لا للتدخين في الأماكن العامة

تنص أغلب تشريعات الدول على مكافحة التدخين مع إبراز آثاره الضارة على الصحة العامة التي لا مجال للشك بأضراره أبداً،
وتحث الدول مواطنيها على الإقلاع عن التدخين من خلال قوانين وتشريعات متنوعة،
مؤخراً، دخلت الاتفاقية الدولية بحظر التدخين حيز التنفيذ، بعد أن صاغتها منظمة الصحة العالمية ووقعت عليها سبع وخمس دولة، وتنص بنودها على فرض حظر على الإعلانات على السجائر، ووضع علامات تحذير بارزة على علب السجائر من مخاطر التدخين، وحماية غير المدخنين من المدخنين، ورفع أسعار التبغ، وزيادة العقوبات على تهريب السجائر مجهولة المصدر ورخيصة الثمن. وتقول منظمة الصحة العالمية: إنها أول اتفاقية دولية للصحة العامة قد تنقذ أرواح الملايين من خلال وضع تحذيرات قوية على علب السجائر وفرض حظر على إعلانات شركات التبغ أو رعايتها للمسابقات.
وطبقا لأرقام منظمة الصحة: يودي التدخين بحياة نحو 5 ملايين شخص كل عام، ومن المتوقع أن يصل عدد الضحايا في عام 2020 إلى 10 ملايين شخص كل عام، منها 60 ألف حالة في فرنسا، أي ما يعادل 1% من إجمالي عدد السكان الذين يبلغون 61 مليون نسمة، و120 ألف حالة وفاة ناتجة عن أمراض التدخين في ألمانيا، إضافة إلى الخسارة المادية التي تقدر بحوالي 25 بليون دولار.
وقد قامت الحكومات في القارة الأوربية برفع أسعار السجائر وأيضا حظر التدخين في الأماكن العامة مثل المطاعم والمقاهي، ليرتفع الضغط داخل المجتمع الأوربي على المدخنين, نظرا لتفاقم الخطر الصحي الذي يمثله على الأفراد والمجتمعات ككل.
فقد قامت الحكومة الألمانية بمطالبة الاتحاد الوطني للفنادق والمطاعم بتحديد نسبة 40% من الأماكن لتكون خالية من التدخين.
ففي إيطاليا يواجه أصحاب تلك العادة (التدخين) عقوبات صارمة إذا ما أصروا على التدخين في المقاهي أو الحانات.
أما عن أسكتلندا فإنه مع حلول عام 2006، سيكون هناك حظر تام للتدخين في أماكن العمل.
وفي أسبانيا التي تمنع بالفعل التدخين داخل السيارات والمطاعم والمقاهي، قامت الحكومة أيضا بإعداد مشروع حظر شامل للتدخين داخل أماكن العمل. ذلك، وقد أصدرت هيئة السكك الحديدية الأسبانية قاعدة تنص على منع التدخين أثناء الرحلات التي تستغرق أقل
من 5 ساعات والتي تبلغ نسبتها 98% من إجمالي الرحلات.
وهناك بعض الحكومات التي تلجأ إلى الطرق غير المباشرة لمحاربة التدخين , حيث إن ارتفاع السعر كان الدافع الأساسي وراء إقلاع معظم المدخنين عن التدخين، وخاصة من السيدات.
وبالتأكيد قامت وسائل الإعلام بدور بارز في التوعية ضد التدخين عن طريق حملات للتعريف بأضرار التدخين على المدى الطويل. وقد أبرزت تلك الحملات أعداد الوفيات التي تحدث سنويا نتيجة التدخين، ويذكر أن منظمة الصحة العالمية تنظم يوم "عدم التدخين العالمي" في الحادي والثلاثين من أيار.
أما لو تحدثنا عن واقع التدخين في بلدنا ، الذي يندر أن نجد فيه مكاناً لا يلوثه دخان السجائر، وخاصة في الأماكن العامة المغلقة، المطاعم والمقاهي ووسائل المواصلات والسفر، ومراكز التجمعات والبنوك ودوائر الدولة كالوزارات والسجل المدني والمحاكم والمالية التي تحتاج إلى مراجعة مستمرة كبيرة من قبل المواطنين بشكل يومي.
فبالرغم من وجود إعلانات تمنع التدخين واضحة وظاهرة، يمتنع الكثيرين عن الالتزام بها، فيستمرون بتلويث الهواء، غير عابئين بمن يستنشق دخان سجائرهم، من أطفال رضع أبرياء بحاجة لهواء نقي، أو مرضى من كبار السن، أو مرضى الجهاز التنفسي، أو حتى أناس أصحاء لكنهم لا يرضون استنشاق هواء فاسد يقوم به أناس آخرون في أماكن ضيقة غير مهوية.
وخاصة في ظل معدلات التلوث الكبيرة التي لا تخفى على أحد نتيجة عوادم السيارات المنتشرة بسبب عدم صيانة محركاتها، والمصانع والورشات التي تنتشر ضمن المناطق السكنية، التي تجعل العثور على مكان خال ونظيف أشبه بالمستحيل ضمن مدننا الواسعة المتنامية الأطراف (أحد المغتربين قال بما معناه: إنني في بلدي الأوروبي أسير يومياً مسافات طويلة جدا ولا أتعب، ولكنني هنا في بلدي أجد نفسي متعباً ويصيبني الإرهاق عندما أسير كيلومتراً واحداً بسبب نقص الأوكسجين في هوائها الملوث.... ببساطة شديدة).
برأي أن المشكلة الكبيرة هي: أن المدخن ليس لديه أدنى علم أو وعي، ولا أدنى شعور بأنه يؤذي الجميع عندما يندس بينهم واقفاً في طابور أو تجمع لمراجعة موظف أو مسؤول أو عندما يصعد في مصعد عمارة لا تتجاوز مساحته أمتار مربعة قليلة تاركاً الهواء الملوث كذكرى له بعد مغادرته أو تركه المكان.

السؤال الكبير عرفنا ما طبقته دول أوروبا لأجل مكافحة التدخين وحماية غير المدخنين من أضرار المدخنين، فهل نحن عاجزين عن مواكبتهم ؟؟ إنه سؤال كبير أطرحه على المعنيين وأصحاب القرار

22/6/2005

موقع قنشرين

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon