تحالف..

 خاص: نساء سورية 

متخاصمة مع الجميع، متصالحة فقط مع بضعة أشياء: مع أشجار الجوز والمشمش التي تلف بيتنا متسابقة نحو السماء. ثم مع هذه العودة السرية للمطر مع أول بزوغ للضوء، يدق منعطفات الروح، يتهدى عند مراكز الضخ الرئيسية وينسرب كالخمر في خوابي الروح، مع الريح الخفيفة -المايسترو- التي تمايل هذا العالم الثابت المطلق وتقود أشجاري -الجوقة- داعية الكائنات للرقص.
فهل تلبي الكائنات الدعوة؟؟
عبر التلسكوب:
الكائنات الطيبة والشريرة منشغلات معاً في غزل سري، للتحالف مع من يملك أو -يسيطر على- القوة والوقت والمال!
الكائنات المبرمجة تستيقظ قبل الطبيعة، تتجرع أدوية الطاقة والصحوة.. تنهال على البروتينات الخاصة بالذاكرة ثم تجلس أمام المرايا تتأنق وتتبرج وتسرج أرواحها ببعض الإكسسوارات المتناسبة مع كل ما مضى ثم تتأهب: لركوب الحافلات، للضجيج، للمشاحنات من أجل الحصول على عدد أكبر من الزبائن، منفذة بذلك كل ما يرضي الحيتان الضخمة -اللامرئية- المتمترسة في قواعدها، المدججة بالدولارات.
الكائنات المسحورة تتغاضى عن حقوقها، عن واجباتها الاجتماعية، عن التنزه مع الأسرة والأصدقاء، عن الاسترخاء على شاطئ البحر، عن التسكع بلا هدف في حارات دمشق القديمة، مستسلمة، متجاهلة كل ما يمكن فعله لتغيير بعض الشروط القاسية لهذه الطاحونة الأبدية..
الحيتان تدير كمبيوترها المحمول تضع شروطاً أشد وطأة للمستقبل الأكثر ربحاً، برضا تام.
المايسترو والجوقة يذهبان بعيداً في الفضاءات، ينسجمان مع الزرقة اللانهائية، يهذيان عشقاً.
عن كثب:
هل فقدنا حقاً إمكانية التوقف للحظة: للاعتراض، لقول وجهة نظر معينة، للصراخ إن استدعت الحمم القابعة في أعماقنا؟
هل تخلينا حقاً عن أهدافنا، أحلامنا التي رافقتنا طويلاً!
هل فقدنا الإحساس بشركائنا في الحب، في الصداقة؟
والصغار، ماذا يعنون لنا أكثر من أنانية مطلقة؟؟
الحدائق التي لا نستطيع التأكد من آخر مرة سقيناها بها، هل حقاً تمثلنا!
هل حقاً تبروظنا بما يكفي لتغطية ذلك التشوه العظيم ؟!
والرقص!!
لست متصالحة إلا مع أعصابي التي تتوتر طوال الثمانية عشر ساعة، بحيث تكاد تودي بحياتي!
أنا التي هدرت ثلاثين عاماً لأتصالح مع نفسي!
ربما كان أجدر بي أن لا أعرفها مطلقاً: ذاتي البدائية....التي تكبر محتلة مساحة الكون، متجاهلة وجود الآخرين، والظروف -الفارغة-، والسلاح النووي.
ذاتي: الأنانية المطلقة ...!!

23/4/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon