الزواج المبكر جريمة يشارك فيها مأذون مأجور وطبيب بلا ضمير وأب جشع يبيع بنته في المزاد 45،8 % من بنات الريف يتزوجن أقلّ من 16 سنة. 15% من مواليد الوطن العربي تلدهن أمهاتهن في سن المراهقة. نسبة وفيات الحمل والولادة للأمهات المراهقات خمسة أضعاف الأمهات فوق العشرين. 300حالة زواج مبكر من غير المصريين يومياً فى الشهر العقاري تزيد الى 500 فى الصيف. الزواج المبكر جريمة تحدث يومياً برغم تجريم الشرع والقانون لها.
يقف الزوج صاحب الخمسين ربيعاً على شباك تذاكر الأتوبيس قائلاً للموظف: لو سمحت تذكرة لي ونص للمدام!! ليست هذه نكتة وإنما للأسف حقيقة تحدث كثيراً عندنا فى مصر وسيناريو عبثي سريالي كابوسي أبطاله رجل رضي على نفسه أن يبيع لحم إبنته الطفلة بالقطاعي لرجل آخر قبِلَ على نفسه أن يعاشر طفلة في سن البراءة. الرجل الأول كاذب ومزور والرجل الثاني جشع وشهواني. ملخص المشهد إغتصابٌ مقنع ومقنن بورقة عليها شهود، إغتصاب ليس في السر وإنما هو في العلن يقام له إحتفال وتوزع فيه الشربات ويدعى له المعازيم الذين يجلسون ليمارسوا النميمة ويملأوون بطونهم بكل سرور وحبور وراحة ضمير، إنها جريمة يشارك فيها مأذون مأجور وطبيب باع ضميره وكتبَ شهادة تسنين مزورة وأب عرض طفلته في مزاد "ألا أونه ألا دو ألا تري ومين يزود" وعريس مفجوع لايريد زوجة وإنما يريد وعاء لتفريغ كبته وشهواته، والضحية زهرة بريئة بنت إمبار، كانت حتى ليلة أمس تلعب في الطين وتجري وراء صاحباتها في الإستغماية، وتبكي حين تنام فى العتمة، ولإقناعها وغسل دماغها يكفيها قطعة لبان أو عسلية، وفجأة بين عشية وضحاها يطلب المجتمع منها أن تترك ساحة الإستغماية الفسيحة لتتمدد في سرير نوم متر في متر تحت جثة من اللحم والشحم والعرق لشبه إنسان يؤدي غرضه في ثوان ثم ينام ليغطي صوت شخيره على نهنهات دموعها، ويسدّ كرشه الأسطوري كلّ مسام التنفس لديها خانقاً إياها. والمدهش أن الأهل يأتون ليلة الدخلة لتهنئتها مطالبين إياها بعدم الشكوى لأن الزواج سترة وهي مجرد فتاة "جيشا" تدلع وتدلك وتدغدغ وتزغزغ، والزوج إمبراطور ياباني آمر ناهي، عليها السمع والطاعة وعليه الإستمتاع والإستنطاع!!
* هي فين العروسة؟ ـ بتلعب برّه في الحارة.. أو في الجرن.. أو في الشارع!! بالطبع علامات التعجب السابقة التى وضعتها بعد جملتين الحوار من عندي، لأن الكارثة أن هؤلاء النخاسين الجدد المتاجرين بلحم وروح وأعراض أطفالهم، لم يضعوا أية علامة تعجب ولم يرمش لهم جفن ولم تهتز لهم خلجة وهم يمارسون هذه الجريمة البشعة التي تعد من أخطر صور العنف في بلادنا ضد المرأة أو بالأصح ضد الطفلة الأنثى، عنف يومي متكرر طرفاه جلاد وضحية أما القاضي فغائب عن ساحة المحكمة، تبكي الطفلة فلا يسمع لها أحد، تصرخ فينهرونها، تشكو فيقال لها إنتي مازلتي عيلة ما تفهميش حاجة، إشمعنى هنا ودلوقتى عيلة وحين تزوجت كانت آنسة حلوة خرطها خراط البنات وجسمها فاير ولازم تتلم!! وبعد الزواج بواحد لم تختره من الأصل عليها تلبية مطالبه بدايةً من الأكل وليس إنتهاء بالجنس، وتلبية مطالب العيال والقيام بالأعمال المنزلية من طبخ وكنس..الخ، مما يتعارض مع تكوينها الجسدي والنفسي. والأرقام على عكس ما نتصور مخيفة ومرعبة ففي دراسة ميدانية حديثة أجريت في إحدى قرى الجيزة وجد أن 45,8% من إجمالي العينة قد تزوجن في سن أقل من 16 سنة، وأن نسبة الإناث اللاتي تزوجن في سن العشرين قد بلغ 87,9% وذلك بحجة صيانة عفاف البنات، والحفاظ على شرفهن والخوف عليهن من العنوسة، أو للتخلص من عبء إعالتهن، خاصة إذا كان العدد كبيراً، أو للإستفادة من مهورهن، أو للرغبة في إكثار العزوة، أو لتقليص الفارق العمري بين الآباء والأبناء، أو مجرد إثبات سطوة الآباء على البنات ليس إلا..الخ. وتشير دراسة أخرى للدكتورة علياء شكري إلى أن 36% من زيجات الريف تقع في سن يقل عن 16 سنة،كما بينت دراسة د.إقبال السمالوطي 2000 أن هناك مابين 15 إلى 20 % من مجموع مواليد الوطن العربي تلدهن أمهاتهن وهن في سن المراهقة، وهذا يدق ناقوس الخطر بقوة محذرا ً من المخاطر الرهيبة التي تنشب أنيابها في الطفلة التي يوقعها حظها العاثر في فخ الزواج المبكر. أولى المخاطر هي المخاطر الصحية كتسمم الحمل، وفقر الدم، وصعوبة الولادة، والإجهاض، وبالطبع يساهم صغر السن في فتح شهية الزوج للإنجاب المتكرر دون فاصل زمني معقول بين الولادة والأخرى مما يعرضها للإنهاك البدني ويعرض أطفالها للأنيميا والجفاف وإنخفاض الوزن والمناعة، ولهذا تكون معدلات وفيات الأمهات والرضع والأطفال دون الخامسة أعلى في المناطق التي تنتشر فيها ظاهرة الزواج المبكر، وتبين الدراسات أن إحتمالات الوفيات في الفتيات من عمر 10- 14 سنة بسبب الحمل والولادة تزيد خمسة أضعاف عن وفاة النساء في سن 20-45 سنة، وأن عسر الولادة أكثر شيوعاً بين الفتيات المراهقات، وأيضاً ترفع الدراسات الميدانية للباحثين مثل مركز النديم ود.إقبال السمالوطي ود.رفيقة حمود وغيرهم الستار عن أرقام ونتائج مرعبة لظاهرة الزواج المبكر، فهذا النوع من الزواج يحرمهن من فرص التعليم. 47,3% من فتيات عينة بحث ريف الجيزة قد توقفن عن متابعة التعليم بسبب الزواج المبكر، وليس الصحة والتعليم فقط هما الخسارة الوحيدة ولكنها تخسر نفسها ومعنوياتها من الإحباط والقلق نتيجة لعدم قدرتها على القيام بإلتزاماتها وأعبائها والتناقض النفسي نتيجة عدم الإشباع العاطفي الذي لم ينضج بعد خاصة إذا كان الزوج أكبر منها بعشرات السنين، فقد أظهرت إحدى دراسات وزارة التأمينات والشئون الإجتماعية أن الفارق في السن بين معظم الفتيات اللاتي تزوجن مبكراً وبين أزواجهن كان كبيراً، وعلى سبيل المثال كانت نسبة الفتيات اللاتي تزوجن من أزواج يكبرونهن بعشرين سنة وأكثر 65,7% مما يؤدي لإفتقاد الهارموني والإنسجام ويصبح الزواج كقطعة موسيقى نشاز تعزف فيها الطبلة مكان الكمان والصاجات مكان الناي!! وتنتهي معظم هذه العلاقات الشاذة إما بالصمت المتواطيء وإما بالطلاق الصارخ المدوي، فقد تبين أن نسبة المطلقات بين المتزوجات من سن 12-18 سنة بلغت 49% من حالات الطلاق. "أبويا عامل تراحيل وأنا وافقت علشان أساعد أبويا.. السمسار أعطى أبويا 3 ألاف جنيه وأخد هو 10 ألاف، وسافرت مع الراجل العجوز بلده وهناك إتغيرت معاملته وعاملني زي الخدامة، حتى أولاده مارحمونيش وشاركو أبوهم في لحمي، وبعد خمس شهور طلقني ورجعت على بيت أبويا!!" هذه العبارات السابقة ليست من فيلم مقاولات رخيص ولكنها منقولة بالضبط من على لسان طفلة من البدرشين كانت جريدة الأهالي قد أجرت معها حواراً لرصد ظاهرة بيع المراهقات وتصدير القاصرات للخليج، وهى ظاهرة وتجارة تكاد تتخصص فيها قرى بعينها معروفة للمسئولين قبل الوسطاء، تجارة يعمل فيها الأب سمساراً في جسد إبنته والأم دلالة تبيع البنت مقابل برميل من النفط، لا أستطيع أن أطلق عليها وصفاً سوى أنها دعارة أسوأ من دعارة بيوت الهوى، فالعقود العرفية لا يتمّ توثيقها، والزوج بالكاد جد "مكحكح" والتسعيرة يضعها السمسار حسب السن ودرجة الجمال والدلع والأهمّ حسب المستوى الإقتصادي للأسرة، وبالطبع ينتهي هذا الزواج المأساوي بمشاكل لا حصر لها، من ضمنها جنسية الأطفال الذين في الغالب يتركهم الأب العجوز ويغادر البلاد بعد رحلة الترفيه، أو يبعثهم مع الأم التي ملها وعافها لأرض الوطن، فهم لا يمكن طبقاً للقانون المصري أن يحملوا جنسية الأم، وبالتالي ليس لهم الحقّ في التعليم المجاني أو الرعاية الصحية أو العمل في القطاع الحكومى..الخ، وهو فى الأصل فقير إبن فقيرة يتعامل معه المجتمع كأجنبي أسوأ حالاً من اللقيط، وتطبق عليه حلقة الفقر والضنك ويصبح أمام أحد إختيارين: أن يتسول أو أن يسرق. لماذ تحدث تلك المتاهة منذ البداية؟ الجواب لأن هذه الزيجات عرفية لأن قوانين بلاد الزوج تنظم زواج رعاياها من الأجنبيات، ولا تعطي الزوجة الأجنبية أية حقوق إذا لم تلتزم بشروط الزواج من أجنبية، وبالتالي فهي لا تستطيع الحصول على الطلاق بسهولة إذا إختفى الزوج، وأيضاً هي لاتستطيع اللحاق به فى بلده لأنها ممنوعة بحكم قانون بلده من الدخول، بل الأنكى والأخطر أنها لاتستطيع مقاضاته هناك لتطلب حقوق أولادها منه، والمأساة ليست بسيطة أو مجرد ترف أو طق حنك في مجلة ولكنها مأساة بمعنى الكلمة فالرقم مخيف والإحصائيات مرعبة فما يقرب من 300 حالة زواج مبكر لفتيات مصريات من غير المصريين تسجل يومياً في الشهر العقاري، ويرتفع العدد إلى 500 حالة في الصيف الذي هو موسم السياحة وما أتعس هذا النوع من السياحة التي من الممكن أن تدخل تحت بند السياحة الزواجية وأحياناً العلاجية!! والمأساة الأكبر حين تسافر الطفلة مع الزوج إلى بلده، وهى القليلة الخبرة والنضج تفتقد الأهل والسند والدفء والحماية الإجتماعية والقانونية، ويفترسها إغتراب الغربة والوحدة نتيجة الإختلاف الثقافي والعادات والتقاليد والشعور بالدونية نتيجة إهانة عائلة الزوج لها، فهي تسافر لتعمل خادمة وجارية لا زوجة، خاصة أنها تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، حيث أكدت دراسة السمالوطي أن نسبة 65,7% من اللاتي تزوجن فى سن مبكرة من زوج غير مصري أن أزواجهن كانوا متزوجين بأخريات قبل الزواج منهن، مما جعل نسبة الطلاق في هذه الزيجات تصل إلى 51,4% من إجمالي عينة البحث. والعجيب والغريب أن إنتشار الزواج المبكر يتم بالرغم من أن هناك قانوناً شرعياً ووضعياً يمنع ويجرم مثل هذا الزواج، فالزواج في الشريعة الإسلامية عقد رضائي يعتبر الرضاء به أحد أركانه الجوهرية، وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "لاتنكح الأيم حتى تستأمر ولاتنكح البكر حتى تستأذن"، وهذا يدل على أن الرضا الصحيح الذى لا عيب فيه شرط لازم من شروط الزواج. أما من الناحية القانونية الوضعية فتنص المادة 33 من لائحة المأذونين أنه لا تجوز مباشرة عقد الزواج ولا المصادقة على زواج مستند إلى ما قبل العمل بهذا القانون ما لم يكن سن الزوجة ست عشرة سنة وسن الزوج ثماني عشرة سنة وقت العقد، على أن المادة 34 من نفس اللائحة تفتح باب التحايل على شرط السن بقولها أن السن يثبت بشهادة الميلاد أو مستند آخر أو شهادة طبية يثبت فيها السن، وتنصّ المادة 227 عقوبات بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيهاً كلّ من أبدى أمام الجهات المختصة بإثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة، ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن القانونية للزواج. وبالنسبة لزواج المصريات بغير المصريين فقد وضعت المادة شروطاً إضافية لتأمين حقوق الزوجة المصرية منها ألا يتجاوز فرق السن بين الزوج والزوجة خمسة وعشرين عاماً، والجزاء على عدم توافر هذه الشروط هو رفض توثيق العقد، إلا أنه أمام الإغراءات المادية يتمّ التحايل بالعقود العرفية التي لا تقدم أي ضمانات قانونية للزوجة التي تترك في مهب الريح الإجتماعية قبل القانونية. إنّ ليلة زفاف طفلة هي ليلة زفاف دامية طقوسها مرعبة وتفاصيلها هي جريمة قتل مكتملة الأركان، فمَن يمنع تلك الجريمة التي يقتل فيها الجهلُ والفقرُ والتخلفُ بخنجر مسموم روحَ زهرةِ ياسمين كانت تتوق للتفتح، إنه الخريف عندما يفرض شروطه على الربيع فينتصر الذبول على التفتح، والموت على الحياة، والتجاعيد على النضارة، إنه الكبر قبل الأوان والغروب في ساعة الفجر.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon