لقد كان دمي يغلي كغليان دمكِ..دمكن.. لحظة فورانه كشلال أحمر لا يزال طازجاً بطعم سكاكين تمسحت به حتى اهترأت لتحيا ويحيا مجد القتلة.. كنت أطوف في حواري دمشق ومطاعمها وفنادقها باحثة عن من يحمل قلماً (لا سكيناً) ويوقع بالحبر(لا بالدم)..!! أردت أن أملأ قوائمي الطويلة الفارغة، أردت أن أعبر الجسر إلى عيونكن، أرواحكن قليلاً.. أردت أن أطأ عالمكن الفسيح , وأن أمسح عن وجوهكن ذعرها الأخير، في لحظاتها المنفلتة.. أردت أن أدندن آخر أغنية خطرت في خواطركن.. أن أتذوق آخر قطرة حب انسالت فوق شفاهكن... كانت الساعة الثانية عشر من منتصف ليل يوم حافل وكثيف بالأرواح... كان الجو عبقاً بما يكفي لأحس برطوبة الحزن في الجو ورطوبة الدم ..وكنت أتأرجح كدمية (في خيال الظل) في شوارع دمشق القديمة بينما كان يحوم سؤال أكيد، لماذا لا يكف هذا العالم عن قتل النساء... لماذا لا تكف النساء عن قتل النساء... تذكرت في تلك اللحظة فلم (الدمى) الياباني الذي حاز على الجائزة الأولى في مهرجان السينما السورية للعام الماضي، والذي أكد فيه مخرجه في كل لحظة كيف تمسك العادات والتقاليد ببشر من لحم ودم، وتحركهم بخيطان خفية كيفما اتفق ورتب، لتقودهم دون توقف وعبر الفصول والسنين إلى حتفهم الهزيل، الذي لا يكاد يترك أي أثر لأية حياة مضت وانقضت، الموت بلا أي استثناء في حياة لا تحتاج إلا إلى الحرية.. الحرية التي كانت قبل لحظات على بعد سنتيمترات قليلة عن عيوننا التي ستفقد بعد لحظات ربما كل الرؤى الرائعة والبائسة، السطحية والعميقة.. لكن...! للحياة استحقاقاتها الخاصة، نساء من لحم ودم يقودون الحياة إلى حيث يريدون، ثم يوقعون عليها بالدم.. ودونما خوف... فالحب حتمي والحياة حتمية والموت خيار الأبطال.. والسلام المهادن... سلطة الأقوياء.. لكن.. على الضعفاء... أو .. الأمساخ..!!!
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon