قولوا لي من هو؟!

 خاص: نساء سورية 

بين لحظة وأخرى أنظر إليه بغرابة متسائلة في سري: من هذا الرجل الذي يقف أمامي طوال الساعات والسنين كقدر محتوم، وكيف دخل حياتي، بيتي دفاتري، خزانتي ثيابي، شرودي، صمتي، آلامي، وجعي، فرحي البائد..!
من هذا الذي يشاركني طعامي ويتذمر من قلة الملح، والبهار!
يشاركني جسدي في أوقات غياب الرغبة ويبعدني حين أشتعل بها!
يملي علي القوانين في الضحك والبكاء والطريق والسفر والزيارات، ويتركني أتوه كسفينة في عرض البحر حين أحتاج سماع رأيه؟!
يجعلني أقوم بكل أعباء المنزل بحكم عمله الطويل في الشأن العام، ويرفض أن يعترف بها كمساهمة صغيرة في مشروعه الكبير!
يستيقظ عندما أنام وينام عندما أستيقظ!
يصمت حتى أكاد أنفجر، وينفجر حين أكاد أهدأ!
يحدثني لساعات طويلة إذا ما أغلقت كل الأبواب وانقطع جسور التواصل عن الحلقة المفرغة ودوراننا اللانهائي فيها، عن حدود وحواجز خفية، عن صعوبات ومعيقات، عن حرب العراق وتأثيرها المباشر في قرراتنا حول الامتلاء والفراغ، عن الضجيج اللانهائي الذي يجتاح العالم!
يكسر المرايا حتى لا ترى وجهاً غير وجهي -من بعدي- ويرفض إحضار مرايا جديدة احتفالاً بعودتي، ويشيح عني طويــــــــــــلاً.. -طويلاً تَبَعْ مارسيل-.
يجرحني ويرمش الملح في جرحي..
أنا الكائن الأكثر ثقلاً والأكثر خفة، أنا صوت وقلب، والأيادي المتشققة لآلاف النساء الوحيدات، أنا الصوت الذي لا يسمعه الرجل إلا عندما يقول له أرفع قدميك لأكنس تلك البقعة من أكوام الدخان المتراكمة تحتك..
أنا التي خطر لي ذات جنون أن أترك كل شيء وأذهب لأتمدد في قارب صغير وأنطلق في عرض البحر وأهيم خلف روحي الزرقاء..
أنا فراشة في شباك طفل متهور.... مع أني مزقت شرنقتي وطرت بعيداً ذات صباح..
لكن أسطورة الاحتراق حول الضوء التي علقت بها منذ العصور الغابرة تحسم كل الاحتمالات الأخرى، وتعبث بأجنحتي حتى تتمزق...

28/5/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon