أحد عشر دقيقة... أحد عشر فضاء..

لم نعد صغار في عالم يريدنا أن نكبر عاجلاً ، فالوقت يمر كعاصفة يصعب معها بقاء أي أثر.. وعلينا- شئنا أم أبينا- أن نمر في ممرات مزدحمة وضيقة وخانقة..

خاص: نساء سورية

لم نعد صغار في عالم يريدنا أن نكبر عاجلاً ، فالوقت يمر كعاصفة يصعب معها بقاء أي أثر.. وعلينا- شئنا أم أبينا- أن نمر في ممرات مزدحمة وضيقة وخانقة.. وعلينا أن نعلم أن الموت طويل .. والحياة ومضة وأنه لا خيارات كثيرة في هذه الومضة.. وأن الحب والجنس منفصلان... وأن العمل والحياة الشخصية أيضاً منفصلان... وأن الجسد دنس.. والروح طاهرة
وعلى بعد حبو من الحرية، يعيش كل منا قابع في خطوط الوهم... وهم الانعتاق...
ربما تمضي الحياة ماسحة ملامحنا...ضوءنا... مهدية لنا بعض الجلبة وكثير من الفراغ...
ودون أن نعلم أنها تأخذ الكثير منا و تجردنا من الرغبة.. والانطلاق.. من بديهيات الجسد.. وتهويمات الروح
ولن نعلم أنها تخدعنا...!
ولن تخدعنا إلا بإرادتنا... باستكانة ظلنا اللطيف في المساءات المهادنة... في دقائق القيلولة الضحلة...التي لا تكاد تكفي لالتقاط الأنفاس.... أو لا تكفي إلا لاستعادة الضجيج مرة أخرى..
تخدعنا برغبتنا الحتمية بالانقياد... بالاستسلام للحقائق الأزلية...
أليست الحقيقة نسبية..؟!
إنها حياتنا التي نستهلكها كمواد التنظيف... والتي لا نتقبلها إلا بعد أن تلمعها تلك المواد القطرانية...!
لتغدو الحياة ورشة ضيقة، ونحن ملتصقين فيها متداخلين.. في عمليات تلميع متماثلة.....!!
تخيطنا المصالح ببعضنا... من وجوهنا... من عيوننا... تدخل الإبرة بخيط طويل غليظ في أجسادنا... دون أن نشعر حتى بالألم الحارق عبر الثقوب... ودون أدنى إحساس بالحب...!
ربما فقدنا الحب... ربما هاجر الحب إلى غير رجعة عالمنا الزاحف نحو السماء كالوباء..!!
ربما فقدنا التهويم الرائع في بحثنا عن نصفنا الآخر... أو أننا لم نعد نفاجأ أن نصفنا الآخر هو نصف آخر لغيرنا، أو أن نصفنا الآخر مفروض علينا... من يدري!

مع ذلك لا يزال في هذا العالم الذي لم تعد للحقائق الثابتة مكان فيه، فسحة لانفراج بعض الأجساد المتطاولة في الضوء... مسرح لحرية حقيقية، فسحة يتحدث عنها باولو كويللو في روايته أحد عشر دقيقة مشبهاً إياها بالضوء... الضوء الذي لا يستطيع أي ظلام حجبه.. مقدماً نموذجاً من حالة حب عصية بين رسام أوروبي مشهور وعاهرة برازيلية جاءت إلى سويسرا تبحث عن ما يكفي من المال لبناء مزرعة في البرازيل تضمها بعائلتها...
هذه العاهرة التي أعطت بعداً آخراً للحياة، للتجربة... للحرية.. تمكنت من تطويع جسدها للذهاب إلى أقصى الأشياء وأقصى المشاعر... واستطاعت أن تحفل بالحب الحقيقي، وأن تشعر بالعذرية أكثر من أية فتاة عذراء... واستطاعت أن تكتشف كل نقطة بجسدها وأن تعرف الألم والانتظار والخيبة بملء إرادتها ووعيها..!
محولة الأحد عشر دقيقة التي تستغرقها الممارسة الجنسية الروتينية إلى أحد عشر ساعة... أحد عشر يوماً... أحد عشر فضاء..
فالحرية إذاً هي الذهاب إلى أبعد ما يمكن... بالجسد والروح معاً.. بالجنس والحب معاً بالعقل واللاوعي معاً...
هي تلك الجرأة الساحرة بالارتجاف تحت الضوء في عري مطلق...


  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon