- تصوّروا أن يكون الراتب "ع القطعية".. لم يكن جدّي يعرف معنى الأجر الثابت والمقطوع، فلا أذكر ورود هذه الكلمة في حكاياته، بل كانت كلمة القطعية ترد في جميع قصصه التي تطال وتحكي مجمل حياته. يحاسبون كعمّال لدى (الآغا) على "القطعية". على قدر ما يظهر ورائهم من عمل. إن كان قطاف أو ركش أو أو.. يحاسبون على (السحبه أو المسكب). وإذا كان الموضوع يطال المزارعة فقد كانت تخصّص نسبة ولو صغيرة لجدّي والباقي للآغا. في جميع الحالات كان جدّي يحصل على أجر يتناسب مع ما يقدّمه (ولو كانت هذه النسبة ظالمة لـه). مع ذلك، ولو اتصف التوزيع النسبي بالظلم.. كان المبدأ يتسم بالعدالة. ما رأيكم أيها السادة دام فضلكم.. لو نأخذ عدالة المبدأ من "الآغا" ونحسن معايير التوزيع النسبي.. أعتقدكم تقولون يمكن لهذا الطرح أن يعمّم على المؤسسات ذات الطابع الإنتاجي.. لكن تطبيقها يستحيل على تلك المؤسسات ذات الطابع الخدمي والمشترك. لندخل في الموضوع مباشرة.. نحدّد أجر أو "راتب" لكل موظّف للتعويل عليه واعتباره الراتب المقدّر لرقم محدّد من الأعمال حسب كل وظيفة، ثم في كلّ دائرة نحدّد عدد من الدواوين أو الكوى المشتركة تستقبل جميع طلبات المواطنين دون استثناء. ولتكن الدورة الزمنية شهرية للتناسب مع الراتب. تستقبل هذه الكوى جميع الطلبات، ويفرز الطلب بمجرد تسجيله ويكتب اسم الدائرة أو الموظّف المسؤول عن تسييره في خانة التسجيل ذاتها، وفرز هذه الطلبات حسب الاختصاص مهمة موظّف الديوان أو الكوّة. (بإجراء دراسة نسبية بين رقم حجم الطلبات التي تم تسجيلها لكل موظف، مع الرقم المحدّد من الأعمال الذي يتناسب والراتب المعوّل عليه، مع المعاملات التي تمّ إتمامها من قبل الموظّف.. مع اعتبار العامل الزمني في تنفيذ كل معاملة) بناء على ما تقدّم يقبض الموظّف الأجر المناسب إن زاد الراتب أو نقص.. وبالتالي يحتسب راتب مدير أيّ مؤسسة بناء على حساب نسبي خاص يتعلّق برقم حجم أعمال جميع موظفي دائرته. ويسحب ذلك على نوابه كلّ حسب مسؤوليته ورقم حجم أعمال الموظفين التابعين لمسؤوليته. ينسحب ذلك صعوداً حتى الوزارة والوزير المختص!!!.. ما رأيكم أيها السادة.. في هذه الحالة وفي هكذا وضع نعيشه مع موظّفين و مدراء و و.. كم سيرد خزينة الدولة أموال من جيوب هؤلاء الموظفين الذين لا يحققون واحد على مئة من الرقم الواجب إنتاجه!!.. هذا ولم نتكلّم عن الحجم المرعب للهدر المتمثّل بحجم مخيف من الموظّفين في دوائر يمكن لمستخدم واحد أن يقوم بكل ما تقوم به هذا المؤسسة، مع موظّفيها، وذلك الهدر المتمثّل برواتب سائقين، وثمن وقود سيارات. أحسن ما يمكن أن تقوم به استدراج بعض الخضروات من السوق لربات بيوت بعض المسؤولين. هذا إذا لم نحاسب (أقصد بالمحاسبة الراتب بمعنى إجراء مقاصه).. على نوعية الإنتاج الذي ستبنى على أساسه المحاسبة. فلو أدخلنا هذا المعيار.. أكثر موظّفينا وخاصة أصحاب المراكز الممتازة سيكونون مدينين للخزينة للجيل ما بعد العاشر من أحفادهم. ارتضى جحا أن يعلم الكتابة والقراءة للحمار خلال عشر سنوات تحت شرط أن يقطع الملك رأسه إن لم ينجح بذلك، وكانت حجّة جحا بالقبول تعتمد على قناعته القائلة (خلال السنوات العشر سيموت أحدنا أنا أو الملك أو الحمار). أكثر موظّفينا يعتمدون هذه المقولة. كان الآغا يعتبر جميع فلاحيه كالأقنان لديه.. أسألكم بربكم هل تختلف نظرة موظفينا إلينا عن نظرة الآغا!!.. مع أن النظريات الاجتماعية التي تكلّمت عن نشوء الدولة.. اتفقت جميعها على أن المسؤول أو الموظّف (عامل لدى الشعب) فلماذا تعكسون جميع المفاهيم.. تعالوا نضرب عرض الحائط بجميع هذه النظريات الاجتماعية.. ببساطة من هو الموظّف (هو مواطن تعاقد مع مؤسسة اسمها الدولة ليقدّم خدمة تامة مقابل راتب محدّد) فهمَ أكثر موظفينا من المعادلة قبض الراتب فقط وإلى الجحيم تلك الخدمة التامة الواجب تقديمها. كيف فهموا المسؤولية؟.. أكثر المسؤولين يفهمونها تعني أنهم مسؤولين عنّا!!. في حال هي في الحقيقة تعني أنهم مسؤولون أمامنا (فالمسؤول هو من يوجّه إليه السؤال والسائل هنا هو المواطن) لكن ويا للأسف الآية معكوسة. - تصوّروا أن يعي موظّفينا مهما علت مراتبهم أنّهم مستخدمون لدى الشعب.. - تصوّروا أن تخرج شريحة من هذا الشعب - تضرّرت من تصرّف موظّف أو دائرة- ترفع يافطات يكتب عليها نوع الضرر أو التقصير حتى بلا صوت، وليحتذي كل مواطن هذه الشريحة "خفّ" برجله كي لا يصدر حتى صوت دبيبه.. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي يحقّ لنا فيه أن نُشهر الخطأ دون رقابة مسبقة من قبل رؤساء تحرير الإعلام، ولجان الرقابة المسبقة على النصوص.. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي تكون به الرقابة لاحقة. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي يعتبر نفسه فيه أيّ عضو لجنة نصوص أنّه ليس أكثر حرصاً على هذا الوطن من أيّ مواطن. - تصوّرا أن نفهم أن أوّل من يحارب ويستشهد ضد أيّ تهديد خارجي.. هم هؤلاء الذين لا يلاقون قوت يومهم. (هؤلاء فاقدي سن الرشد الوطني). - تصوّروا أن يتواكب سن الرشد الوطني مع سن الرشد القانوني. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي نقتنع به أن الوصاية على الفكر ضرباً من الجنون.. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي نقتنع به بأن شعبنا راشد.. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي يسجّل به موظّف الديوان أيّ طلب يرده دون العودة لمديره لأخذ رأيه في تسجيل ذلك الطلب من عدمه؟!.. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي لا تستغرق به الوظيفة جميع من أتمّ سن الرشد القانونية في بعض البيوت.. مقابل أغلب البيوت جميع أفرادها "معطّلون" عن العمل. - تصوّروا أن نصل الوقت الذي لا يعتبر به الموظّف نفسه قد اشترى حصّة من هذا الوطن. - تصوّروا أن يكون عدد المواطنين بعدد الراشدين قانونياً.. كم سنكون أقوياء. - تصوّروا أن مديرية الثقافة والمركز الثقافي بطرطوس (وربما في المحافظات البقية كذلك) بهما أكثر من خمسين موظف.. "وأبو رامي" (أقصد مستخدم المركز الثقافي الوحيد الذي يستحق أجره).. يستطيع القيام بكل الإنجازات الثقافية العريقة التي تتم في المحافظة. - تصوّروا ان فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس والذي يقوم على ثلاثة أو أربع موظفين يقوم بأكثر من خمسين بالمئة من الإنجاز الثقافي الذي "يمرّك" لصالح المديرية والمركز الثقافي بطرطوس. - تصوّروا.. أن يقوم رئيس ديوان الرقابة والتفتيش بتسجيل طلبات الشكاوى قبل الرجوع لمديره.. (قدّمت طلب لأحد المديريات.. رفضت مسؤولة الديوان تسجيل الطلب قبل موافقة المدير.. قصدت الهيئة العامة للرقابة والتفتيش (قرب الكاراج.. يوجد مقرّين بطرطوس وذلك فضل من الله).. قصدت الرقابة لتقديم شكوى إدارية على مسؤولة الديوان ومديرها أفاجأ بأن مدير الديوان في هيئة الرقابة يجيبني: أنه لا يستطيع تسجيل الطلب إذا لم يوافق عليه مديره!). - تصوّروا أن لا يعتبر نفسه كل مدير "صاحب مزرعة".. - تصوّروا أنه قد تمّ استبدال مئات "الآغوات" بآلاف "الـ معلْمين"!.. - تصوّروا أنني ما زلت استخف بجدّي الذي تحكّم به "الآغا"!.. - تصوّروا وتصوّروا وتصوّروا.. تصوّروا أن تتمّ عملية تحميض الصور بشكل صحيح. - تصوّروا كما يتصوّر هؤلاء المسؤولين.. أضمن لكم صورة ناجحة.. وإلاّ..
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon