طلاسم..

 خاص: نساء سورية 

قالت ذات مساء على التلفون:
لم أعد أعرف ماذا يريد زوجي مني، هل أصبحت مجرد عالة عليه؟ قيد برتقالي على الهواء الأزرق الذي يتسرب إلى رئتيه، موت عام يخطف الأسماك الطائرة من فضائه الجنوني يوماً إثر يوم..
لطالما أرعبتني فكرة التحول هذه ، أنا التي كنت قبل عشرة أعوام كالنسيم، كالبريق السحري لزهرة اللوتس في تفتحها الأولي، أنا التي أتقنت لسنوات الطفولة كلها لعبة التخفي، والتلاشي في ألواني وعالمي الخاص، لدرجة أن أهلي كانوا ينسون وجودي لأيام طويلة، فينسوا أن يشتروا لي الألعاب والملابس.
في كل يوم يعود بوجه مختلف: مرة عابساًَ ومرة مكفهراً و مرة صامتاً ومرة حائراً..
مرة رقيقاً وهادئاً، ومرة فظاً غليظ القلب..
مرة يحبني حتى الموت ومرة يكرهني حتى الحياة لألف عام..
ومرة... لا شيء...
مرة أشعر أني مليكة على قلبه، أتنعم وأغتسل بماء الحب الذي وهبني، ومرة أشعر أن امرأة أخرى تسكن كل شيء فيه ، روح أخرى ..أرض أخرى .. أو أن كل شيء مؤنث في هذا العالم يسبقني إليه ....
حين يرجع موشحاً بالحزن أتمزق، وحين يطل ضاحكا أنسى قروناً من الزعل و تنفتح أمامي أبواب السماء السبعة وأشعر أن قلبي سيتوقف فرحاً، وحين يكون يائساً ينفرط قلبي عقد نجوم بين يديه، أبواب وشبابيك وطرقات في جنبات قوس قزح اللانهائي..
وحيدة أعيش على هامش القرن الواحد والعشرين في رهن تقلبات برجه الفلكية، أنتظر لوقت طويل ضحكة (ساحرة) من ووجه الذي لم أعد أعرفه مؤخراً، أنتظر قطرة حب، التفاتة، لحظة حميمة، اهتمام لا يحمل في طياته سأم الواجب الزوجي..
مر وقت طويل، عملت ونجحت وأنجبت الأطفال وأنا في غيبوبة التلاشي...في ذلك البعد الشاسع عني..
ثم -فجأة- سقطت بلا رحمة، تكسرت..
و أدركت أن روحي التي لم تكن إلا مرآته، قد تشققت وتشظت في أول زلة قدم، وفي أقرب هاوية.
ياه.. لم أعد قادرة على استعادتها!!
كما أنها لم تعد أنا، ولن تكون إلى جانبي إذا ما استعدتها، كما أنها لن تكون حيادية، روحي التي نزفت طويلاً من شوك الطريق إليه. روحي التي تقمصت روحه اللعوب..!
ربما لم أعد أخاف من أي شيء، ربما شيدت بإتقان حياتي المستقلة.. لكني نسيت في غمار العاصفة -التي اندفعت بها بلا توقف خلف براري الحرية- "حجر الموت"! وأزحته دون أن أعرف أنه هو..!
لقد نسيت...!!

11/6/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon