سؤال فيه من الاحراج، وربما الاهانة بنظر بعض النساء، أو الاستغراب والاستهجان، لما يكتنف هذه الحالة من الغموض والتستر في كثير من الاحيان، وفي معظم البيئات تقريباً. والسؤال المقابل الذي أود طرحه: من هي المرأة التي تجرؤ على الاعتراف بضرب زوجها لها، خاصة في يومنا هذا الذي تعتبره المرأة، ومعها المجتمع انها نالت فيه قدراً معقولاً ومقبولاً من حقوقها التي كانت مهدورة في سالف الأيام والأزمان..!! ان من يقولون باستثنائية هذه الحالة في حياة المرأة والمجتمع، هم واهمون اذ لم يسمعوا أو يعلموا بحدوث هذه الحالة، واهمون باعتبارهم لها حالة نادرة أو متناثرة لا تشكل ظاهرة تستحق ان ينهض عليها بحث أو تحقيق في مجتمعنا، ولا يصح الارتكاز عليها كقاعدة للبحث والتقصي، حتى ولو جاء هذا الكلام على لسان قاضٍ في المحكمة الشرعية. !! ما لا يصح الارتكاز عليه هو، الامور الظاهرة من وصول المرأة لمعظم حقوقها في هذه الأيام، من خلال النظر لما حققته في مجال العلم والعمل خارج المنزل وارتدائها لآخر صيحات الموضة، أو وصولها لمناصب قيادية أو ادارية، لان خلف كل باب بيت وأسرة قصص لا يمكن لأحد ان يتعرف عليها كلياً خصوصاً فيما يتعلق بالحياة الزوجية، والعلاقة المتبادلة بين الزوجين، اذ ان الرائز الاجتماعي في تلك العلاقة هو الأقوى والسائد، بحيث يمنع ظهور بعض السلبيات والتي تعد من خصوصيات الحياة الزوجية، أو من حق الزوج على الزوجة، ومن حق الأسرة على الزوجة في ان تصون أسرار اسرتها وزوجها حتى لا يصبح قصة يتناولها الآخرون أو ان يخسر احترامهم، وقد تؤدي لتدمير دعائم هذه الأسرة ، فتلوذ المرأة بالصمت عما يجري معها داخل الحرم الزوجي، حتى عن أقرب الناس اليها. فالمرأة بكل حالاتها التي تكون فيها (ابنة، أخت، زوجة، وحتى عاملة) تتعرض للضرب من الرجل، وذلك بفضل الاحقية التي منحها الشرع والقانون والمجتمع للرجل بأن يكون قيماً على المرأة اعتماداً على الآية الكريمة التي تقول:«الرجال قوامون على النساء» . فالاسرة تربي البنت منذ صغرها على الاستكانة والضعف تجاه الأب أو الأخ حتى ولو كان أصغر منها سناً، وتحمل هذا الرجل مسؤولية تربيتها ان لزم الأمر، وهكذا بالنسبة للزوج، فكيف يمكن لها ان تؤثر على ما هو عرف وموروث؟ وحتى ان ثارت، فهي ستلام وتدان حتى من قبل الأهل الذين يفرضون عليها القبول حتى لا تخسر أطفالها وبيتها، كما يفرضون عليها الصمت حتى لا تسيء الى حياتها الزوجية، فتصبح قصة على الألسن. وحتى في تطبيق القانون الذي يعاقب الزوج في حال أقدم على ضرب زوجته، فإن المسؤولين عن تطبيق هذا القانون هم من رجال هذا المجتمع بكل موروثه وقيمه، وهم ينظرون للمرأة التي تلجأ للقانون اذا ما تعرضت للضرب باستهجان واستهزاء ان لم نقل باحتقار ووضاعة، وكأنها اقترفت فعلاً أخلاقياً مشيناً، وقد يطلقون عليها الصفات التي لا تليق بإنسانيتها وكرامتها، وتأكيداً لما أقول فقد سمعت مرة أحد رجال الشرطة مكلف بالتحقيق في شكوى مقدمة من احداهن: ( ان فلانة.. وأتبع قوله بأبشع النعوت والصفات اللاأخلاقية تجاهها، قال بأنها اشتكت زوجها للمخفر لأنه يضربها، واستطرد بقوله: من منا لم يرَ أباه يضرب أمه، ومن منا لم يضرب زوجته..؟). وطبعاً كلامه صحيح للأسف، لأننا جميعاً تقريباً رأينا أمهاتنا يُضربن أو احدى قريباتنا أو حتى نحن ان كان من قبل اخوتنا الذكور أو أزواجنا ولكن دائماً نتعامل مع هذه الظاهرة بالصمت باعتبارها عادية في حياتنا ، ولا يجوز لنا افشاء أسرار بيوتنا، ولأننا نخجل من تعرضنا للضرب، مع أنني أرى أنه أمر لا يستدعي الخجل بالنسبة للمرأة، وانما للرجل الذي يستقوي على انسانة تربطه بها اما قربى الدم، أو الرابط الزوجي، وبالتالي ليس من القوة والرجولة أو الحكمة ان يتعامل معها بأسلوب الضرب، ولهذا تبقى هذه الظاهرة من العنف تجاه المرأة مستترة وان لم يكن بالشكل الكبير، ويؤكد ذلك تناول الدراما التلفزيونية لهذه الظاهرة خاصةً في مسلسل «رجال تحت الطربوش». ومن هذا المنطلق لا توجد احصائيات دقيقة عن هذه الحالة وانتشارها، باعتبارها شبه عادية ولا تشكل استثناء في العرف الاجتماعية يستدعي تسجيلها بدقة ومحاولة إحصاء عدد النساء اللواتي يتعرضن للضرب، وعلى كافة المستويات
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon