عندما يقتل الأخ باسم المجتمع والقانون

خاص: "نساء سورية"

مسألة الزواج بين طرفين من طائفتين أو دينين مختلفين إنما هي مسألة قديمة حديثة، لا تخلو قصصنا ورواياتنا العشقية منها. خاصة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. ربما لأنها تدخل ضمن إطار الحب المحرم الذي يولجها في عالم عذاب الحب والرومانسية وما شابه.
لكن القضية ليست حباً وزواجاً إنما هي قضية مجتمع، والدليل على ذلك هو عدم وجود هذه القصص في المجتمعات الأخرى التي يحكمها المجتمع المدني ما يبعدها عن مشاكل كثيرة تقع فيها مثل هذه الزيجات.
في زواج بين اثنين من طائفتين أو دينين مختلفين في مجتمع متدين (عندما يتم الزواج) يعد هذا الزواج زِنا بالنسبة إلى أحد الطرفين لأنه ليس على طريقة دينه هذا بالنسبة إلى وجهة النظر الدينية، وهذا يتعلق بالمتدينين.
لكن المشكلة الأخرى والتي تعمّ الجميع هي المجتمع نفسه، هذا المجتمع العائلي الذي يتداخل ببعضه، فيرتبط هذان الشخصان بأهلهما وأقاربهما، وهذا يولد مشاكل لا حصر لها، بدءاً من عدم قبول هذا الغريب الكافر، لأننا تربينا على أن ما نؤمن به هو الحق، وما يؤمن به الآخر هو الباطل، لذلك لا نستطيع تقبل الآخر والتعامل معه، وانتهاءً بالأولاد الذين يعدّون ضحايا هذا الزواج، فهم منبوذون من أقاربهم من الجهتين أو من أحدهما، لأنه غير مرغوب بهم. هذا عدا عن المصيبة التي تنزل بأولئك الذين خرجت ابنتهم أو ابنهم عنهم، تلك التي تؤدي إلى موت الأب أو الأم في بعض الأحيان، بالإضافة إلى نبذ هذه العائلة، لأنها تعدّ خارجة عن الأخلاق، وتبدأ ردود الفعل العنيفة والقاسية كتعبير من الأهل عن الرفض كي لا ينبذوا من مجتمعهم كله إلى الأبد.
هذا وغيره من أمور التي تحول الزواج الذي بدأ بالحب إلى نفور من كلا الطرفين، فالمجتمع يتدخل والأهل يرفضون وينفرون.
أما المجرم الآخر فهو القانون الذي وضع ديناً رسمياً للدولة، وعدّ أن من سيتزوج شخصاً من هذا الدين الرسمي، يجب أن يتخلى عن دينه لصالح هذا الدين الأساس، ولا يجوز العكس، وهذا أمر ضمني، لأنه في حال عدم التخلي لا يورِث أحدهما من الآخر لأن قانوننا لا يورث "الكافر من المؤمن"!
ما أود الوصول إليه، هو أن هذا الزواج ضمن مجتمع تربى على نبذ الآخر، وضمن مجتمع يحكمه الدين، ولو بشكل غير مباشر، وتحت ظل قانون يتأرجح بين الشرائع الدينية والمدنية، هو زواج محكوم بالإعدام، وعندما قتل ذلك الأخ أخته، إنما هو نفذ حكم المجتمع والقانون، لأنه هو نفسه، لو كان يعيش خارج مجتمعاتنا العربية والإسلامية، سيوافق ويبارك هذا الزواج.

14/9/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon