مازالت الأسس العلمية للصحة الجنسية غير معدَّة كما يجب. وإن النصائح الصحية المذكورة في المصادر لا تستند إلى وقائع صلبة, بل تعتمد على نظرات تقليدية ناجمة عن تصورات أخلاقية, ووهمية أحياناً. ويكفي أن نتذكر عمليات قطع الشفرين الصغيرين والبظر عند البنات, التي تمارس عند بعض الشعوب (ختان البنات في مصر والسودان وبلدان القرن الإفريقي), انطلاقاً من اعتبارات صحية, كما يزعمون.
كما أن الكثير مازال غير واضح فيما يتعلق بأهمية العمر الذي يجب أن تبدأ فيه الحياة الجنسية, وخلال تاريخهم المديد, بدأ البشر حياتهم الجنسية في عمر مبكر. ففي الهند سمح بالزواج في سن الثامنة, ولكن الدخول في الزواج بالنسبة لهؤلاء الأطفال كان نوعا من الخطبة, و"الزوجان" كانا يعيشان لسنوات في هذه الحالة منفصلين كلٍّ في كنف والديه. وتوجد معلومات تشير إلى أن الأطفال, الذين كانوا في حالة زواج, بدوا واهنين ومرضى، ولذلك فإن مثل هذه الزواجات المبكرة اعتبرت غير مقبولة من الناحية الصحية.
ولكن آراء أخرى تشير إلى أن الحياة الجنسية التي تبدأ في عمر مبكر, لا تؤدي إلى أية عواقب صحية مستقبلية. وعامة, يتراوح سن الزواج للنساء بين 12 و18 سنة في, وللرجال 15 – 21 سنة.
وفي الثمانينيات ارتفع سن الزواج بالنسبة للنساء في معظم البلدان بمقدار سنتين. ومن المعروف أن البلوغ الجنسي عند النساء الجنوبيات يأتي مبكراً, بالمقارنة مع الشماليات, ولكن سن الزواج في بلدان كثيرة، كما هو واضح من المعطيات السابقة، يحدد, أساساً, انطلاقاً من التقاليد القومية, والاعتبارات الاجتماعية. وعادة يكون الفتيان والفتيات في سن 14-15 سنة تلاميذ في المدارس, وهم (هن) غير مؤهلين (مؤهلات) اجتماعياً لتكوين أسرة. كما أن الحمل والولادة في سن 12-16 سنة يمثلان خطراً على الصحة بالنسبة للأمهات الفتيّات, وعلى أطفالهن أيضا، وإن الحمل الأكثر ملائمة يكون في عمر 20-30 سنة.
لا تؤثر الحياة الجنسية على الناحية الجسدية عند الإنسان فقط, بل وعلى حالته الأخلاقية, وتكوُّن مواقفه الحياتية والإنسانية, واتجاه اهتماماته؛ أي على تكوين شخصيته بشكل عام. وإن العلاقات الجنسية المبكرة قبل الزواج يمكن أن تؤدي إلى معاناة وصدمات نفسية وخيمة، كما إن إقامة اتصال جنسي مع الفتاة غير البالغة جنسياً، ولو تم ذلك بموافقتها، يعاقب عليه جنائياً في معظم البلدان.
يمكن للجماع أن يتم في أي وقت من اليوم، ولكن معظم الأزواج والزوجات يفضلون وقت المساء قبل النوم، وإذا كان الزوج والزوجة مرهقين جرَّاء عناء نهار كامل, فيمكن أن يتم ذلك في الصباح الباكر. وفي هذه الحالة, يتم استغلال النعوظ Erection الصباحي للقضيب بنجاح, خاصة عند الرجال المرهقين في عملهم.
بعض النساء يكنَّ في حالة تهيّج شديدة وقت الإحاضة Menstruation, وبذلك فهن يتابعن الحياة الجنسية في أيام الحيض أيضاً، ولكن لا ينصح بذلك, ليس لاعتبارات جمالية فحسب, بل للوقاية من حدوث الإنتانات في الأعضاء التناسلية. ويترافق الإيغاف (ذروة المتعة الجنسية) Orgasm عند المرأة بتقلص نظمي في عضل الرحم، ما قد يسبب الإجهاض في الشهرين الأوليين من الحمل، فحبذا لو يتم الامتناع عن تحريضه في هذه الفترة, بالإقلال من عدد مرات الجماع, وعدم إيلاج القضيب عميقاً في المهبل. وينصح بالامتناع الكامل عن الجماع في الشهرين الأوليين من الحمل, عند النساء اللواتي توجد الإجهاضات في سوابقهن، وينصح بأخذ الحيطة والحذر عند القيام بالعلاقات الجنسية في الشهرين الأخيرين للحمل.
إن أثر الامتناع الجنسي المديد على الصحة مازال غير معروف تماماً، ويعتقد أن الامتناع عن الجنس في سن الشباب, بالنسبة للرجال أو النساء, غير ضار؛ وذلك لوجود آليات تنظيم ذاتية للوظيفة الجنسية عند الإنسان, تخفِّف من آثار هذا الامتناع.
وهكذا, عند الامتناع الجنسي المديد عند الرجل أو المرأة, يمكن أن تحدث الاحتلامات الشبقية، ويرافق ذلك عند الرجل نعوظ القضيب Erection والدفق Ejaculation، أما عند المرأة فتظهر مفرزات الغدتين الدهليزيتين الكبيرتين (غدتا بارتولان), ويحدث امتلاء الضفائر الوعائية حول المهبل, وأخيراً حصول الإيغاف Orgasm, مع كل ما يميزه من خصائص (التقلص النظمي لجدار المهبل.. إلخ). وتبعاً لمرحلة النوم, يمكن للإحتلامات الشبقية أن تبقى في الذاكرة عند الاستيقاظ, أو تزول. وعند الشباب, الذين لم يعيشوا الحياة الجنسية بعد, يتراوح عدد الاحتلامات بين عدة مرات في الأسبوع, ومرة كل أسبوع أو أسبوعين, وتكون أندر من ذلك في الأعمار الأكثر تقدماً. وتصادف الاحتلامات المترافقة بالإيغاف بنسبة تتراوح بين 20 – 40%, وتوجد لدى النساء في الأعمار المتقدمة, وذلك عندما لا تجد الرغبة الجنسية الشديدة متنفَّساً لها.
وتوجد عند الرجال آليات أخرى لتنظيم الوظيفة الجنسية ذاتياً، فالرجل الذي لا يعيش حياته الجنسية لبعض الوقت, يعاني من ضعف في الرغبة الجنسية وتناقصها خلال هذه المدة، وعلى العكس, فإن هذه الرغبة تشتدُّ عندما يعود إلى حياته الجنسية مجدداً، وقد يبدو ذلك مفارقة؛ ويفسر الأمر على الشكل التالي: في حالة الممارسات الجنسية المتكررة, تخرج مع الدفق كمية كبيرة من سائل غدة الموثة Prostate, ويعبر إلى الدم القليل من هذا السائل, ويؤدي تناقص كمية السائل الموثي في الدم إلى تحريض إفرازات الخصيتين, وبينها الهرمونات, التي تزيد من شدة الرغبة الجنسية. وعلى العكس, كلما كانت الممارسة الجنسية أندر, صارت الحاجة إليها أقل؛ لأن مفرزات غدة الموثة تعبر إلى الدم بكميات كبيرة, وتكبح نشاط الخصيتين. ويشك بعض العلماء في وجود هذه الآلية, بينما يذكر البعض الآخر حالات كثيرة لرجال كهول شكوا من العنانة Impotence, بعد أن اضطروا للامتناع عن الحياة الجنسية لعدة سنوات.
ومازال الكثير غير معروف حول أثر الامتناع الجنسي على صحة المرأة, مع أن الامتناع الاضراراي عن ممارسة الجنس يصادف بكثرة عند النساء، ولا تتحمله كل النساء بنفس الدرجة, وتتراوح مدة التحمل بين أيام وأشهر. وبدون شك, فإن الكثيرات من النساء ذوات الرغبة الجنسية الضعيفة, يتحملن الامتناع عن الجنس بسهولة, ولا يؤثر ذلك تقريباً على صحتهن، ولكن عند النساء ذوات الحاجة الجنسية الشديدة, يسبب الامتناع الجنسي إحساساً معذباً, وارتفاعاً في حدة الإثارة العصبية, مع الشعور بعدم الإرضاء. ويعتقد فرويد بإمكانية التصعيد Sublimation؛ أي تحول الطاقة الجنسية إلى أنواع مختلفة من النشاط, كشكل من أشكال الآليات الوقائية. ومن غير الواضح, فيما إذا كان الامتناع الجنسي المديد يؤدي إلى حدوث البرودة الجنسية عند المرأة, ولو أن ذلك قليل الاحتمال.
ويشك بوجود البرودة الجنسية عند النساء, ففي ظروف ملائمة, يمكن أن تتحول البرودة المزعومة إلى حياة جنسية طبيعية. وبدون شك, وفي حالات كثيرة, فإن المرأة السليمة تحتاج إلى تصريف جنسي ما, بغض النظر عن كيفية حصول هذا التصريف.
يعتبر الاستمناء Masturbation أحد وسائل التنظيم الذاتي للوظيفة الجنسية في حالة الامتناع الاضطراري عن الجنس. والاستمناء (العادة السرية) هو إحداث التهيج الجنسي الذاتي؛ أي ممارسة النشاط الجنسي دون مشاركة الشريك الجنسي.
ولا ينتمي للاستمناء, ذلك النشاط الجنسي الثنائي, الذي يحدث فيه الإيغاف عن طريق المداعبة المتبادلة اليدوية للأعضاء التناسلية, أو تنبيه هذه الأعضاء بوجود الشريك, أو بعد الجماع. ولهذه الممارسات طبيعة شبقية نفسية تختلف عن الاستمناء, وترتبط بالعلاقات الشبقية الحاصلة بين الشريكين, ويطلق عليها مصطلح البيتينغ Petting.ولا يعتبر البيتينغ Petting (المداعبة المتبادلة بين الرجل والمرأة والمترافقة بمداعبة الأعضاء التناسلية والوصول إلى الإيغاف, وكذلك الاتصالات الفموية التناسلية) استمناءً. كما يعتبر الاحتلام عند الرجل, والتهيج الجنسي الشبقي أثناء النوم عند المرأة, واللذان يترافقان بالإيغاف, ظاهرتين طبيعيتين في تنظيم الوظيفة الجنسية ذاتياً, وليس لهما علاقة بالاستمناء.
وينتشر الاستمناء بصورة واسعة, سواء عند الرجال أم النساء، ويلاحظ عند 10% من الأطفال الأصحاء. يحدث الاستمناء المعتدل بمعدل 2-3 مرات أسبوعياً، بينما يدعى الاستمناء اليومي استمناء شرطيا، أما الاستمناء القاهر فيتكرر عدة مرات في اليوم الواحد. وقد تكون الحالة الأخيرة سبباً في اضطراب الوظيفة الجنسية عند الرجل, وإضعاف الرغبة الجنسية عند المرأة. ويعتبر الاستمناء المعتدل في سن الشباب وسيلة ذاتية لتنظيم الوظيفة الجنسية، فيساعد في خفض التهيج الجنسي الشديد, ولا يضر بالصحة. وفي حالة الامتناع الجنسي الاضطراري عند الرجل البالغ, يكون للاستمناء تأثيراً إيجابياً في الوقاية من العنانة (عدم النعوظ) Impotence, الناجمة عن الامتناع عن الممارسة الجنسية لمدة طويلة.
ولا يعتبر الإستمناء ضاراً عندما تمارسه المرأة ذات الرغبة الجنسية الشديدة, والتي تضطر للامتناع عن الجنس لفترة طويلة, أو عندما لا تستطيع تصريف هذه الرغبة في حياتها الجنسية، فيساهم الاستمناء في هذه الحالة في التخفيف من حالة الخيبة, وقد
يقي من انجماد (عدم تجاوب) الأعضاء التناسلية. ولكن الاستمناء لا يزيل الإحساس بالوحدة, ولا يؤدي إلى تلك المتعة, والخفة, والسعادة الناجمة عن الانسجام المشترك, الذي يؤمنه الجماع الكامل.
تعاني نصف النساء اللواتي يمارسن الاستمناء من الإحساس بتعذيب الضمير، وقد يحدث عند بعضهن صراع شديد, بين الإحساس بالذنب, والتصورات المزعومة حول "الضرر المرعب, ولا أخلاقية, وعدم جواز" هذه الممارسة من جهة, والرغبة في القيام بها من جهة أخرى، وهذا الصراع، إذا كان واضحاً بصورة حادة، يمكن أن يساهم في نشوء العُصاب Neurosis.
وثمة من يقول أن ممارسة الاستمناء يمكن أن تكون سبباً في عزوف الفتاة عن إقامة الاتصالات مع الشباب، بيد أن الارتباطات المتعلقة بالاستمناء تعتبر عكوسة في معظم الأحيان، وإن الفتيات ذوات الرغبة الجنسية الشديدة, واللواتي لا يتمكن من إقامة علاقات مع أفراد من الجنس الآخر, يمارسن الاستمناء أكثر من اللواتي يقمن علاقاتهن بسهولة، وينطبق ذلك على الشباب الخجولين. وثمة آراء تقول أن الاستمناء يمكن أن يكون سبباً في نشوء اللاإيغافية. وبالمقابل، تشير الإحصاءات إلى أن بين النساء اللواتي مارسن الاستمناء قبل بدء الحياة الجنسية, تكون اللاإيغافية أندر بثلاث مرات منه بين اللواتي لم يمارسنه أبداً. ويبدو أن اكتساب الخبرة في الإحساس بالإيغاف قبل بدء الحياة الجنسية, يساهم في زيادة سرعة التلاؤم والتكيف مع الحياة الجنسية. ولا تشعر نسبة من النساء بالإيغاف أثناء الجماع, مع أنهن كنَّ يشعرن به في السابق أثناء الاستمناء؛ بسبب عدم توفر المداعبة الكافية من قبل الأزواج للمناطق الحساسة الخاصة بهن. فمثلاً, عندما تكون منطقة البظر Clitoris المنطقة الحساسة عند المرأة, تشعر المرأة بالإيغاف وقت الاستمناء, ولا تشعر به أثناء الجماع, إذا لم تحصل على مداعبة إضافية لهذه المنطقة من قبل الزوج.
إن الخوف من العواقب الوخيمة للاستمناء (رهاب الاستمناء Onanophobia), الناجم عن التربية الجنسية غير الصحيحة, يمكن أن يبدي تأثيراً كابحاً على الوظيفة الجنسية, ويولِّد عصاب الخوف من الفشل، وهذا ما يجب الانتباه إليه في دروس التربية الجنسية.
ويستعمل قطع الجماع بصورة واسعة الانتشار (الجماع المبتور Coitus Interruptus), كوسيلة من وسائل منع الحمل. في هذه الحالة, وعندما يشعر الرجل باقتراب الإيغاف, فإنه يقوم بقطع الجماع, ويتم الدفق خارج الأعضاء التناسلية للمرأة. وتتطلب هذه الطريقة في الوقاية من الحمل ضبطاً عصبياً كبيراً عند الرجل, ولا تقدم له المتعة الجنسية المطلوبة، ولا تعود أعضاؤه التناسلية إلى حالتها الطبيعية إلا ببطء بالمقارنة مع الحالة التي ينتهي فيها الجماع بصورة طبيعية، ومن هنا قد تنشأ ظواهر ركودية في الأعضاء التناسلية, وهي أمور غير مرغوبة. وإذا كانت المرأة باردة جنسيا (يشك بوجود البرودة الجنسية التامة عند المرأة), فإن الجماع بالنسبة لها لا يمثل شيئاً تقريباً، أما إذا كانت غير باردة, وكان الإيغاف يأتيها قبل أن يقطع الرجل الجماع, فلا يؤثر ذلك على حالتها. ولكن في معظم الحالات تبقى المرأة في هذا النوع من الممارسة في وضع الخيبة Frustration. وقد لفت فرويد الانتباه إلى أن قطع الجماع هو أحد أكثر أسباب المخاوف العُصابية، ولا يجوز اعتبار هذه الوسيلة من وسائل منع الحمل, حلا دائما.
ويؤثر تناول المواد الكحولية بشدة على صحة المرأة, ويؤدي إلى انحطاط شخصيتها, وتراجع في الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية, كما تتناقص الرغبة الجنسية, وتضطرب الدورة الحيضية, وتفتر الأحاسيس الإيغافية، ويزداد احتمال ولادة أطفال مشوهين.
ويؤدي التدخين عند الرجل إلى تناقص مدة الجماع, ويزيد النيكوتين عند المرأة من تواتر الاجهاضات العفوية, والولادات المبكرة، ويؤثر سلباً على نمو الجنين. 2004 / 1 / 30
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon