لم يكن والديّ ينامان في فراش واحد إلا عندما كانا يمارسان الجنس في فترات متباعدة، فنشعر أنا وأخوتي أن شيئاً مقززاً حدث بينهما! لكنه أزال بعض التوتر الذي كان يلازمهما في السراء والضراء. وعندما حاولت اليوم أن أجري تحقيقاً عن موضوع الهجر في الفراش، قهقهتْ صديقتي -التي كنت قد طلبت منها مساعدتي في ذلك- ضاحكة: وهل هناك فراش واحد أوّلاً، ليحصل الهجر!؟ لابد لك –عزيزتي- أن تطرحي الموضوع بطريقة معاكسة: هل يحدث أن ينام الزوجان معاً في سرير واحد؟! وربما عليك أن تطرحي موضوعك في الطبقة -الهاي لايف-. حيث غرف النوم الفاخرة التي تشع بالألوان الساحرة ووسائد الريش والسرير الأمريكي الهفهاف.. وتفوح منها رائحة العطور الجنسية. هناك ستجدين ضالتك! لقد نجحتْ بإحباطي! ببساطة هي التي تملك صالون حلاقة نسائي في مكان شعبي. وتعرف، كما قالت، أسرارهن جميعاً -نساء الحي-. وتعرف أن معظمهن يعشن كالحيوانات في الزريبة. ويرغبن بالطلاق الذي يبدو بالنسبة لأوضاعهن المعيشية والمجتمعية مستحيلاً. لكن الإحباط ضروري وبديهي كالخبز بالنسبة لنا! فما إن يلعق الزوجان-بنهم- عسل الشهور الأولى-المغشوش!-، حتى تذبل الحدائق حولهما، وينقطع "طريق النحل"، وتجف الخوابي في السرداب المظلم الخاص بالمئونة، وتنهار عروش حب بدا عظيماً للوهلة الأولى، لأتفه وأبسط الأسباب! ثم وبينما تنشغل المرأة بالحمل والولادة وتربية الأطفال، مهملة متطلبات جسدها وروحها على السواء، موهمة نفسها بعظمة التضحية التي تقدمها، وأن كل شيء بعد ذلك لا أهمية له، يتسلى الزوج بملاحقة الصبايا "المثيرات والحنونات" في الحارة و المكتب والنوادي الليلية، بعد أن تحولت زوجته بقدرة قادر إلى كتلة متجانسة من الشحوم، برائحة واحدة! نعود إلى موضوع الهجر في الفراش -الميئوس منه-! الهجر في الفراش هو عقاب مسلط كسيف -غير السيف الخاص بجرائم الشرف- على رقاب الزوجات المتمردات اللواتي يتجرأن على فرض آرائهن والعمل بها في إطار الزوجية! أو على رقاب النساء ذوات السلطان القوي بالإغراء أو بالمال أو بالنسب! اللواتي من واجب الرجل أن يهديهن ويرجعهن من عصيانهن بالهجر في الفراش أو الضرب إذا ما فشل الحل الأول، وذلك حفاظاً على كيان الأسرة المقدس! لم يذكر أحد على مدى التاريخ شيء يتعلق بهجر المرأة لزوجها! لخيانته لها مثلاُ، أو لسوء معاملته لها، أو لتجاهله حقوقها كإنسان كامل المواطنة! فالعقاب وحيد الاتجاه ووحيد الشرعية، وبديهي كالحياة! مع أن العالم لم يعد يعتمد على القوة العضلية بالدرجة الأولى. ومع أن المرأة صارت تعمل وتنتج وتنفق كالرجل تماماً! فمن الذي سيضع الجرح على الملح ويصمت إلى الأبد؟! ومن الذي سيضع رقبته طواعية تحت السيف المسكين المعلق في فراغ العقول إذا ما توقفت المرأة عن ذلك! ثم من ذلك العابث المتآمر المتملق الذي يمد يده في وضح النهار، إلى تلك السلسلة البديعة من الأمثال والعادات والتقاليد المتكاتفة حول عنق المرأة في جمالها الشرقي الأسود كالكحل؟ الشرق الذي تطلع منه الشمس فاقدة بريقها، معمرة بسواد يتسع كالسرطان! الشرق الذي يأبى أبداً أن يغادر مخدعه النتن إلى مرتع الضوء و الحياة.. إلى براري الهواء الحرية......
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon