"الجنس عزف حضاري على وترين وقصيدة يكتبها جسدان ولكنه يفشل في بلادنا لأنه يحدث بين فراشة ربيعية وبين بولدوزر"
هكذا لخص نزار قبانى حال الجنس في بلادنا ذلك الحاضر الغائب، ولكنه نسى في غمار البلاغة الشعرية أن يفسر لنا كيف تحولنا إلى بولدوزرات وكيف تحولت العلاقة الجنسية عندنا إلى عزف منفرد صولو وهى في الأصل سيمفونية متناغمة ؟، ولماذا تحول الديالوج إلى مونولوج ؟، ومتى يعود الجنس إلى معناه الحقيقى ويتخلص من كونه إغتصاب مقنن بورقة إسمها عقد الزواج؟!!، هذه المعانى وغيرها ظلت تلح على تفكيرى أثناء حضورى تسجيل برنامج تليفزيونى كان يناقش أهمية تدريس التربية الجنسية في المدارس، وتحولت هذه المعانى إلى شبح مخيف حين قوبل حديثى في البرنامج بهجوم كاسح لاحظته بعد إذاعة الحلقة وللأسف كانت أغلب ردود الفعل السلبية الرافضة والخائفة والمرعوبة أغلبها ممن نطلق عليهم لقب "مثقفين"، وقد إمتد الهلع والفزع من داخل ماسبيرو الذى أحاط المسئولون فيه بجسم الجريمة وهو البرنامج الغلبان والذين حاولوا بمنتهى الكفاح والتصميم كشف الألغام والديناميت المزروع فيه لدرجة التهديد بمنع الحلقة، إلى الخارج حيث بعض الصحف التى إستنكرت الخوض في مثل هذا الموضوع القبيح!، مروراً بالبواب الذى قرر مقاطعتى لأنه كان فاكرنى مؤدب وما بتطلعش من بقى العيبه!، ولأننى قررت أن أخوض في العيبه وأثبت للبواب ولكم أننى مازلت مؤدباً، سأتحدث عن أهمية تدريس الجنس في المدارس وكيف أن تعليمه هو قمة الأدب ورفض دراسته هو العكس. [ عندما كنت في المرحلة الإعدادية وأتى اليوم المشهود يوم حصة العلوم التى سيشرح فيها المدرس الجهاز التناسلى، دخل علينا الأستاذ الجهبذ راضى والعرق يبلل نظارته السميكة برغم الشتاء القارس وزف إلينا البشرى السعيدة وهى أن هذا الجزء من المنهج محذوف ولن يأتى ذكره ضمن أسئلة الإمتحان، كان المدرس يتحدث وكأنه يتخلص من عار وذنب وحمل ثقيل، وتنفس بعدها الأستاذ راضى الصعداء، وكنا نستمع وكأننا مشتركون في إثم وحمدنا الله على أننا تخلصنا من ساعات مذاكرة زياده وسؤال سخيف في الإمتحان، ولم نكن نعرف وقتها أن موقف الأستاذ راضى هو تلخيص وإمتداد لموقف المجتمع ككل، وأن حذف النصف الأسفل من الجسم ليس قرار وزارة التربية والتعليم وحدها بل قرار ثقافة عربية خائفة ومرعوبة تعانى من الشيزوفرينيا تجاه الجنس والجسد، تتحدث ليل نهار عن الجنس ولكنها في العلن وأمام الشاشات تحتقره، وتتخيل أنها بقدر إدانتها له بقدر إقترابها أكثر من معانى الشرف والسمو، ثقافة تخلق من الجسد مشكلة وهو في الأصل حل، وتحوله إلى عورة شاملة وهو في البدء طاقة فعالة، ومجتمع أخرس يجهل التحدث بأقدم لغات الدنيا وأصرحها وهى لغة الجنس، أصدر المجتمع فرمانه بأن يحفظ الطفل والشاب خريطة الوطن العربى ويجهل خريطة جسده، ويعرف كيف دخل الإنجليز إلى مصر ولايعرف كيف يدخل هو إلى مرحلة المراهقة، وأوكل المجتمع مستريح الضمير هذه المهمة المعقدة لآباء وأمهات هم في حاجة أصلاً للتعليم وفك العقد المتوارثة نتيجة تربية خاطئة ومناخ مسمم ومجتمع يرتاب في كل مايخص رغبات الجسد فهو مدان إلى أن تثبت براءته، وملوث حتى يتم تعميده بالحصار والخنق والتغطية والكلفته.. 0الخ. [ضمت حلقة النقاش في البرنامج رجل دين فاضل، وإحتد النقاش بيننا وكان أفضل ما فيه أنه لخص وجهة النظر السائدة عن الجنس وهى للأسف نظرة متخلفة، قال الرجل ولم يوارب وفتح النار على كل ما يسمى ثقافة جنسية وقال تكفينا كتب الدين فقط، وسخر من العلم وهو يقول أنه في إعدادى أزهر عرف من خلال كتب الفقه عن الجنس مالم يعرفه أطباء النساء والولادة وتناسى المعلومات العلمية المغلوطة التى تضمها كتب الفقه التى يدرسونها في مدارس الأزهر مثل أن دم الحيض هو لتغذية الجنين وأن مدة حمل من الممكن أن تستمر بالسنتين وأكثر!!، وبالطبع كانت أهمية حديثه ليست في قوة حجته ولكن في مقدار تعبيرها عن فكر ونبض تيار رئيسى ومسيطر على عقل الشارع المصرى ومن هنا كانت أهمية طرح الأفكار وكشف المغالطات حتى يتسنى لنا معرفة ما هى ضرورة تدريس الجنس في المدارس. [بداية لا يعنى تدريس الجنس تدريس الجماع، ولكنه تدريس ومعرفة تضاريس هذا الجسد وتغيراته الحادة العاصفة من مرحلة الطفولة وحتى الشباب مروراً بالمراهقة، وأظن أن هذا حق إنسانى مشروع جداً، وما ننادى به ليس عرض أفلام البورنو على الطلبة ولكنه تقديم علم الجنس لهم، وهو بالفعل علم إستقر وإتضحت ملامحه، ولسنا مسئولين عن الهواجس الجنسية المرضية التى تتشبث بعقل وجسد البعض نتيجة الكبت فالحل لهذه الهواجس ليس في أيدينا بل في أيديهم، ولذلك نطلب منهم أن ينحوا جانباً عقدهم الجنسية لنستطيع النقاش بحرية وموضوعية. [أولى النقاط التى طرحت ويتبناها الكثيرون ويرددونها في مناقشاتهم وكتاباتهم هى أن الجنس غريزة حيوانية وبالطبع كل ما هو حيوانى لا يصح أن يدنس محراب العلم ؟، وأنا على العكس أرى أن الجنس هو أرقى الغرائز البشرية وأهمها وهو يمثل أسمى وأعلى أنواع التواصل الإنسانى، وليس صحيحاً أن يقال أنه مادامت الحيوانات تتناسل وتمارس الجنس بدون تعليم فلماذا ندرسه نحن بنى البشر؟!، فالجنس عند الإنسان يختلف بالطبع عنه عند الحيوان، فالإنسان ليس لديه موسم تزاوج محدد فهو يمارس الجنس في أى وقت وهذا يثبت أن وظيفة الجنس الإنجابية وظيفة هامشية فالأساس هو المتعة ثم الأهم التواصل، ولذلك فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذى يواجه أليفه ورفيقه وجهاً لوجه عند اللقاء الجنسى حتى يحس ويألف ويحتضن ويمنح الدفء ويكتسبه عكس جميع الحيوانات التى تمارسه بلامواجهة مباشرة وبطريقة ميكانيكية بحتة، إذن الجنس تفاعل نفسى قبل أن يكون تفاعل جسدى، وتسميته الغربية MAKING LOVE هى تسمية معبرة تماماً عما أعنيه عن أن الجنس مصنع للحب وليس للعيال!، وبهذا يثبت أن الجنس هو أعلى الغرائز إنسانية وأن إدانته على أنه شئ حيوانى لاتتم إلا عندما يعم الفساد الأخلاقى فيدعى الجميع الشرف على جثة الجنس. [النقطة الثانية التى يرفعها البعض في مواجهة المنادين بتدريس الجنس في المدارس هى لماذا ندرس الجنس وجدودنا لم يدرسوه وكانوا في منتهى الفحولة؟، وهو منطق خاطئ يختزل الجنس في وظيفته الإنجابية ويربطه بالفحولة والرجولة ويتناسى أن التواصل قبل التناسل، ويتناسى أيضاً أن السلوك الإنسانى كائن حى يتطور وينمو وكذلك الغرائز، وإلا فلماذا نأكل بالشوكة والسكين والملعقة وتضع المطاعم زهوراً على الموائد؟، ونحن نستطيع أن نلتهم الطعام بالأيدى بدون الحاجة لتلك الطقوس المعطلة للغريزة، أعتقد أن الإجابة هى في كلمة التحضر الذى يفرض علينا معانٍ جديدة حتى في الجنس أهمها أن تعبير المرأة أو مشاركتها الفعالة في الجنس عيب وحرام، وأيضاً أن الجنس ليس لقاء أجساد في غرف نوم مغلقة بل قبل ذلك لقاء ثقافات وعقول سابقة التجهيز تحمل أفكاراً مسبقة!!!، ومهم جداً أن نعرف إنطلاقاً من هذا المفهوم أنه لايوجد رجل مريض جنسياً أو إمرأة مريضة جنسياً بل توجد علاقة هى المريضة وهى المدانة. [وبتغيير مفاهيمنا السابقة أولاً عن الجسد ثم الجنس نستطيع ببساطة بعدها أن نتحدث عن أهمية تدريسه، وأنا لاأطالب بتدريس الجنس كمنهج مستقل وإنما يجب أن يتخلل المناخ التربوى والتعليمى نفسه، ولايصبح مدرس العلوم بذلك هو المسئول الأول والأخير، فتدريس قصائد الغزل في درس اللغة العربية جزء من التربية الجنسية، ومشاهدة حظيرة المدرسة جزء من التربية الجنسية، ومدرس الألعاب حين يمنع طالبة من أداء تمارين الجمباز بحجة الخوف على غشاء البكارة فهو يرتكب خطأ فاحش في التربية الجنسية، والمدرسة التى تتعامل مع الذكر على أنه سوبرمان والأنثى على أنها بهانه فهى ترتكب جريمة جنسية، وكذلك مدرسة الحضانة التى تعنف الأطفال وتفصل الذكور عن الإناث فهى أيضاً ترتكب نفس الخطأ، أما مدرس الدين والذى عادة مايعترض على تدريس الجنس في المدارس ويعتبره فسقاً وفجوراً فكيف بالله عليك سيواجه التلاميذ الذين سيسألونه عن المحيض والزنا وقصة سيدنا يوسف وفيها همت به وهم بها ومعنى الأرحام والفرج وآتوا حرثكم أنى شئتم..الخ. [إن التربية الجنسية عملية مستمرة وممتدة وشاملة ومسئول عنها المدرس والطبيب والأخصائى الإجتماعى والأب والأم ورجل الدين، والسؤال عن أى سن نبدأ فيه التربية الجنسية سؤال خاطئ، لأنه لابد أن يعدل إلى أى نواحى التربية الجنسية تتناسب مع الأعمار المختلفة ؟، فمشاهدةتلقيح الزهور من الممكن أن يفيد في مرحلة ما، ودراسة مفاهيم الأبوة والأمومة والرضاعة في مرحلة تاليه، ودراسة التغيرات الهورمونية مرحلة أخرى وهكذا، وبذلك نستطيع معرفة حقيقة ذواتنا وتلافى المفاهيم المغلوطة والأمراض الجنسية، ومعرفة أن الإحتلام ليس خطيئة والحيض ليس إثماً، والعادة السرية لن تصيب الفرد بالجنون والختان لن يؤدب البنت ويكبت رغبتها بل سيحرمها من الإشباع وأن المداعبات الخارجية من الممكن أن تحدث حملاً.. الخ [أرجو أن يتذكر الجميع أن الأخلاق لايتم إحتكارها، وأن البعض الذين يدعون أنهم الوكلاء الوحيدون لقطع غيارها واهمون، فكلنا نسعى من أجل أخلاق أفضل ولكن يوجد فرق كبير بين الأخلاق وبين المرض النفسى، والخصيان أكثر الناس أدباً لكنهم أفشل البشر في بناء المجتمعات، ومن المؤكد أن أعظم قدرة نمتلكها نحن الكبار هى قدرتنا على نسيان مراهقتنا. [ونحن الذين نحارب الثقافة الجنسية من أجل الفضيلة من أكثر المجتمعات إنفاقاً على العمرة المنشطات!، مجتمع يدل إنفاقه على مدى نفاقه، وكما أن العمرة عند الكثيرين من تجار الشنطة إستدعاء للورع الشكلى والتدين المظهرى المفرغ من الروح الدينية الحقيقية، فالمنشطات أيضاً عندنا إستدعاء للجنس الشكلى الميكانيكى الخالى من الروح الإنسانية الصادقة، وهؤلاء عندما يحجزون تذكرة العمرة أو يتناولون قرص المنشط فإنهم بذلك يحافظون على ماأطلق عليه مجتمع الفاترينات، فالمهم عندنا هو أن الفاترينة بخير أما ماهو وراء هذه الفاترينة الأنيقة فليس مهماً حتى ولو أكلته العتة أو أصابه العفن!!، فمن الممكن بل ومن العادى جداً أن تذهب إلى العمرة وبعد عودتك مباشرة تبيع بمنتهى راحة الضمير منتجاً منتهى الصلاحية، وكذلك بعد أن تمنحك المنشطات جنساً صحيحاً من الناحية البيولوجية لاتتورع عن أن تسب وتضرب من كانت في أحضانك منذ قليل تحت لافتة القوامة والتأديب. وفى مجتمع الفاترينات يحاول كل من نخرت روحه السوس أن يتطهر ويقدم قرباناً حتى ولو ضحى بأى شئ حقيقى وصادق في طريقه ومنها الدعوات الجادة للثقافة الجنسية، ولكن يوجد سؤال مهم يفرض نفسه، فلماذا هذا العصاب الجماعى الذى أصبح يحكم ردود أفعالنا تجاه أى إختلاف وخاصة لو كان حول الجنس؟. [الإجابة عن هذه النقطة في غاية الأهمية وليس الغرض منها الدفاع عن ماقلته أنا في الحلقة التليفزيونية، إنه الدفاع عن الجنس نفسه والذى لايعنى الدفاع عن الإباحية فالفرق بينهما شاسع بل أستطيع أن اقول وبكل راحة ضمير أنه لاعلاقة بينهما أصلاً، فالذى لمسته من معظم المهاجمين لتدريس الثقافة الجنسية هو تحقير الجنس، وتأكيد مفهوم أنه "أحقر الغرائز " و"الشهوة البهيمية الحيوانية ".. 0الخ، وهو كلام مرسل يحتوى على مغالطات كثيرة، فلو صح تقسيم الغرائز إلى غرائز راقية وأخرى حقيرة فأنا أعتبر وبلاتردد أو تحفظ أن الجنس هو أرقى الغرائز البشرية على الإطلاق، لأنه ببساطة أعقدها من الناحية البيولوجية والنفسية، والعلماء يعتبرون أن أهم عضو جنسى في الإنسان هو المخ أعقد أعضاء الإنسان وأرقاها، والدوافع الجنسية نواة تجمع داخلها كل عناصر الحياة وألوان طيفها المتعددة وحتى المتناقضات، ففيها حب التملك والمشاركة، فيها الأخذ والعطاء، وفيها الرغبة في السعادة والقدرة على الإسعاد، وفيها البحث عن الحنان والتواصل والخلود والقدرة على زرع بذور الحياة، والجنس ليس شهوة بهيمية حيوانية بل إنه سلوك إنسانى إجتماعى شديد التعقيد، فالحيوانات لاتشتهى بل هى تستجيب أوتوماتيكياً لدوافع بيولوجية في مواسم تزاوج محددة، أما الإنسان فهو الذى يشتهى ويضع لإختيارته مقاييس وقواعد جمالية ونفسية، وعلماء النفس يؤكدون على أنه لايكاد يخلو سلوك إنسانى من دوافع جنسية بالمعنى الواسع والراقى لكلمة جنس. لذلك فنحن لو حقرنا الجنس فنحن بالتالى نحقر الحياة ونحقر معها أنفسنا قبل الجميع، إن موقف مجتمعنا من الجنس موقف مرضى فضحته مثل تلك المناقشات عن الحلقة وغيرها، مرض يمكن أن نطلق عليه ال SEXOPHOBIA، ومن الممكن أن نلخص أعراضه وأسبابه كالتالى: *الجهل الكامل بالجنس ومعناه كوظيفة عضوية وكدوافع نفسية، هذا الجهل يجعلنا غير مؤهلين للتعامل معه كما يجب مما يؤدى إلى العرض الثانى. * العجز عن مواجهة الجنس بكل صوره سواء العلمى أو الفنى أو الإجتماعى النفسى، وكرد فعل طبيعى لهذا العجز فنحن نحقر الجنس في محاولة منا لإثبات أن موقفنا الهروبى منه هو تسامى وتعالى عليه وليس عجزاً سببه الجهل والعجز السابقين، وهذا العجز والتحقير يخلق العرض الثالث. *الكبت والحرمان الجنسى، إذ أن إيماننا الدفين بحقارة الجنس وتدنيه يجعلنا عاجزين عن دمجه في مشاعر الحب والحنان والتواصل لدينا أثناء نمونا النفسى، وهذا الإنفصال يفقد الممارسات الجنسية فيما بعد مضمونها العاطفى ويفرغها من محتواها النفسى فيخلق عندنا حالة من الحرمان الجنسى (الكيفى وليس الكمى ) فنمارس كثيراً ولكننا للأسف لانحس إلا نادراً!!، هذا الحرمان يجعل الجنس هو الوسواس القهرى، هو شغلنا الشاغل وهو البداية والنهاية في سلوكنا اليومى مما يخلق العرض الرابع. *التجسد بمعنى أن يتجسد لنا الجنس في كل شئ نراه، فنتربص لكل عمل فنى ولكل صداقة بريئة، ويتجسد لنا وراء كل ضحكة وإيماءة أو بهجة، وبه يمكن تفسير الفشل في الإمتحان والهزيمة في الحرب أو حتى في كرة القدم!!، وبالطبع في برنامج كالذى نتحدث عنه، وهنا يكفى الكاتب المهاجم المتربص أن يوحى ويومئ تحت شعار "إنت فاهم وأنا فاهم " ليكمل القارئ المريض بالوسواس الجنسى باقى الصورة ويمد خط "القباحة " على إستقامته، وبعدها يصرخ الجميع الشباب الشباب.. الفضيلة الفضيلة!. [ إذا كان هذا هو حال المرض الضارب بجذوره في نخاع المجتمع فهل نناقشه أم نخفى رؤوسنا كالنعامة ونضحك على أنفسنا ونؤمن بنصائح أصحاب بوتيكات الفضيلة ووكلاء قطع غيار الأخلاق وواضعى المواصفات القياسية للأدب والإحترام!!، إننا لن نصل إلى أى درجة من درجات التصالح مع النفس طالما أن الجنس ينمو بداخلنا كجنين غير شرعى نحتقره وندينه ونخنقه ونمنعه من التنفس حتى نجهضه ونطرده من دائرة النقاش، ولابد أن نسأل أنفسنا في عصر السماوات المفتوحة هل نحن فعلاً نريد الحرية الحقيقة أم الحرية المعلبة سابقة التجهيز؟، الحرية ياسادة لا تتجزأ ولا ترتدى البرقع ولا تحب الترقيع، والذى لايناقش الجنس بحرية لن يناقش السياسة ولا الإقتصاد بحرية وسيمارس طوال حياته التعمية والطناش على كل شئ، وإتهام من يدعو إلى تدريس تلك الثقافة بأنه السبب في إنتشار العادة السرية بين الشباب لابد أن يوجه بالأساس إلى من جعلوا الحد الأدنى للزواج أربعين سنة!!. [ وأختم مقالتى بحادثة تاريخية وإقتباسين أحدهما من التراث العربى والآخر من التراث الأجنبى لعلها ترد على الإزدواجية الأخلاقية الحادة التى نعيشها والتى تدل على أن معظم الذين يتباكون على الفضيلة هم غالباً أبعد الناس عن التمسك بها: *تم إعدام لوحة ليوناردو دافنشى " ليدا وطائر البجع" في فرنسا بحجة أنها إباحية وتتنافى مع الأخلاق، وكان الذى أمر بإعدامها هو الملك لويس الثالث عشر أكبر ملك إرتكب موبقات أخلاقية في تاريخ فرنسا، وبعدها أحرقت لوحة مايكل أنجلو التى تتناول نفس الموضوع وبنفس المبرر في عهد لويس الرابع عشر بناء على طلب داعرة كانت تمارس العشق معه إسمها مدام دى مانتنون!!. * قال الإمام الحافظ بن قتيبة الدينورى: "وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تصعر خدك وتعرض بوجهك، فإن أسماء الأعضاء لاتؤثم، وإنما المأثم في شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب "!!. *قال كولن ولسن " أنا شاعر لاأحب الناس بالشكل الذى هم عليه، فهم مخيبون للآمال ومقبضون إلى درجة كبيرة، وحين يتهمنى النقاد بأننى مشغول بالجنس، أعترف بذلك بترحاب، فهو أحد الموضوعات القليلة التى يجب أن ينشغل بها الأذكياء، دعنا نفكر بالجنس ونتحدث عنه قليلاً لشئ ما، إن الشعراء والفلاسفة كانوا يبحثون عن معناه منذ تعلم الإنسان أن يفكر، فتجاهل الأغبياء الذين يخبرونك أن تدع الجنس لغرف النوم ولاتتحدث عنه، إن نظرة واحدة إليهم ستقنعك أنهم لو فكروا لأنفسهم بطريقة صحيحة لما أصبحوا أناساً من الدرجة الثانية كما هم عليه الآن!!!!.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon