لقد أنعم الله علي بعواطف جياشة وحساسية عالية يصعب على كل المقاييس بلوغها، إذ تنهال دموعي لأقل المشاهد عاطفية، وأقل المشاهد ظلماً! وسابقاً كنت أبكي في كل نهايات أفلام الكرتون، حتى في -الكابتن ماجد-! لكن الغريب أنني لا أتأثر أبداً بمشاهد الأشلاء والجثث في عرضها المتواصل على شاشات الإعلام. ربما كان ذلك بسبب ذكاء الأنظمة العربية وأجهزة إعلامها الفعالة والتي تهدف إلى خلق مناعة عالية تجاه تلك المشاهد للشعب العربي الموحد في بوتقة -التطنيش-! مثلي في ذلك مثل الشعب الأميركي المعروف بأنه أكثر الشعوب بكاءً في صالات السينما! ودون أن تهزه أرواح الملايين حول العالم يتسبب بها نظام الهيمنة الأميركية! كما لم يعد يعنيني أن يجتاح زلزال أي مكان في العالم ويقلبه رأساً على عقب، أو أن تطيح الفيضانات بملايين الأرواح، مع أن قلبي يتمزق حين يمنعني زوجي من إطعام قطة شاردة مع صغارها! فإلى ماذا أصبحنا! كيف شوهَّنا النمطُ الاستهلاكي في الغذاء والإعلام والحب والعلاقات الاجتماعية والسياسة إلى هذا الحد، فأصبحنا عبيداً على شكل تركيبة غريبة من التناقضات والصراع الداخلي والفراغ والعدم في آن معاً! فخلال النهار، يقودنا أرباب الأعمال غير المؤمنة اجتماعياً أو صحياً فنصبح على هيئة الآلة البحتة، وفي المساء تقودنا محطات الإعلام في تنوعها الهائل والممل دون أن تترك لنا وقتاً: للهمس، للحب، للتشارك في الهموم والأفراح.. أفراح...! ودون أن يكون لنا "أي طعم" إذا ما شاركنا في الانتخابات، أية انتخابات! فمن نحن! ولماذا نحن هنا في هذه اللحظات المملة والهباء من هذا العالم! معلقون بين خطة خمسية وألفية أخرى، في وهم الحياة!!
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon