انفصام..

 خاص: نساء سورية 

شو في خلف البحر!!
في ذلك اليوم الماطر سمعت صوتك كاستغاثة، وعرفت الصوت جيدا، مر بوميضه الخاص وضاع في تفاصيل المطر، لكنه بعد ذلك، بدأ يقطر في الروح يدقدق في الأماكن السرية، في الجوف، فيرن رأسي كمزمار.
وأنا كنت على وشك الرحيل نحو انمساخي الجديد، نحو دوري الذي اخترعتيه لي يوما وصدقتيه وصدقتيني به: (دمشق!).
عرفت الصوت وعرفتك، لكني أردت أن أشيح عن تاريخي، أردت أن أهرب من سنوات العنف الطويلة، أردت أن أغيّب واهمة وجهك العميق أكثر مما تخيلت يوماً، أردت أن أنسى مخالب والدك تدق وتحفر باتقان الطغاة في بؤبؤ العين وفي الخطوط الدقيقة، أردت أن ألوح لمستقبل هادئ وبسيط وحر، لكنك كنتِ الجزء الأكثر التصاقا بي، الجزء القسري الجميل القابع في زوايا الروح، كنتِ المايسترو الذي تعلق بالمسرح حتى لحظات الموت الأخيرة، والمسرح هذه المرة كان قلبي!
لقد أصبحت غريبة الأطوار، هل أخبرك الناس المشوهون - بنظراتهم- هذه الحقيقة المتوقعة، هل بدأوا وشوشاتهم وغمزاتهم وضحكاتهم بعد أن أدرت لهم ظهرك عائدة من بوابة العنف مرة أخرى إلى دوارك الخاص، إلى الشرود المطلق، والأساسي...
حملت حقيبتي وطرت على طريق اللاذقية- جبلة وتبعت السهم، (سهم العنف)، وهناك في ذلك المكان المنسي كنت مع طفلتك عاريتين وحيدتين والرعد يصرع الأبواب حولكما، كان العالم مغلقا من كل الجهات، مطرٌ، مطرٌ، مطرْ...
لقد أصابني الهلع في اللحظات الأولى من جو بدا يشبهني تماما، ويشبهك!!
وها أنا أنصت إليك وأنت تحملين المطرقة وتدقين المسامير في جسدي، جسدي النافذة الوحيدة التي لم تخلعها الريح عنك، وطفلتك التي قلت لي يوماً أنك تخشين عليها منك، كانت تنهال بنهم عليك تتجرع من ثديك عنف السنوات الماضية وحكايا القهر.

و بينما كنت أتوارى في الطريق إلى دمشق كنت تتلاشين في الضباب بسرعة الريح على خط الساحل الطويل وتغيبين –يا شمس- خلف الجبال والبحار
هل غنت بعدها ميادة بسيليس: شو في خلف البحر؟؟
خبريات!!
هل ستعيدك –خبرياتي- ثانية يا صديقتي!!؟
هل سنطل من لوحاتنا وألواننا الخاصة إلى الماضي ونبتسم بهدوء!!؟
هل ستحمينا القوانين والمراسيم من العنف المتواصل قبل أن نواصل نحن انزلاقنا نحو الانفصام والجنون...؟!!

13/11/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon