مدونة الأسرة المغربية أين أصبحت؟

عندما أعلن العاهل المغربي محمد السادس في تشرين الأول (أكتوبر) 2003 عن مدونة جديدة للأسرة ستحل محل «قانون الأحوال الشخصية» القديم، تحدث الكل عن «ثورة هادئة بيضاء» عرفها المجتمع المغربي. اليوم بعد مرور سنتين على المدونة الجديدة، ينقسم المجتمع - وفي طليعته الفعاليات النسائية - بين المهللين لهذا الإصلاح التشريعي وبين المتحدثين عن «أعطاب» في المدونة.
قائمة المبشرين بنجاح المدونة في تحقيق استقرار فعلي ملموس داخل الأسرة المغربية يتصدرها وزير العدل محمد بوزوبع الذي أكد أن المدونة لعبت دوراً ملحوظاً في التشجيع على الزواج. فعدد عقود الزواج المُبرمة في المغرب خلال عام 2005 بلغ 244795 أي بارتفاع بلغت نسبته 3.48 في المئة مقارنة بـ 2004. أما حالات تعدد الزوجات فقد عرفت انخفاضاً ملحوظاً حيث تم تسجيل 904 حالات في عام 2004، فيما لم يتجاوز الرقم 801 في عام 2005. أما نسبة الطلاق فقد سجلت انخفاضاً بنسبة 40 في المئة مقارنة بالسنة الماضية. طبعاً الأرقام واضحة، وهي تعطي دليلاً قوياً على أن القوانين والتشريعات الجديدة قد تسهم مباشَرةً وفي شكل عميق في تهذيب المجتمع والمواطنين وفي التأثير الإيجابي في سلوك الأفراد والجماعات.
لكن الكثير من الفعاليات النسائية لا تخفي انتقادها للتراخي الذي يعرفه قانون الأسرة. ولعل أهم المعوقات التي تحول دون التطبيق الصحيح لكل مضامين المدونة هو قلة الموارد البشرية المؤهلة لإدراك أبعاد المدونة وفلسفتها داخل وزارة العدل نفسها. فالكثير من موظفي الوزارة ما زالوا يجدون صعوبة في التخلص من موروث مدونة الأحوال الشخصية القديمة. وتوجه أصابع الاتهام في شكل خاص إلى فئة العدول، خصوصاً في العالم القروي حيث يحتاج هؤلاء إلى حملة توعية. كما أن البطء في إصدار الأحكام يعرقل التطبيق الجدي والصارم لروح القانون. لكن أهم انتقاد يُوجَّه إلى وزارة العدل يتعلق أساساً بعدم إطلاقها محاكم متخصصة في قضاء الأسرة على غرار المحاكم الإدارية والتجارية. وهي المحاكم التي تأكدت ضرورتها بالنظر إلى حجم قضايا الأسرة المطروحة أمام المحاكم المغربية. وتجدر الإشارة إلى أن المدونة نفسها نصت على ضرورة إيجاد محاكم مستقلة خاصة بقضاء الأسرة، وهكذا يكون انشاء هذه المحاكم جزءاً من مسؤولية وزارة العدل والحكومة في تطبيق مقتضيات المدونة الجديدة.

 9/3/2006


جريدة الحياة 

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon