عندما اغتسل قلبي بالطمأنينة.. وقفلت عائداً مستبشراً بالمستقبل!

خاص: "نساء سورية"

قانصة الأرواح والمفاصل تشتعل لدى أول ملامسة. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولكم هي راضية مزهوة. ألا تخفي بذلك أسلحتها عن العدو المتربص في كل مكان؟!
الأكثر "توليداً" للفتنة، والأكثر اتصالا بدورة الفصول، والأقل تهافتاً أمام الريح والجبروت، لا تعرف طبعاً. فهي لا تتوقف عند هذا المعبر الشقي المظلم بل تتقدم كمحاربة وثنية بخطوات ثابتة إلى الظلال الذهبية. ذلك أنها من الناحية الأخرى، الناحية الأهم. تعرف ما لا تريده. أجل، تعرفه جيداً. تعرف أنه لا يكفيها أنها امرأة. فإن تكتفي بذلك هو الامتثال والوقوع في الشرك. حقاً إنها لا تتدخر جهداً إلا وتبذله لإذاعة أنوثتها، من الثياب الشاردة إلى العري المبرمج، إلى أقنعة الماكياج السافرة، إلى العطر الحديث.. يكفي العطر، إنه كفيل بتدمير كل ما بنيناه! إلا أنها تأبى هذا الوضع "بالذات" ولن تعصبها قوة كائنة ما كانت على قبوله.
هاهي أمامي أراها وأسمعها في جلسة مطارحة فكرية حول الأوضاع تعلن (كأنما على رهط من الراديكاليين اليافعين تدلت أربطة العنق تعلى قمصانهم البيضاء) أنها ليس سوبر ستار، ولا ستار أكاديمي و.. ع الهوا سوا..!!
إن المرأة، في الأصل، لم تكن هكذا ولن تكون.
كانت قردة! أرجو المعذرة، كل الناس كانوا قردة حسب السيد -الصهيوني- داروين. طبعاً الرجال أيضاً! الرجاء والنساء معاً! قردات وقرود! يا لهم اليهود كيف يصنّفون أصل الناس بالقرود! وهم شعب الله المختار كما يدّعون..! على لسان داروين!
لم تكن هكذا.. هل كانت فارساً والرجل هو الفرس مثلاً؟
لا.. ليس في الأمر دعابة.
كيف كانت، إذاً، في الأصل؟!
كانت، كما قالت، مثل الرجل لا فرق.
لا فرق؟!
أجل لا فرق.
بشوارب؟!
لا.. لا يمكن.
صلعاء؟!
غير معقول! هذا مجرد اسم مسرحية.
هل كانت تتمتع بصوت الشيخ إمام؟! هل كانت تكلف الرجل أن يحبل ويلد عنها حتى تفرغ مما هي فيه؟! هل كانت تتزوج من أربعة وتعدل ما بينهم؟ هل أحرزت حزام البطولة في المصارعة الحرة؟ أم كانت رئيسة لحزب المؤتمر ولطائفة السيخ معاً؟
لا تجيب!
لقد سلبوها كل شيء.. ذلك الشيء منذ القدم فباتت مجرد امرأة.. باتت على ضيم..
هل تقصدين أنهم سلبوها أعز ما تملك؟! هل تعنين شيئاً يتعلق بخطيئة سيدتنا حواء وسيدنا آدم؟!
لا.. وألف لا.. إنها ما زالت تحتفظ بأعز ما تملك. وهذا الأعز كامن في إهابها البشري وسويتها الإنسانية. لا في لحمها. لقد سلبوها شيئاً آخر ولن تغفر لهم.. هم الرجال.. ومن يكون غيرهم؟!
حتى الحيوانات تنظر إلى إناثها نظرة أكرو!
وعليه فليس غريباً أن تنطوي على حقد دفين مكين ولا هوادة فيه..
والآن، اختر مكاناً قرب امرأة منهن.. سواء جميلة أم ممتلئة.. ثرية أم موظفة..
اجلس بشيء من التباعد الأصولي ودقق النظر فيها.. دع عنك النظرات المخاتلة والنداءات البكماء.. ستلحظ الحقد يتطاير منا كالشرر.. الحقد ونفاذ الصبر..
وبالمناسبة، لن تقوم بعد حرب أهلية أو نووية. بخاصة الأخيرة.. لن يسمحن بها: الزوجات والجارات والممرضات وقريبات القطط ومدربات الرياضة والعارضات ومنسقات الزهور وقارئات الفنجان وقارئات نوال السعداوي.. لن يسمحن بها (قارئات نوال السعداوي حريم سابقات، ثوريات حاليا، يلحظن بعضهن من أول جملة! ثم لا يفترقن إلا على موعد!).
ستقوم بدلاً من ذلك حرب وقائية حيثما يصل النفير بين جميع النساء وجمهرة الرجال! سيتعاركون في البدء بتبادل الاتهامات الجارحة، وتمزيق الثياب، وتحطيم الأطباق، وشد الشعور، وتعفيرها بالتراب.. ثم يتطور الأمر حيث يصطف الصبية والكهول والهامشيون والخضر والمدفنون والمحاربون القدامى وأمراء الطوائف.. والذين "بدهن الحقيقة" إلى صفوفهن.. وسيحررن أقاليم وأقضية ومحافظات من رجس البرابرة الأنانيين. ويعلن جمهوريات نسائية تفتح عهداً عطراً في التاريخ، ترفرف في أجوائها المناديل والإيشاربات، وتزدهر فيها صناعة الاكسسوارات الثقيلة ومساحيق الغيرة والذكاء.. جمهوريات تتمتع بسيادة كاملة من الفجر إلى آخر السهرة.. لا كجمهوريات الموز إياها.. وسوف يدب الرعب في قلوب كل الرجال الذين سيتصرفون كالأيتام والمعوقين و"النساء" قبل أن يستعيدوا زمام المبادرة مستفيدين من خبرات تاريخ من العدوان!
لقد مضى زمن طويل منذ سلبوها ذلك الشيء الذي يجعل الإنسان إنساناً لا ذكراً أو أنثى! وجعلوا منها مجرد امرأة تتشبث بكبريائها الطعينة، أمام الخطوب والخطّاب.
قطر الندى.. نعم. سلبية الأحلام.. نعم. قائدة الليل ا لأعمى وكوكب التفاح وأملاح وأقواس قزح.. نعم. مترجمة فورية للينابيع والرياح والفراشات.. نعم.
ولكنها مجرد امرأة.. لقد جعلوها كذلك ليس اتفاقاً.. ليس بالمصادفة المحضة.
لا.. كلا.. كلا.. لا.. بل إعمالاً لنية مبيتة تقضي بأن يقضي الرجل وطره ويشبع شهوته منها لكي يغادر في الحال غانماً فاتحاً إلى مهماته الجليلة في تأليف الكتب وجمع المال وقيادة الأحزاب ونشر الأقاويل..
الا يكفي أن الطبيعة انحازت ضدها وألقت عليها أعباء أكثر من الرجل؟!
إن حكاية إشباع الشهوات هذه، على العموم، لا تروقها.. لا تبتلعها.. لا تستيغها فعلياً.. ومن حيث المبدأ، غذا كان للحياة عنده معنى وقيمة، وإذا كان إنساناً حقاً، وإذا كان صادقاً فيما يقول، عليه ألا يسعى هذا السعي المحموم لإشباع شهواته.. لماذا؟! المسألة واضحة وضوح شمس الشواطئ: المرأة ليست دجاجة.. ليست دمية.. ليست مطية.. ليست جارية.. ليست أداة.. ليست شيئاً.. ليست جسداً.. ليست جنساً.. ليست حوضاً.. المرأة ليست امرأة..
"المرأة ليست امرأة بينما الرجل يظل رجلاً". مَن كان يتخيل في الكوابيس أن تبلغ الأمور هذا المبلغ من التعقيد؟!
ماذا يفعلان ساعة يلتقيان تحت سماء تنهبها البروق والإشارات، تحت سقف غامض من دخان وحنين، تحت قميص رافل بالنشوة والعذوبة..؟! ماذا يفعلان والصمت يتنزه بينها، محمولاً على الأنفاس، ينسرح كالموج وتهدج كالاسفنج..؟! ماذا يفعلان؟!
ربما يتناوبان رش الملح على الطعام، والسكر على الشاي، ووضع النقاط على الحروف، وتبادل وجهات النظر (لا النظرات طبعاً!).. ثم يمتد بهما الوقت إلى ساحة متأخرة في نقد السلاح قبل أن ينشق كل منهما إلى هذيانه المعطر ويهجع فيه..
لا.. لن تقوم جمهوريات نسائية.. لن تقوم! ستنقرض النساء الساحرات بطولهن وأسرارهن اللاذعة.. وحدائق شفاههن، وخضر نبراتهن، وتعاويذ مكائدهن، وتردد قبضاتهن..
ستنطفئ نارهن المقدسة، وتتخثر جبلتهن الدافئة.. وسوف يختفين تباعاً في دائرة جهنمية من اللجاجة والهراء العضوي!
إلا إذا أخذن الحرية.. ولم يطلبنها..

20/4/2005

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon