أردت في ذلك الصباح الشهي أن أتذوقك، لكن فنجان القهوة المرة في يدك أقصاني إلى آخر حدود المرار، أقصاني مرة أخرى الجفاء المتراكم كزمن متوقف بيننا، أقصتني بداية حفيف أوراق الخريف حاملة في موسيقاها هدير غربة لم تتوانى يوماً عن تمزيقنا بينما كان أطفال الحي يلعبون بالكرة قرب نافذتنا، وكنت أنا الكرة تارة وتارة كنت أنت!! أكان ذلك كابوساً من كوابيس الخريف الدافئة كالدم في أول تدفقه فوق جسد تفاجأ بنهاية رحلته!؟ أردت أن يمضي الزعل بيننا إلى غير رجعة لأتذوق فنجان قهوتك من شفتيك، لأسرق وقت السحر النازل من آخر النجوم إلى الأشجار والعصافير، وأتماهى فيه كساحرة بين ذراعيك وأتفرد بكل خلية فيك!! لكن رائحة القهوة انتشرت في أرجاء البيت مثيرة رائحة القيود! تذوقت القيود بدلا عنك! للصدأ طعم آخر حين يتعلق الأمر بك!! عتبة صغيرة وألقي بنفسي بين ذراعيك.. لكن العتبات أخطر مما تخيل كلانا!! وحدها القطط تقطع العتبات دون أن تشعر بدوران الأرض الاستثنائي فوقها... القطط تلعب عند العتبات غير آبهة بالظلام الكثيف (ثلاثي الأبعاد) هي التي ترى كل شيء أزرق....! لكن رغبتي المتصاعدة في ارتشافك جعلتني أزحف إلى حيث يبدأ مجال القهوة القاتل، لكني عندما وصلت إلى هناك كنت أنت قد غرقت في نوم عميق...! لا لم تغرق.... فأنالا يمكنني أن أتخيلك تغرق...! لازال بالإمكان إنقاذ الموقف.... فالحب أنقذنا دائماُ من فرح-غرق- قاتل..! لطالما ناضلنا كالمساكين لمقاومة ذلك الصمت- السم الذي يطال الوقت والحب والحيوية العاطفية ويتغلغل بين القهوة والدم... فيبدأ بشلّ عضلات الضحك والتفاؤل وغير المألوف... ويتابع في عضلات الجسم واحدة تلو الأخرى، والقلب المحاصر يبدي مقاومته الأخيرة.. فالموت واحد...! لكن.. ماذا أفعل بقلبي الذي ينبض حباً خارقاً –رغماً عن القهوة والعتبات- ماذا أفعل بتركيبتي الداخلية التي لا ترضَ بالاعتدال، وإنما تقودني يوماً بعد يوم إلى هذا الاتجاه الأكثر أصوليةً وتطرفأً -في الحب-..! ألست مجرد أنثى استثنتها وأقصتها قوانين الأحوال الشخصية وقوانين حقوق الإنسان وقوانين جرائم الشرف وقوانين الحب والعمل..! ألست المرأة التي لا تنتهي واجباتها تجاه الآخرين، ولا تبدأ أبداًُ واجبات الآخرين تجاهها!! العاشقة التي تحمل الورود وتملأ البيت عطراً وتنتظر بفارغ الصبر فرحة الآخر... في الوادي الآخر.. مؤمنة بلحظات استثنائية حقيقية..! مؤمنة برجل استثنائي (مثلك) يغمرها يوماً..وترتشف معه القهوة المرة دون أن تأخذها المرارة بعيداً ..! ألست أستحق بعد كل ذلك حياة عادلة..! إيماني ساطع يا ... فيروز
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon