الإدمان على الكحول ( الغولية)

خاص: "نساء سورية"

"نشوء وتطور سلوك منحرف بيِّن مترافق مع التناول المفرط والمزمن للكحول"

الغولية حالة مرضية مزمنة  غير محددة أسبابها وهي ذات بدء مخاتل ومشهد سريري واضح يتناسب في شدته مع درجة التعاطي وحدة الإنسمام وللغولية وجهان الأول يعكس الشكل السريري من أعراض وعلامات أذية نسيجية مرضية وأعراض انسحابية خطرة والثاني يعكس الوضع المتدني اجتماعيا وأخلاقياً للمتعاطين ولأسرهم وهذان الوجهان متلازمان مع أن أحدهما قد يطغى على الآخر..
وللمصاب بالغولية نمط يميزه التناول المفرط والمديد والذي ينجم عنه ربما السكر والانسمام والفشل الاجتماعي الزوجي والمهني (مع إمكانية الإنفصال الزوجي والطرد من العمل و التعرض لملاحقة الشرطة بسبب ذلك)
إدمان النساء أقل من الرجال ويأخذ طابعاً فردياً على الأغلب بسبب الطابع الاجتماعي الخاص بهن.
الإمراضية (السببية) ونسبة الحدوث:
الإمراضية (السببية) غير معروفة ولكن الصفات الشخصية تلعب دوراً مثل:
ميول فصاما نية ( عزلة –وحدة – خجل)
ميل للكآبة والتواكل والعدوانية والنزق بدون سبب وعدم النضج الجنسي
الوسط العائلي والاجتماعي المؤهب(الغوليون ينحدرون من عائلات ووسط اجتماعي غولي غالباً) مثل التفكك الاجتماعي والعوامل الثقافية المشجعة على ذلك
للعوامل الوراثية دور مهم حيث لوحظ أن أبناء المدمنين أكثر إدمانا من إخوتهم بالتبني
نسبة الحدوث: 4رجال مقابل امرأة واحدة مع ازدياد نسبة النساء بشكل مضطرد وكذلك الطلاب
75% من الأمريكيين يتعاطون الكحول وسوف يعاني واحد من كل عشرة منهم من مشاكل لها علاقة بالغولية يوماً ما.

الفيزيولوجيا والتشريح المرضي (باثالوجيا):
يمتص الكحول من الأمعاء الدقيقة بشكل أسرع من إطراحه مما يؤدي لتراكمه في الدم..
5-10% من الكحول المشروب يطرح من دون تغيير عن طريق التبول والتنفس والتعرق والباقي يؤكسج ويتحول إلى co2 وماء بمقدار1-10 من الكحول الممتص كل ساعة وكل 1مل يعطي 7k cal .
الكحول بشكل رئيسي مثبط للجملة العصبية المركزية حيث أن:
50ملغ / ليتر يعطي إحساساً بالهدوء
50-150 ملغ/ليتر يسبب صعوبة في التنسيق والترابط
150-200ملغ/ليتر يسبب الهذيان والتخليط والانسمام
300-400ملغ/ليتر تسبب الغشي الكحولي
أكثر من 400ملغ /ليتر كمية مميتة
والقانون الأمريكي لايسمح بقيادة السيارة إذا كانت نسبة الكحول أكثر من 100ملغ /ليتر وإذا كان المتعاطي أقل من 21 سنة يسجن ( وقد تم تطبيق ذلك على ابنة جورج بوش الإبن  خلال رئاسته الأولى)..
وبالتشريح المرضي لوحظ أن أكثر الإضطرابات  العضوية كنتيجة لتعاطي الكحول هي تشمع الكبد، اعتلالات الأعصاب المحيطية،الأذيات الدماغية ،اعتلالات العضلة القلبية المترافقة باللانظمية ، التهابات المعدة شائعة..
للكحول تأثير سام مباشر على الكبد يؤازره سوء التغذية الذي يحدث ثانوياً للامتصاص الشديد للكحول مما يحدث اضطراباً غير عكوس لوظائف الكبد فيضطرب تخزين الغليكوجين مسبباً نقص سكر بسبب نقص القدرة على تحريك الغليكوز وبسبب نقص التغذية أيضاً.
والتأثيرا لسام المباشر  للكحول مع سوء التغذية (خاصة للثيامين) يسببان اعتلال أعصاب محيطي وأذية دماغية.
والتأثيرا لسام المباشر  للكحول وبشكل مستقل عن  سوء التغذية يحدث اعتلالات العضلة القلبية ألغولي بعد10سنوات من التناول المفرط للكحول وتتظاهر سريرياً بضخامة قلبية وقصور
قلب احتقاني ونسيجياً بتليف منتشر في العضلة القلبية وبارتشاح غليكو بروتيني مسبباً للضخامة ونقص الثيامين يسبب قصور قلب (بري بري) عالي النتاج مع اضطرابات نقل شاردية المنشأ.
إن التناول المفرط للكحول قد يسبب اضطراب وشذوذ في النقل القلبي قد يسبب الموت القلبي المفاجيء وخاصة عند الغوليين الشباب..
التهابات المعدة عند الغوليين تتعلق بتأثير الكحول على المفرزات المعدية حيث  تزداد حجماً وحموضةًً بينما يبقى الببسين منخفضاً..

التحمل، الاعتماد الفيزيائي:
متعاطوا الكحول بكميات كبيرة وبشكل متكرر تزداد ظاهرة التحمل لديهم وهي: (ضرورة تناول كميات إضافية كل مرة للحصول على التأثيرات السابقة نفسها) وهذه الظاهرة نفسها تشاهد في مثبطات الجملة العصبية المركزية الأخرى مثل: (أفيونات،ميبرومات، بريبتورات ).
سبب  هذا التحمل يعود إلى تبدلات في خلايا الجملة العصبية المركزية تسمى تحمل خلوي  أو تحمل ذو صلة بالحركية  الدوائية ، وبعض المتعاطون لديهم نسب للكحول في المصل غير معقولة فبعضهم بقي على قيد الحياة بنسبة تتجاوز700ملغ/ليتر ولوحظ أن الجرعة المميتة أعلى بقليل من جرعة التحمل عند حيوانات التجربة ، والاعتماد الفيزيائي المرافق للتحمل عميق الصلة به بحيث أن القطع المفاجئ يسبب آثار جانبية إنسحابية خطيرة ومميتة..
كذلك يوجد تصالب بين التحمل الكحولي والتحمل في مثبطات الجملة العصبية المركزية الأخرى (بريبتورات ومنومات غير باربيتورية وبينزوديازيبين ).

التناذرات الانسحابية الغولية:
وهي مجموعة من الأعراض والعلامات التي تظهر خلال ال12-48 ساعة التالية للتوقف عن التعاطي .
الخفيفة منها عبارة عن رجفان ووهن وتعرق واشتداد المنعكسات الوترية والأعراض المعدية المعوية إلى أن تصل إلى اختلاجات معممة وحالة الصرع الكحولي.

الهلوسة الكحولية:
تحد ث عقب إنقطاع مفاجئ بعد تناول مفرط ومديد للكحول ويتظاهر بهلوسة سمعية متواترة تترك المدمن المصاب بها بحالة قلق وذعر كأنه في حالة تعرض لأحلام مرعبة ومهددة.
هذه اللوحة السريرية تتماثل مع اللوحة الفصامية ولكن بشكل عام لا يوجد اضطراب في التفكير. وماضي المريض لا يشير إلى شيزوفرينيا سابقة
والأعراض لا تدعنا نفكر بالمرحلة الهذيانية لمتلازمة عقلية عضوية حادة: الهذيان ألارتعاشي أو أي تفاعلات مرضية تترافق مع السحب. وعي المريض يظل جيداً والعلامات العصبية الذاتية للهذيان ألارتعاشي تختفي.
وعندما تحدث المتلازمة فإنها تسبق بشكل عام الهذيان ألارتعاشي، والأحلام المرعبة تظهر في هذا المجال ،الهلوسة الغولية عابرة غالباً لكنها تتكرر كل 1-3 أسابيع إذا استأنف المريض الشرب.

الهذيان الارتعاشي:
(تناذر سحب شديد). يبدأ خلال 48-72 ساعة بعد التوقف عن الشرب و يبدأ بنوب قلق ، تخليط ذهني،  نوم قليل ،إضرابات النوم (ترافق بأحلام مرعبة)،تعرق غزير ، كآبة ، هلاسات عابرة ولكنها متعبة ، خوف ورعب ، الإضرابات العصبية الذاتية الوصفية هي: تعرق غزير، تسرع النبض، ارتفاع الحرارة، تترافق مع الهذيان وتتطور معه ، الهذيان المعتدل يتظاهر بشكل عام بتعرق شديد،نبض 100- 120 /د. حرارة 37,2 – 37,8.
أما الهذيان الأشد فيترافق بصعوبة التوجه، وتبدلات الإدراك. وعدم الاستقرار ، ونظم القلب< 120/د والحرارة تتجاوز 37,8 م.
في البداية تظهر أهلاس عابرة ، وأوهام ليلية تؤدي للرعب الهياج.  ونموذجاً  في هذه الحالة والهذيان والتخليط وصعوبة التوجه، يظن المريض أنه يقوم ببعض أعماله اليومية ، فمثلاً يتصور أنه في عمله ويقوم بالفعاليات المتعلقة في ذلك. الأهلاس الطبيعية شائعة وهي غالباً مخيفة.المرضى حساسون لكل منبهات الحواس ، وخاصة للأشياء المرئية في الظلام. اضطرابات دهليزية تجعلهم
يظنون أن الأرض تتحرك. والجدار يقع والغرفة تدور. ومع تزايد الهذيان ، يحدث رجفان أثناء الراحة في اليدين ، مع بسط خفيف في الجذع والرأس ، ويحدث هزع ( Ataxia ) شديد ويجب الانتباه لأن المريض قد يجرح نفسه. تتفاوت الأعراض طبعا ً حسب كل مريض ولكنها بشكل عام متكررة من أجل المريض ذاته. الحرارة قد ترتفع بشدة في السحب و لا سبب عضوي يبرر ذلك. ولكن الحمة الشديدة في الهذيان هي علامة ذات إنذار سيء. الموت قد يحدث في سياق الهذيان الإرتعاشي، أو قد تنتهي  تلقائياً بمرحلة نوم طويلة. المرحلة الحادة تدوم  3- 10  أيام. وأحياناً أكثر من ذلك في الحالات الشديدة. ويبدأ الهذيان ألارتعاشي بالعودة إلى الوضع الطبيعي خلال 12- 24 ساعة وإذا لم يحدث التحسن بعد هذه الفترة ، يجب التفكير عندها بأمراض أخرى مثل: ورم دموي تحت الجافية أو مرض جهازي كبدي أو كلوي أو تغيرات أخرى في الوعي.

المصاب بتشمع الكبد وقرب حدوث السبات الكبدي:
يصبح مخبولا وخاملاً ، ويظهر الرعاش الخافق ( لإثباته (Asterxis . أما الخوف والذعر والهياج المشاهد في الهذيان فهي غائبة هنا. هؤلاء الأشخاص شديدو المرض ويجب تدخل الطبي بسرعة. )).

متلازمة كورساكوف اعتلال ورنيكة الدماغي:
التنكس الدماغي
داءمارشيافا-بيغنامي:
عند امدمنين الكحوليين وخاصة الرجال ويتصف بنوبات صرعية وربما سبات قد ينتهي بالموت
الإنسمام المرضي:
هو متلازمة نادرة الحدوث. تتظاهر بحركات متكررة وآلية مع تهيج شديد وعدوانية. وتصرفات المريض غير منطقية ولا يستطيع التحكم بها. هذه المتلازمة تحدث بعد شرب كمية قليلة من الغول. تستمر من عدة دقائق وحتى عدة ساعات ، ويليها نوم مديد ، ويحدث فقد ذاكرة كامل للنوبة..

العلاج:
بتناذر السحب:  في التقييم الطبي يجب البحث عن الأمراض الجسدية التي تختلط بتناذر السحب. ويجب نفي العلامات الناتجة عن الرضوض والتي بإمكانها أن تقلد تناذر السحب أو تختفي وراءه
ومن الهام تفريق الهذيان الإرتعاشي عن الاضطرابات العقلية الناجمة عن القصور الكبدي الحاد.
المصابون بالهذيان قابلون للإيحاء  بشدة وحساسون للشفقة ويجب التعامل معهم بلطف.
يجب إصلاح التوازن الشاردي وإعطاء جرعات كبيرة من الفيتامين  c وBوخاصة الثيامين فوراً وبجرعة 100ملغ عضلياً تتبع ب50 ملغ فموياً كل يوم يضاف لها فيتامين B12والفولات كلاهما يعطى منه1ملغ عن طريق الفم يوميًا وكل ذلك للوقاية من تناذر: ورنيكة-كورساكوف.
وعند المريض الغولي المتجفف نعطي 1000مل من المحلول المختلط ذي الغلوكوز5% ثم يعطى 1000مل من المحلول الغلوكوزي 10%.
بعض الأدوية المستخدمة لعلاج تناذر السحب تمتلك خصائص دوائية مشابهة للتأثيرات الفارماكولوجية للكحول وأكثرها استعمالاً ذلك الذي له تحمل متصالب مع الكحول.
كل المرضى المعرضون لتناذر السحب يمكن أن يتناولون مثبطات الجملة العصبية المركزية ولكن ليس كلهم يحتاج لها.
المعالجة  غير الدوائية لتناذر السحب ممكنة في جو من الحماية والمساعدة النفسية والآمان وهذا مايتعذر توفره في المستشفيات العامة وأقسام الطوارئ التابعة لها.
البنزوديازيبينات تبقى بشكل رئيسي المركبات الأكثر استعمالاً حالياً وتحدد الجرعة حسب العلامات الحيوية.
ال chlodiazepoxide يعطى في معظم الحالات بجرعة أولية:50-100ملغ فموياً ويوصى بإعادتها كل 3ساعات   …5ملغ    diazepam تعطى فموياً أوريدياً كل ساعة حتى يتم التسكين وذلك كعلاج بديل...
بالمقارنة بين البنزوديازيبينات قصيرة الأجل:( lorazepam, oxazepam) و البنزوديازيبينات طويلة الأجل:( chlordiazepoxide, diazepam) تفضل البنزوديازيبينات  قصيرة الأجل عندما يكون هناك إصابة كبدية..
(ملاحظة: البنزوديازيبينات يمكن أن تسبب إنسمام واعتماد دوائي وأعراض انسحابية )
الباربيتورات سريعة التأثير: مثل: (pentobarbital and secobarbital) نادرة الاستعمال حالياً ولكن لايزال pentobarbital يستخدم.
الفينوثيازينات:لايوصى بها في الهذيان ألارتعاشي لأنها ليست فعالة وحسب بل تخفض عتبة تنبيه حدوث الصرع مع أنها فعالة في الهلاسات الغولية وبجرعة:
(chlorpromazine or thioridazine 100 to 300 mg qid)
النوبات الصرعية المعزولة لاتعالج، المتكررة منهاتستجيب ل: diazepam 1 to 3 mg IV
وهكذا إعطاء ال:   phenytoin ليس ضرورياً بشكل روتيني بل مضيعة للوقت لأن النوبات تحدث في حالة السحب لأن المريض الثمل لايأخذ أدويته المعالجة للصرع غالباً..

إزالة التسمم:
سحب الكحول بعد تصحيح العوز الغذائي المترافق بالإسراف بتعاطيه (خاصة عوز الثيامين) وتغيير سلوك المدمن منعاً للنكس إذ أن أي عودة لتناول ولو كأس واحد يلقي به في أتون الإدمان ثانيةً ،جربت عدة طرق لمعالجة المدمنين على الكحول نفسياً وجد أن العلاج الجماعي أنجعها.

الغولية الخفية:
مامن مساعدة قدمت للغوليين كانت أنفع من تلك التي قدمت للمصابين بالغولية الخفية ، وعلى المريض البحث عنهم حيث يشعر بالراحة معهم ،وفي بغض التجمعات البشرية يوجد أطباء بشريون وأسنان مصابون بالغولية الخفية عندهم خبرتهم يستفيدون مجتمعين من تجاربهم بما يحقق لهم ثقة بالنفس وتقديراً للذات كانوا يحصلون على ذلك بتناول الكحول.

العلاج ب Disulfiram:
الديسولفيرام يتداخل مع استقلاب الأستيل ألدهيد ( مستقلب مرحلي لأكسجة الكحول)
والأستيل ألدهيد يتراكم معطياً تظاهرات انسمامية مكروهة وغير مريحة بشكل كبير..
وشرب الكحول خلال 12ساعة من تناول الديسولفيرام يسببوخلال5-15 دقيقة هبات وعائية حركية في الوجه وتوسع وعائي شديد في الوجه والعنق مع احتقان الملتحمة، صداع نابض ،تسرع قلب، زلة تنفسية شديدة، تعرق..
الغثيان والإقياء يظهران بعد30-60 دقيقة وقد يحدث هبوط ضغط ودوار وغشي ووهط دوراني هذه الأعراض تستمر1-3ساعات وللخوف من تكرارها المرضى لايتناولون الكحول إذا كانوا قد تناولوا الديسولفيرام.(ملاحظة: بعد أخذ الديسولفيرام لايجوز تناول مواد فيها مشتقات كحولية كالأصبغة وبعض شرابات السعال وعرق قصب السكر الذي يحتوي أحياناً 40% من الإيتانول ) وبالقابل لا يجوز إعطاء الديسولفيرام قبل 4-5 أيام من الإمتناع عن الكحول وجرعته البدئية 0,5 غرام يومياً لمدة1-3 أسابيع والداعمة يحددها المريض إلا أنها غالباً0,25-0,5  غرام يومياً وبجرعة واحدة وبعض المرضى يلزمهم جرعة أكبر ويجب تنبيه المريض إلى أن  تأثيرات الديسولفيرام تستمر3-7 أيام بعد إيقافه، وهذا العلاج لايعطى للحوامل أو في المرض القلبي غير المعاوض ،ولابد للطبيب من استمرار الاتصال مع المريض ودعمه وتشجيعه ومراقبته وقد ثبت نجاح إعطاء الديسولفيرام للإقلاع عن الكحول..

2/11/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon