكفي طبعاً!
قليلة هي المرات التي آت فيها إلى المقهى. لكنني، بصراحة، أدخن النارجيلة بشكل شبه يومي في البيت. يعني توفير أكبر.. وقتل للفراغ!

النارجيلة تؤنس الوحدة
سهير عبد الله، لغة عربية، قالت: تخرجت منذ خمسة أعوام ولم أعمل باختصاصي، مع أنني شغفة به. فأنا أعمل في أحد المكاتب العقارية الخاصة! الدوام طويل والأجر قليل! أذهب للعمل وأعود للمنزل! روتين قاتل ولا صداقة حقيقية في هذه الأيام! أما التفكير في الحب فهو صعب جداً. إذ يحتاج إلى الاستقرار المادي والنفسي ليتم الزواج.. هذا غير متوفر. لذلك أجد في نفس الأرجيلة مؤنساً لوحدتي.
ونوار عيسى، موظف، يرى أنه: قبل أن أحصل على فرصتي بالعمل اعتدت أنا ورفاقي العاطلين عن العمل على شرب النارجيلة بشكل دائم ومتعب. لكنني أعتبر نفسي محظوظاً بفرصة عمل في إحدى الوزارات. فقد بدأت أولى خطواتي في الطريق الصحيحة لأبني مستقبلي، وإن بشكل بطيء. وأنا أدخن النارجيلة الآن بشكل أقل من السابق. في أوقات فراغي وعندما أجتمع بأصدقائي.

بعد ذلك.. أين الحل؟!
بعد هذه الحوارات التي لم ننشرها كلها، نرى أن كل الآراء تدور حول أن هذه الظاهرة تحولت من مادة تسلية إلى مرض انتشر بسرعة. وأهم أسبابه هي البطالة وقلة فرص العمل والفراغ الذي لا نملأه بأي أعمال أو نشاطات إيجابية!
فموضوع النرجيلة يستحق أن نقف عنده لنرسم طريقاً صحيحة توصلنا إلى مستقبل أفضل.. وننقذ أيضا صحة شبابنا الجسدية والنفسية.

4/2005

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon