علاج الإدمان بين الجهود الجادة والمصالح الشخصية الضيقة

مما لاشك فيه أن ظاهرة تعاطى المخدرات وادمانها تمثل مشكلة للدول كافة، المتقدمة والنامية وغير النامية على حد سواء، وتبذل الدول جهودا مضنية للسيطرة على مشكلة الإدمان ومكافحتها بكل السبل. وتتميز مصر بأنها من الدول الرائدة حقا عندما يكون الحديث عن مشكلة الإدمان، سواء على مستوى مكافحة العرض أو مواجهة الطلب. ولم تبخل الدولة بأجهزتها المختلفة بجهد او مال من أجل التعامل مع هذه المعضلة. ولعل أحد جوانب الريادة لمصر فى هذا الموضوع هو ذلك النشاط البحثى المكثف والمتواصل والذى افضى إلى قاعدة من البيانات الضخمة التى تشكل الاساس المتين لجهود العلاج والوقاية. وفى عام 1991 تم إنشاء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى بقرار جمهورى، وأسندت المسئولية عنه لرئيس مجلس الوزراء، ويقوم الصندوق منذ إنشائه بجهود متميزة فى مجال الوقاية من خلال عقد اللقاءات والندوات الجماهيرية وفى مراكز التجمعات كالمدارس والجامعات والنوادى ومراكز الشباب وغيرها، ومن خلال البرامج التدريبية للكوادر المختلفة كالأطباء والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين، والدعاة، ورجال الأمن وغيرهم. كما أضيف لأنشطة الصندوق الخدمة العلاجية المجانية والتى تتحمل الدولة منها النصيب الأوفر لمن وقعوا فى براثن الإدمان من خلال خدمات الخط الساخن.

    وفى خضم هذه المعركة ومع كل ما يبذل وينفق، ومع كل الجهود المخلصة والمتخصصة تخرج علينا بين الحين والآخر ومن خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية أصوات لتدلى بدلوها فى موضوع تعاطى المخدرات والإدمان دون معرفة مسبقة، ودون أن يكون لأحدهم اهتمام حقيقى بالظاهرة على مستوى البحث والدراسة، ودون أن يكون لأحدهم مؤلفات أو مساهمات من أى نوع فى هذا الموضوع الذى يتسم بالتعقيد والخطورة والحساسية أيضا، ولا يتورع هؤلاء المتحدثين عن الادلاء ببيانات غير دقيقة ومعلومات مغلوطة، تتسم اما بالتهويل والمبالغة أو التهوين والتسطيح المؤذى، ولا تتعدى دوافعهم فى كل ذلك سـوى الشهرة الإعلامية الزائفة أو الدعاية المجانية لأنشطتهم الخاصة دون شعور بالمسئولية الخطيرة والأمانة والموضوعية التى يقتضيها مثل هذا الظهور أو التواجد الإعلامى، ومما يؤسف له أن بعض المشاركين فى ذلك هم من المتخصصين فى علم النفس ومن الأعضاء المنتسبين لرابطة الاخصائيين النفسيين المصرية. ونحن نهيب بهم وبغيرهم الأ يتورطوا فى مثل هذه المشاركات الضارة "ومن قال لا أعلم فقد افتى". كما نهيب بوسائل الإعلام المختلفة من خلال هذا المنبر أن نتوخى الدقة والحذر عند التعرض لمثل هذه الموضوعات الحساسة، حتى نكون جميعا شركاء فى البناء والمواجهة، بدلا من أن يبنى البعض، ويهدم البعض الأخر ما بناه غيرهم.. هذا والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.

20/2/2005

رابطة الأخصائيين النفسيين المصريين

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon