"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" صدق الله العظيم. هذا قانون الإله الصريح الواضح في توصيف الحياة الزوجية. وفي التفاصيل تم التأكيد على شرط قبول الزوجة ورضاها، ليكون الزواج شرعياً. إذا جاءت مشيئة الإله القادر الجبار العزيز المهيمن بهذه الرقة والوداعة، فهي لحكمة إله رحيم عارفٍ يوجه لإعمار الكون. ويتجرأ البعض، البعض الكثير، ليتجاوزوا هذه الحكمة الإلهية، ويكونوا القدر العاتي الذي لم يختره الله. فيلطخوا باسم ذات الإله أيديهم بدم حرّمه عليهم. خلف الأبواب نساء لا تحصى أعدادهن تنتهك إنسانيتهن كل آن من قبل أزواج رضيتهم العائلة ورفضتهم الزوجة صاحبة الشأن محققة بذلك شرط بطلان عقد الزواج من أصله، ويصمّ أولياء الأمر آذانهم عن هذه الجرائم ويتجاوزونها دون أن تطعن كراماتهم أو أن يوجعهم الشرف! لكن الشرف يستصرخ أصحاب الحمية إذا تزوجت –الضلع القاصر- وتبقى قاصراً لو عمّرت مئة عام من شخص رضيته لنفسها، اختارته ليكون من تسكن إليه، وتعيش معه بالمودة والرحمة كما شرع له الله دون موافقة "أصحاب الحق" في امتلاك رقبتها و.. رغبتها.. يلبون الصرخة باستماتة، نصرة للرجولة والعرض الذي لا ينتصر إلا بالقتل! هذا القتل الذي تحرّمه الشرائع السماوية والذي، لسبب مجهول، يتساهل فيه القانون مبررا إياه إذا كان –غسلاً للعار!- وكأن المشرع يصدر –دون نص أو تحديد للمادة- قانوناً يشرع فيه قتل المودة والرحمة والحب، وعقوبةً رادعةً تحظر اختيار أزواج تسكن إلى بعضها إن لم يوافق عليها أي فرد من –فحول- العائلة، ضاربا عرض الحائط بقانون الإله وسنة رسوله.
كيف يفكر أصحاب هذه الرؤية؟ إذا كانوا يعتبرون اختيار المرأة الراشدة لزوجها اثماً تقتل عليه، فهل يتذكرون أن السيدة "خديجة" خطبت لنفسها النبي محمد (ص).. ووافق؟! يخرجون عن سنته، يعصون ربهم،.. ثم يتفاخرون! وكيف يفكر أصحاب القانون في توصيف "جريمة الشرف" حتى يخففونها إلى الحدود الدنيا إذا كانت لرجل، فيطلق سراحه بعد فترة وجيزة ليباهي الناس بفعلته.. ويرفعوها إلى الحد الأقصى إذا قامت بنظيرتها امراة؟ الرابط بين الرؤيتين صارخ، لا يحتاج إلى توضيح، ما يحتاج للتذكير: هو أن القتل فعل حرام وجريمة تستدعي العقوبة الرادعة دون تمييز، ومسؤولية القانون أن يبت فيها بإنصاف. أيها النائمون على أدراج التاريخ، ألم توقظكم شمس القرن الحادي والعشرين، ألم تنجح في إضاءة الكثير من زوايا العتمة التي كان مسلماً بظلمتها، ألم تفلح بإقناعكم بضرورة تغيير معالم الطريق العتيقة، طريق الغابة وشريعتها؟ أما آن لهذا النور أن ينقر على عيون النيام في مواقع الرأي ليفيقوا، وليتحملوا مسؤولياتهم بكامل أبعادها.. ولينصفوا. ليطبقوا شعار محاكمهم: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". القتل جريمة.. هل تحتاج هذه البديهة إلى شرح وتأكيد؟!.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon