المادة 548 من قانون العقوبات السوري سيئة وغير إنسانية تحط من قيمة المرأة وتستخف بحياتها وسلامتها الجسدية ومشاعرها وتوفر المشروعية للرجل تحت ذريعة الدفاع عن الشرف بقتلها وإزهاق روحها، لمجرد الشبهة أحياناً، بمباركة اجتماعية مستندة ومستمدة من تقاليد بالية ترسخت عبر ارث تاريخي طويل يتكئ على فهم خاطئ للدين والشريعة يعتبر النساء إن كن راشدات فهن ناقصات عقل ودين ويأتين في المرتبة الدنيا من الرجل تضاف إلى ممتلكاته وله الحق في التصرف بها وبمشاعرها وأحاسيسها كما يجب ويشتهي. دون النظر لاعتبار أن المرأة كيان إنساني حر ومستقل مساوية للرجل تماماً في الحقوق والواجبات. فهذه المادة وغيرها من المواد التمييزية المتواضعة على مساحة قوانيننا الوطنية لا في قانون العقوبات فحسب بل وفي الأحوال الشخصية وقانون الجنسية وغيرها والتي تترجم بشكل واضح وجلي ذهنية المجتمع الذكوري الظالم والشديد القسوة على النساء، وتوفر الغطاء القانوني لممارسة العنف عليهن القائم على أساس الجنس، ولا تحول هذه المواد دون تمتع النساء بالحقوق والحريات الإنسانية، في إطار الحماية المتساوية مع الرجل أمام القانون قط، بل تجعل أقدس هذه الحقوق وهو حق الحياة في مهب الريح. فالمادة 548 تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يقر بالحقوق المتساوية للأشخاص، دون تميز على أساس الجنس وتتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولا سيما المادة الثالثة والمادة الرابعة عشرة منه، وتتعارض مع إعلان بكين 1995، ومع اتفاقية الدول الأمريكية بشأن منع معاقبة مرتكبي العنف ضد المرأة والمعروفة باتفاقية بيلن دوبارا ومع البروتوكول الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان لعام 2003. فهي أي هذه المادة تتناقض مع كل هذه الإعلانات والمواثيق والعهود والمعاهدات الدولية والتي صادقت سورية على معظمها، والمعروف أن المصادقة على أي اتفاقية دولية تعتبر نصوص أعلى مرتبة من القوانين الوطنية للدولة المصادقة، ولابد لهذه الأخيرة من مطابقة قوانينها وتكييفها مع الاتفاقية، وإزالة التعارض بينها إن وجد. كما أن المادة 548، والأهم من ذلك، غير دستورية لأنها تتناقض أيضاً مع نصوص الدستور السوري الذي يقر بأكثر من مادة بالحقوق المتساوية للرجال والنساء دون تميز بهذه الحماية التي توفرها المادة 548 لمرتكبي هذه الجرائم، ولمجرد الشبهة والريبة أحياناً حسب نص الفقرة الثانية منها، والتي لا ترتقي عند بعض الأشخاص ولا تعد أكثر من وشايا كاذبة أو نظرة أو خروج من المنزل دون مرافقة الأب أو الأخ أو أحد المحارم... فقد يقود ذلك إلى قتل المرأة دون وازع من ضمير كون القاتل يقترف جريمة وهو على ثقة بأن العدالة لا تطاله ولن يتعرض للمحاسبة أو العقاب الرادع، فلا بد من إلغاء كل المواد التمييز المعمول بها في قوانيننا المختلفة وبخاصة هذه المادة التي تبيح القتل خلافاً لكل الشرائع والأديان السماوية السمحة وخلافاً للعقل والمنطق والإنسانية وخروجاً عن الرحمة، والشفقة ولا بد من اعتبار أن العنف ضد المرأة يتنافى مع الكرامة الإنسانية وجسدها مصون لا يجوز أديته، وحق الحياة مقدس لا يجوز لأي كان العبث به.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon