عندما يجري الحديث عن تأثير يوم الميلاد على الصحة، المهنة والحياة العائلية للإنسان، فإن الإجابة عادة يعطيها علماء الفلك. أما في الوقت الحاضر فقد بدأ الأطباء وعلماء النفس بدراسة هذا الموضوع، كما ذكرت مجلة Die Welt. الاستعداد لزيادة الوزن، السكري، أمراض القلب أو التحسس، كما يبدو، تتعلق بالشهر، الذي ولد فيه الشخص. بل حتى احتمال أن يكون المرء خجولاً أو جريئاً أو عسراوياً، هل سيكون عنده أطفال كثيرون، أيضا يرتبط بيوم الولادة. في الخمسينيات من القرن العشرين لفت نظر الطبيب النمساوي شتور، أن القسم الأعظم من مرضاه المصابين بالسرطان، قد ولدوا في اشهر محددة. فقام بتحليل المعطيات المتعلقة بوفاة حوالي ثلاثة آلاف وفاة ناجمة عن الإصابة بالسرطان. وقد أكدت النتيجة فرضيته: مَن وُلِد ما بين أيار وآب – كان خطر إصابتهم بالسرطان اقل بكثير. ثم أظهرت دراسات متأخرة نتائج مشابهة. الأشخاص، الذين رأوا النور في فصل الخريف هم دائماً يحتفلون بعدي ميلادهم وسط الأصدقاء والأقارب الكثر. وهم يعيشون حتى سن متأخرة أكثر من غيرهم – حسب ما توصلا إليه غابرييل دوبلهامر- رايتر وجيمس فاوبل من معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية في مدينة روستوك. لقد قاما بدراسة المعطيات المتعلقة بأكثر من مليون إنسان كانوا قد ماتوا ما بين 1968 وعام 1988 في النمسا، الولايات المتحدة الأمريكية، واستراليا، وعند موتهم كانوا قد تجاوزوا الخمسين من العمر. أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فإنه يجري العكس: المعمرون الأستراليون غالباً رأوا النور في الربع الثاني من السنة، من نيسان إلى حزيران، أي في فصل الخريف الأسترالي. أما إذا كان يوم الميلاد شتاء، فإن هذا يهيأ للإصابة ببعض الأمراض. دايبي لاولر وريتشارد ميتشيل من جامعة بريستول وايدينبورغ قاما منذ فترة بمعاينة 4286 امرأة في عمر ما بين 60 و79، واللواتي ولدن من عام 1919 وحتى 1940 في 23 مدينة مختلفة من بريطانيا. وقد تبين لهما وجود نسبة عالية من الكوليسترول بالدم لدى النساء اللواتي ولدن في فصل الشتاء، وأن لديهن نقص في الوظيفة التنفسية مع استعداد مرتفع للإصابة بالأمراض القلبية. إن خطر الإصابة بالأمراض القلبية عند النساء، اللواتي ظهرن إلى الحياة في الأشهر الأكثر برودة من السنة، أعلى بنسبة 24 % مما عند الأخريات. كما إن شهر الولادة يمارس تأثيراً على عوامل أخرى، على الطول وعلى التفاؤل. مثلاً، لقد أظهرت دراسة في جامعة فيينا أجريت على 500 ألف مطلوب للخدمة العسكرية، أن الشباب الذين ولدوا في الربيع يكونوا أطول ممن ولدوا في الأشهر الأخرى من السنة. وأن العسراويين غالباً يولدون خلال الفترة من أيلول إلى شباط، بينما الأطفال، الذين يولدون في فصل الربيع يكونوا على الأرجح خجولين. أما السعداء فهم أولئك، الذين يرون النور في فصل الصيف. يؤكد ذلك البحث الذي أجراه ريتشارد وايزمن من جامعة هيرتفوردشير. ففي إطار الاستبيان، الذي شارك فيه أكثر من أربعين ألف شخص، قام البروفيسور في علم النفس بدراسة العلاقة بين شهر الولادة والموقف من الحياة. تبين أن، الذين ولدوا في فصل الصيف، قد امسكوا بذيل طائر السعادة – على الأقل، هكذا هم يعتقدون. لقد كان تقييمهم للذات عالياً، التفاؤل – أعلى، النظرة إلى الحياة – اكثر إيجابية مما عند أولئك، الذين ولدوا في فصل الخريف أو الشتاء. هذه الأبحاث ليس لها أية علاقة بعلم الفلك. فالعلماء يربطون الأسباب بعوامل علمية. ذلك أنه أثناء الحمل وفي الأشهر الأولى بعد الولادة، إن عوامل البيئة – المناخ، التغذية، الأمراض المعدية، الهرمونات – كلها تمارس تأثيراً على الإنسان بدرجة مختلفة. فالعوامل، التي تؤثر في الطفل في تلك المرحلة من العمر، تترك أثراً طويلاً على مستقبل النمو الفيزيائي، العقلي والعاطفي. إن شهر الولادة، طبقاً لكل المعطيات، يؤثر على الميول وعلى التنافر و، ربما، يشكل عاملاً مستقلاً من عوامل الخطورة بالنسبة لبعض الأمراض، أو بالعكس يزيد من مقاومة أمراض أخرى. مع العلم أنه لا يوجد شهر ولادة مثالي "Optimal". فكل شهر من الأشهر له إيجابياته وسلبياته. وإن أولئك الأشخاص، الذين يعرفون عنها - يتمتعون بإمكانية الاستفادة من فرصهم على افضل نحو، وبالتالي ممارسة نمط حياة معين والقيام بمحاربة الأخطار المحتلمة.
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon