بكاء الحجر

 جلست أمام البحر الواسع أتأمل الأفق علني أجد شيئاً يقنعني بأن الأفق ينتهي.. / فإذا كانت الحياة تنتهي والإنسان ينتهي.. كيف لا ينتهي الأفق..؟!

خاص: نساء سورية

 جلست أمام البحر الواسع أتأمل الأفق علني أجد شيئاً يقنعني بأن الأفق ينتهي..
فإذا كانت الحياة تنتهي والإنسان ينتهي.. كيف لا ينتهي الأفق..؟!

 فجأة خرج كائن من البحر.. لم يكن بشراً ولا حيواناً ولا نباتاً.. اقترب مني وقبلني على جبهتي قبلة حارة ألهبت في الحياة.. جلس بقربي وقال: لا تخف.. جئت لأجيبك على كل ما تود معرفته..
أجبت ولكن من أنت..؟ قال: تعرف في النهاية..
- حدثني عن الأفق..
- الأفق مرآة الكون التي لا تتحطم والتي يرى فيها البشري بشاعة نفسه وعيوبها ويعجز من النيل منها.. وتدميرها..
- والبحر؟
- البحر.. إنه الحياة بنقائها وتلوثها إنه الحزن.. الثورة.. الهدوء.. الغدر.. الفرح
- هل تعرف كيف تكون البحر؟
- في البدء كان هناك أم طيبة.. وهبت ذاتها لأولادها.. ومع الأيام استعبدها أولادها وجرحوها في أمومتها الصادقة.. أذلوها.. أهانوها.. حتى جاء يوم انفجر صبر الأم بركان دموع.. كانت الدموع تنهمر من جسدها.. من عينيها.. من ثيابها.. وكونت دموع تلك الأم المحيطات والبحار والأنهار..
- ما اسم تلك الأم ومن هم أولادها؟
الأرض.. وأولادها هم البشر..
سألته بذهول.. هل يبكي الحجر؟
أجاباني بسؤال: وهل يبكي البشر؟
فأجبت بتردد نعم
فضحك وضحك وضحك.. قائلاً إذاً الحجر استحال لبشر!
- أجبته بعصبية لكن البشر ليسوا حجراً..
أجاب بحزن.. لما تظلم الحجر..!!

ولكن من أنت فلست أراك من الحجر ولا من البشر؟
أجابني بهدوء اهتزت له نفسي القلقة "أنا روح الإنسانية الراقدة في أعماق الحياة.. وأسئلتك أخرجتني من خلوتي الأبدية.. فطفولتك جزء مني أتمنى ألا يتبخر..
واختفى..

عدت أدراجي وفي عقلي صراع خفي.. وفي قلبي ألم مجهول المصدر..

ومرت الأيام وبعدها السنين.. لأجلس أمام البحر مرة أخرى.. ولكن هذه المرّة في إحدى المقاهي لأعقد إحدى الصفقات التجارية وليس لأتأمل مزيجه.. كان هناك طفلاً يقف على صخرة عالية.. يتأمل البحر.. يحاكيه.. استدار نحوي.. وإذ وجهه وجهي يوم كنت طفلاً.. !

كان هذا الطفل إنسانيتي التي لم أشأ يوماً أن تبقى معي..


    
التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon