إن اتباع المنهج والأسلوب العلمي في حياتنا النظرية والعلمية يرشد عقولنا وينير طريقها من أجل بناء مجتمع متطور وراق، معتمد على ماضي حضارتنا العريق،
إن اتباع المنهج والأسلوب العلمي في حياتنا النظرية والعلمية يرشد عقولنا وينير طريقها من أجل بناء مجتمع متطور وراق، معتمد على ماضي حضارتنا العريق، وطموح لمستقبل أفضل لأمتنا العربية، وشامل لوجه التاريخ الإنساني المضيء في خدمة البشرية جمعاء.
إن قضية تخلف أوضاع المرأة واستغلالها قضية عالمية ليست مقتصرة على العالم العربي أو علينا في الخليج، فحتى المجتمعات الغربية الصناعية تعاني فيها المرأة أيضا من التمييز وعدم الثقة في قدراتها،
مع وجود التباين الشديد في درجة أوضاع المرأة واستغلالها بيننا كعالم عربي وبين المجتمعات الأخرى، ففي الوقت الذي نرى فيه المرأة في المجتمعات الأخرى حتى في الكيان الصهيوني تشارك سياسيا واقتصاديا وعسكريا في عملية التنمية الشاملة، مازلنا نحن نرى ظاهرة مثل الزواج الإجباري (حيث يختار الأهل الزوج المناسب حسبا ونسبا لابنتهم) لازالت موجودة في مجتمعنا العربي مثلا.
كيف نفهم مسألة التطور التاريخي والاجتماعي والاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات سواء أكانت شرقية أم غربية، اشتراكية أم رأسمالية، كيف نفهم حدوث التغير الاجتماعي، وكيف نعي قانون الترابط بين الحاضر والمستقبل؟ البعض يرى أن مجرد حدوث تغيير للنظام السياسي في الصين مثلا وتحوله من نظام اقطاعي إلى نظام اشتراكي يجب أن يترتب عليه مباشرة تغيير شامل في النظام الاجتماعي.
لكن نؤكد أن حدوث أي تغيرات سياسية في أي مجتمع، واستبدال نظام سياسي بنظام سياسي آخر، لا يعني حدوث تغير كلي وتبدل مطلق في المفاهيم الثقافية والقيم الاجتماعية لذلك النظام، إذ أنه من المستحيل أن يقفز مستوى الوعي لدى الناس (رجالا ونساء) مرة واحدة، ومن الصعب أن تنمحي تراكمات مئات السنين للقيم والأعراف والتقاليد، فليس من السهل إزالة النظام السابق بكل موروثاته الاجتماعية والاقتصادية في فترة بسيطة.
إن تاريخ اضطهاد المرأة يعود إلى ستة آلاف عام، والقيم والأعراف والتقاليد التي سادت خلالها لا تتغير بسهولة، فالمجتمع الصيني أو الهندي أو غيره لازال يمارس بعض العادات التي كانت سائدة قبل ألف وخمسمائة عام، والخبر الذي نقلته بعض الصحف مثل «أخبار الخليج« يعزز ما نقول عن استمرار ظاهرة وأد البنات مثلا كظاهرة سادت قديما لكنها لاتزال موجودة في الكثير من القرى الهندية، وذلك لمحو العار الذي يلحق بالأم إذا ما ولدت بنتا، لكن السبب الحقيقي لاستمرار هذه العادة هو سبب اقتصادي مادي، ألا وهو تخفيف عبء المهر عن كاهل العائلة، كما لاتزال بعض القبائل في الهند والصين تحرق المرأة حية مع زوجها إذا مات، بل حتى المجتمع المصري لازال يمارس بعض العادات التي مارسها الفراعنة، مثل ختان البنت، وحتى في المجتمعات الأوروبية مازال البعض يؤمن بقيم بالية ويمارس طقوس القرون الوسطى.
هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو المتعلق بخصوصية النظام السياسي، فمثلا إذا حل نظام رأسمالي بدل نظام اقطاعي لا يعني ذلك أن تزول معه الظواهر الاجتماعية والثقافة التي سادت في المجتمع الاقطاعي، وتزول معها جميع البنى الفوقية للمجتمع، وهذا مستحيل لأن التصفية المادية لأي نظام لا تعني التخلص من آثاره المعنوية، وما النكسات التي تحدث لبعض الشعوب إلا بسبب بقاء هذه الآثار التي تحمل القيم والمفاهيم التي أفرزتها مئات السنين من القمع الفكري والنفسي والتي ترسخت في الأذهان مع الزمن وغياب الوعي بخطورتها وتأثيرها على الجميع، فمن المستحيل أن يتحرر المجتمع نساء ورجالا من مفاهيم اجتماعية متخلفة سادت آلاف السنين بمجرد تغير النظام السياسي.
***
اخبار الخليج - 20 مايو 2006
5/2006
بوابة المرأة في البحرين
بوابة المرأة في البحرين
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon