هل بدأنا نلمس ثمار الحراك الاجتماعي الحقيقي؟!..

«هيئة الأسرة» تنسق الشأن الاجتماعي بالتشبيك بين الحكومي والاهلي والخاص

لو فكرنا اليوم بإجراء مقارنة بين عملنا في صفحة المجتمع قبل ست أو سبع سنوات سنجد الفرق شاسعاً.
عندما كنا نكتب عن الشراكة والتشبيك كانوا يقولون لنا:«شويعني تشبيك» ولما كنا نقول:« تحفيز» كانت تمر مرور الكرام... لاتعني احداً. ‏
اما عندما كنا نقول:« الفئة المستهدفة» فكنت اشعر فعلاً ان الكتابة في المجال الاجتماعي هي فعلاً نحت في الصخر.. ‏
حتى لما كنا نتناول الجمعيات الخيرية كنا نستعرض تاريخها« التقليدي» واهدافها المكتوبة في معظم الاوقات على الورق... كنا نقول«مبادرات» وكأننا كنا نحلم.. حتى احتفالاتنا.. كانت اكثر من مملة ورتيبة والكتابة عنها مجرد سخافة روتينية اما اليوم فالصورة اختلفت كلياً... المجتمع تغير كلياً... كل شيء فيه تغير... كل الاجواء مهيأة ليقوم كل فرد فيه بشيء ما. ‏
صارت الشراكة عنواناً حقيقياً بين القطاع الرسمي والأهلي والخاص وصار التشبيك مفتاح النجاح لاي عمل او مبادرة... صرنا نرصد التحفيز لنا من الناس... ‏
كان عدد الجمعيات الاهلية في عام 2000 لايتجاوز 420 جمعية واقل من مئة جمعية تعمل بشق النفس اليوم اصبح عددها 1350 جمعية اي اكثر من ضعفي العدد الموجود سابقاً. ‏
اليوم صرنا نرى الرجال يتصدرون ندوات ولقاءات النساء ويحاورونهن واصبح الشباب يتلهفون لابداء آرائهم في اللقاءات والحوارات يسألون عن التقصير... يتحدثون عن أدوارهم وعن المستقبل... عن انجازات الماضي.. وعن الاخطاء... عن التقليدية والحداثة والتطوير ومسايرة العصر لابل حتى سباقه. ‏
حتى المبادرات والافكار والمشاريع والبرامج لم نعد نستطيع ملاحقة تغطيتها... اليوم اصبحنا نشعر بحراك اجتماعي حقيقي... حراك نوعي في الحملات الاجتماعية (حملة ضد جرائم الشرف ـ حملة قانون الجنسية).. ‏
ما الذي حدث؟... وما الذي حرك هذه الاجواء؟... ما الذي احدث التغيير؟ اولاً ماجرى لايمكن تفسيره بمعزل عن القرار السياسي و عن الارادة السياسية ، فمنذ تسلم السيد الرئيس بشار الاسد طرح مبدأ الشراكة ومشروع التطوير والتحديث ، سأل عن حقوق المواطنين وتساءل عن واجباتهم. ‏
وكان مجرد الحصول على ترخيص لجمعية اهلية يعني سنوات من الروتين والمماطلة اليوم الابواب مفتوحة لاي مشروع اهلي تتجمع فيه الارادات لطرح برنامج ما اوخطة عمل. وها نحن امام ضعفي العدد من الجمعيات الاهلية سابقاً وامام اضعاف اضعاف في نوعية العمل... وما حدث من مبادرات لهذه الجمعيات المحدثة كانت بحد ذاته محفزاً للعديد من الجمعيات السابقة لتغيير نمطية عملها. ‏
رافق ذلك تعديلات لعدة قوانين قديمة وطرح حزمة قوانين جديدة شجعت القطاع الخاص على لعب دور اكثر فاعلية في الشأن الاجتماعي واليوم لا تخلو مبادرة اجتماعية من دعم مالي ولوجستي ومعنوي للقطاع الخاص حتى القطاع الخاص من داخله اصبح يصدر لنا مبادرات كتعليم متفوقي ابناء العمال او ايفادهم للدراسة... او صناديق اجتماعية ضمن المعمل الخاص للمناسبات او تكريم للعاملات.. ‏
العمل الحكومي كان مترافقاً مع الارادة السياسية وشهدنا احداث اكثر من مؤسسة حكومية او دوائر رسمية داخل المؤسسات الحكومية ففي هيئة تخطيط الدولة اكثر من دائرة محدثة معنية بالشأن الاجتماعي.. دائرة المرأة، دائرة المنظمات غير الحكومية.. الغيت اللجنة العليا للطفولة... احدثت الهيئة السورية لشؤون الاسرة واصبحت هيئة الاسرة من خلال دورها معنية بالتنسيق بين العديد من الجهات وطرحت منذ البداية مفهوم الشراكة مع القطاع الأهلي ولم اشهد انني تابعت مشروعاً او برنامجاً او خطة او لقاء الا ووجدتها تترجم شعاراً وتجمع كل الاطراف وتحرص على المشاركة الفعلية للجميع ومع الجميع.. ‏
وكان مجرد احداثها كمؤسسة حكومية في زحمة الانفتاح المجتمعي مؤشراً قوياً من الحكومة على دعم المجتمع الاهلي وتحفيزه للمشاركة بشكل حقيقي. ‏
هيئة الاسرة باهتماماتها بالرجل والمرأة والطفل والاسرة والجمعيات الاهلية المعنية كانت بمثابة البوتقة التي جمعت ونسقت وتنسق اليوم مجمل الادوار وترافق الحراك الاجتماعي وتعيد احياناً كثيرة تصويب اهدافه اوتصويب حركته بالاتجاه المعتدل والمقبول اجتماعياً ورسمياً مع انها تحلم بالكثير. ‏
وباعتبار ماسنعرضه لاحقاً هما نموذجان «لهيئة الاسرة» فاسحموا لي ان اقول: ان شخصية رئيسة الهيئة لعبت دوراً كبيراً في انجاح هذه المؤسسة في تحقيق الشراكة في الشأن المجتمعي بين الحكومي وغير الحكومي من خلال شبكة العلاقات التي تمتلكها مع ممثلي جميع الاطراف وتحديداً غير الحكومي، اضافة الى الاعلام والعدل والداخلية والشؤون الاجتماعية وتخطيط الدولة وغيره الان هل وصلنا الى ما نحلم به.. هل هذه الصورة مثالية؟! ‏
الجواب بالتأكيد .. لا ‏
كل المؤشرات التي تغيرت هي مؤشرات ايجابية جداً لابل انها مدعاة للتفاؤل نحن في حراك حقيقي لكن مازال في بداياته... ومانحلم به اكبر بكثير ويحتاج للكثير من العمل ولكن المهم اننا بدأنا ـ ولومتأخرين ـ ونسير في الطريق الصحيح والمطلوب من الكل التنسيق اكثر وتحديداً الحكومي مع غير الحكومي... الان بدأنا نلمس ثماراً ايجابية لعمل طويل وان بدا تقليدياً في مراحل معينة... وان بدا فردياً في مراحل معينة... المطلوب اليوم ان يكون أكثر حداثة وجماعياً. والاجواء كلها مفتوحة ومهيأة لنحقق مانحلم به في زحمة مايجري في الشأن الاجتماعي ( مبادرات ... مشاريع... مؤتمرات... لقاءات. مناسبات) لم نعد كإعلاميين، وسأتحدث عن نفسي اولاً كي لا يلومنا احد لم نعد نقدم كما ينبغي او كما كان سابقاً... كنا نجهد انفسنا اياماً واسابيع لانجاز تحقيق اجتماعي حول قضية ما... او تحليل لواقع ما او ظاهرة او مشكلة.. اليوم زحمة المناسبات والمبادرات تجعلنا بالكاد نلتقط انفاسنا في تغطيتها ـ الاخبارية غالباً... وبالكاد نتوقف قليلاً لنرصد او نحلل مايجري وكيف يجري... ويمكن من فرحتنا بالحركة الجارية لم يعد لنا وقت لنقول ماذا يجب ان يجري وهو على كل حال ليس مبرراً لنا. ‏

3/4/2006


جريدة تشرين 

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon