حسب مذكرة وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 2908 تاريخ 18/4/2004 إن السياسة السعرية الحالية أصبحت تعتمد على آلية السوق المبنية على العرض والطلب وتحقيق المنافسة خاصة بعد دخول الكم الهائل من منتجات القطاع الخاص ومستورداته إلى السوق المحلية ودخول القطر إلى منطقة التجارة الحرة العربية وظهور عقبات عديدة جعلت من الوصول إلى الكلفة الحقيقية صعباً بل مستحيلاً في بعض الأحيان.
قبل المقارنة بين الأسعار الممارسة في السوق السورية واللبنانية والأردنية لابد من الإشارة إلى أن البلدان الثلاثة هي بلدان صغيرة لا يمكن أن تؤثر لا في العرض العالمي ولا في الطلب العالمي وتجدر الإشارة إلى أن معدلات الرسوم الجمركية المطبقة في سورية على هذه المواد في أغلب الأحيان أعلى من تلك المطبقة في لبنان والأردن، يضاف إلى ذلك الإجراءات الروتينية والتعقيدات التي تساهم في رفع كلفة المنتج في سورية سواء كان محلياً أم مستورداً. ما يثير الانتباه في مذكرة وزارة الاقتصاد آنفة الذكر تحت رقم 2908 تاريخ 18/4/2004 والموجهة للسيد رئيس مجلس الوزراء ما تم الإشارة إليه كشرح لهذا الجدول والتي تفيد:
"في ضوء ما سبق أعلاه نوضح أن السياسة السعرية الحالية أصبحت تعتمد على آلية السوق المبنية على العرض والطلب وتحقيق المنافسة خاصة بعد دخول الكم الهائل من منتجات القطاع الخاص ومستورداته إلى السوق المحلية ودخول القطر إلى منطقة التجارة الحرة العربية وظهور عقبات عديدة جعلت من الوصول إلى الكلفة الحقيقية صعباً بل مستحيلاً في بعض الأحيان".
من هذه الملاحظة التي أرادت بها الوزارة المعنية توضيح ارادتها في تشكيل السعر في السوق بفعل آلية السوق أي تحت مؤثرات قوى العرض والطلب بمعزل عن أي دور للحكومة : وزارة الاقتصاد والتجارة بشكل خاص.
أمام هذا الاستنتاج لابد من الاشارة إلى:
1- لا يمكننا أن نطبق آلية السوق لتحديد السعر للسلع والمنتجات وخصوصاً الاستهلاكية الأساسية وتمارس الحكومة في الوقت ذاته أسعاراً محددة لليد العاملة لا تتناسب وتكاليف المعيشة، فالأسعار تتجاذبها القوى بفعل العرض والطلب ومؤثرات الضرائب والرسوم والأمراض الإدارية الموجودة من بيروقراطية وفساد يضاف إلى ذلك أن المؤثرات المناخية كلها مجتمعة تساهم في رفع أسعار المنتجات وبالمقابل تتآكل القدرة الشرائية للمواطنين وتتجاهل الحكومة هذا الوضع، وما ينجم عن ذلك الفجوة بين الرواتب والأجور من جهة وتكاليف المعيشة من جهة أخرى ومن فساد تتحمل الحكومة الجزء الأكبر منه.
2- إن تطبيق آلية السوق كمحدد للأسعار لا يعفي الحكومة من مهامها كمراقب لهذا السوق وقد أثبت تدخل الحكومة مؤخراً قدرتها على مواجهة أزمة كهذه، وهذا ما حصل أيضاً عندما تدنت أسعار الليرة السورية أمام العملات الأجنبية في الصيف الماضي ولغاية بداية العام الحالي.
3- نستشف من هذه الملاحظة أيضاً التخوف من المنافسة التي ستحصل بفعل التوجه العربي والعالمي نحو التحرير التدريجي للرسوم والتقييدات الجمركية وهنا لا بد من الإشارة إلى ما تنادي به وزارة الصناعة أيضاً تخوفاً من هذه المنافسة تحت شعار "احموا الصناعة الوطنية قبل عقد الاتفاقيات" فلا بد هنا من التذكير بأنه كان هناك فترة طويلة لكي تتهيأ الصناعة السورية بقطاعيها العام والخاص لمواجهة الاستحقاقات من تحرير المبادلات بين سورية ولبنان مع بعض الدول العربية أو السوق العربية الكبرى أو الشراكة الاوروبية - المتوسطية أو الدخول في منظمة التجارة العالمية.
لقد أصبحت الحماية في سورية جناية وليست رعاية. إن أنظمة الحماية حمت الصناعيين ولم تحم الصناعة ويعود ذلك إلى نقص في الامكانيات المعرفية في هذا المجال.
3- تحليل أسباب الأزمة:
في تحليل أسباب الأزمة الأخيرة لابد من توضيح وجهات نظر وزارة الاقتصاد والتجارة وغرفة الصناعة بدمشق.
أ- وجهة نظر وزارة الاقتصاد والتجارة:
ترى وزارة الاقتصاد والتجارة مجموعة من الأسباب أدت لارتفاع الأسعار يمكن إجمالها بما يلي:
1- المواد السريعة التأثر بالأسواق الخارجية والعملات الأجنبية وهي مواد شبه محصورة بمصدر ما, مثل الحديد الأوكراني الذي يحدد سعره بلد المنشأ لعدم وجود منافس عالمي ويرد إلى أسواقنا إذ ارتفع سعره من 22000 إلى 25000 ل.س/ طن وأيضاً هنالك العديد من المواد المصنعة والمستوردة من أوروبا كالعدد والآلات وكذلك السكر الأبيض ومواد غذائية متنوعة كالزيوت حيث ازداد الطلب العالمي عليها وهذه المواد تتأثر بارتفاع قيمة اليورو قياساً بالدولار الأمريكي ومن ثم بالعملات الأخرى.
2- سلع ومواد تدخل العملية الإنتاجية المحلية وهذه تؤثر في الأسعار المحلية بنسبة مكوناتها في السلعة النهائية كالطحينة والحلاوة الطحينية.
3- كما تتأثر أسعار المواد المستوردة بازدياد الطلب الخارجي عليها كارتفاع حجم الطلب الصيني على مواد الحديد والخشب وزيت بذر الصويا مما زاد في ارتفاع أسعار هذه المواد عالمياً ومن بلد المصدر.
4- أما المواد المنتجة محلياً التي لا يدخل في مكوناتها مواد مشتراة بالعملات الأجنبية فلا تتأثر بارتفاع الأسعار العالمية في بداية الأمر ولكن مع استمرار ارتفاع جملة من المواد المستوردة فإن ذلك يؤثر مع الزمن على الأسعار المحلية ويدفعها إلى الارتفاع تلقائياً وليس هنالك سبب اقتصادي لهذه الظاهرة وليست محصورة في بلدنا وإنما هي ظاهرة عامة.
5- مواد مستوردة من قبل القطاع الخاص تأثرت هذه بتعديل سعر الصرف من 46.5 إلى 48.65 ل.س للدولار وفق القرار رقم /3/ الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء والمعمم بالبلاغ العام الصادر عن السيد وزير المالية اعتباراً من 3/1/2004 وذلك عند تسديد عمولاتها لمؤسسات التجارة الخارجية.
وعند الاستفسار بشكل تفصيلي عن هذه الأسباب حصلنا على النتائج التالية:
1- ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء: بسبب قلة عدد الذكور من المواسم السابقة إضافة إلى أن عيد الأضحى خلال السنوات الماضية صادف ضمن الفترة من بداية العام وحتى الشهر (4) وهي فترة الحمل والولادات عند الإناث ما يعني زيادة تصدير العواس السوري المطلوب خلال موسم الحج كما أن هذا التصدير لم يقابله استيراد لسد الفجوة مما أدى إلى نقص في عرض اللحوم وارتفاع أسعارها.
2- ارتفاع أسعار البطاطا: في سورية عادة هناك عروتان لزراعة البطاطا عروة ربيعية وأخرى خريفية وقد صادف في هذا العام أن العروة الربيعية قد تلفت بنسبة كبيرة ما نجم عنه نقص في عرض البطاطا وارتفاع أسعارها.
3- الزيوت والسمون: بالنسبة للزيت والسمون فقد كان هناك غلاء عالمي في أسعارها مما انعكس طبعاً على ارتفاع أسعارها في السوق السورية والسبب في ذلك هو ارتفاع سعر اليورو مقابل الدولار وكذلك الطلب الكبير للصين الشعبية فالصين مثلاً تستهلك من زيت بذر الصويا 4 ملايين طن.
4- ارتفاع أسعار الحديد: لقد تم ارتفاع سعر الحديد في بلد المصدر اوكرانيا بسبب زيادة الطلب الكبيرة عليها مما أدى إلى زيادة أسعاره، خصوصاً بعد انفتاح سوق الصين.
5- ارتفاع أسعار الاسمنت: والسبب عدم قدرة الدولة على تلبية متطلبات القطع الحر وفتح الاعتمادات لعجز المصارف عن ذلك ولكن عندما تم فتح الاعتماد كان هناك 5 عقود توريد وتم توفير المادة وتراجع سعر الإسمنت، علماً أن الإنتاج المحلي من الإسمنت هو 4700000طن والحاجة هي 7 ملايين طن وبالتالي فإنه لا بد من الاستيراد لسد العجز.
6- ارتفاع أسعار العقارات: وهنا لعبت جملة من العوامل في ارتفاع الأسعار أهمها تخفيض سعر الفائدة المفاجئ في المصارف الأمر الذي أدى إلى دفع المودعين لسحب إيداعاتهم وتوظيفها في مجال أكثر أماناً إلا وهو العقارات خاصة مع صدور قانون الإيجار الجديد إضافة لذلك فقد لعب ارتفاع سعر الحديد دوره في هذا الارتفاع.
الإجراءات التي قامت بها الحكومة للسيطرة على الأزمة:
يمكن تقسيم هذه الإجراءات إلى شقين:
أ - أما عن الشق الإداري: فقد كان دور وزارة الاقتصاد والتجارة في معالجة ارتفاع الأسعار والعمل على استقرارها كما يلي:
1- مراقبة الإعلان عن السعر بشكل واضح.
2- مراقبة الإعلان عن بطاقة البيان التي تتضمن مواصفة السلعة وضمان جودة ما يطرح.
3- مراقبة وجوب تداول الفواتير النظامية بين المتعاملين.
4- تدقيق ودراسة بيانات التكاليف للسلع المحلية والمستوردة والتي لم تستثن من نسب الأرباح لتكون واقعية وفعلية.
5- استمرار توفير عامل المنافسة في السلع المحررة وامكانية فتح باب الاستيراد لمثيل المنتج المحلي منها.
6- إجراء الأبحاث والإحصاءات بالمشاركة مع المكتب المركزي للإحصاء والجهات الأخرى التي تمكن من إعطاء المؤشرات الضرورية لتحقيق التوازن المستمر بين الأسعار والأجور بحيث يتم بنتيجة ذلك توفير مستوى معيشة كريم لذوي الدخل المحدود.
7- استمرار التأكيد على وزارة الصناعة وهيئة المواصفات والمقاييس على القيام بدورها بمراقبة المنشآت الصناعية ووضع مواصفات للسلع جميعها لضمان سلعة جيدة وبسعر معقول.
8- تشجيع القطاع العام المنتج والمسوق بدوره بطرح سلع بمواصفات جيدة وأسعار منافسة وعدم تحميل الأسعار المحددة لها نفقات سوء الإدارة أو الهدر.
9- استمرار العمل على استقرار الأسعار وخاصة السلع التموينية الأساسية وذلك بمساهمة الصندوق المعدل للأسعار بجزء من دعم أسعار بعض المواد والسلع التي تقرر الجهات الوصائية بيعها بأقل من التكلفة (العجز التمويني).
10- استمرار التنسيق مع غرف التجارة والصناعة للمحافظة على توفير جميع المواد والسلع الغذائية وغير الغذائية وبأسعار منافسة تناسب جميع شرائح المجتمع مع استخدام الوزارة لحقها ضمن القوانين النافذة بالتدخل في تسعير أية مادة يمكن أن يستغل تحرير أسعارها خلافاً لمصلحة المستهلك.
11- استمرار التنسيق مع وسائل الإعلام (وخاصة الصحف اليومية) وجمعية حماية المستهلك لنشر الأسعار الرائجة الأسبوعية في الصحف اليومية ليكون المستهلك على اطلاع بالأسعار الواقعية الرائجة للاستئناس بها وليستخدم حقه في الشكوى في حال شعوره بالغبن أو الغش أو التدليس.
ب - وأما عن الشق الاقتصادي: فإنما يتمثل بالتدخل الإيجابي للدولة في الأسواق لتأمين بعض المواد الأساسية والعمل على خفض أسعارها ويمكن إجمال ما قامت به الحكومة في هذا المجال بما يلي:
1- بالنسبة للحم: تم توجيه إدارة المؤسسة العامة للخزن والتسويق بشراء الخراف الحية وذبحها وتقسيمها وعرضها للبيع في صالات المؤسسة وبأسعار تنافسية.
وفي صباح الأربعاء 14/4/2004 كان لحم خراف العواس المحلية يعرض في صالات الخزن والتسويق وفي المحافظات جميعها وفقاً للأسعار التالية:
سعر 1 كغ
المادة
260 ل.س
فخذة كاملة بالعظم
250 ل.س
باط خروف بعظمه
180 ل.س
زورة بعظمها
195 ل.س
لحمة مسوفة
220 ل.س
المتلة مع العظم
350 ل.س
لحم هبرة
المصدر: وزارة الاقتصاد والتجارة
كما تم عرض سمك بحري خليجي بسعر 130 ل.س/ كغ
2- بالنسبة لسوق الخضار والفواكه: تم العمل على تأمين بعض المواد الغذائية الأساسية كالبطاطا مثلاً من قبل المؤسسة العامة للخزن والتسويق وذلك عن طريق استيرادها من المناطق والدول المجاورة مع إبقاء الاتصال مستمراً معها لمعرفة تحرك الأسعار وبالتالي العمل على استيراد براد أو برادين يومياً من الدولة ذات السعر الأنسب لتأمين زيادة في عرض هذه المادة وبالتالي تخفيض سعرها وذلك لغاية 31/5/2004 حيث تبدأ مواسم المواد المحلية.
3- بالنسبة للاسمنت: قامت الحكومة بفتح الاعتماد وكان هناك 5 عقود لتوريد الإسمنت بمعدل 8000 طن يومياً وبالتالي فإن هذا كفيل بتوفير الاسمنت وانخفاض أسعاره في السوق.
4- وما يجدر ذكره والتأكيد عليه هو موضوع أجور الشحن التي تلعب دوراً كبيراً في خفض كلف الاستيراد وبالتالي خفض السعر فمثلاً سورية تقوم بتصدير التفاح للأردن ضمن برادات فبدلاً من عودة هذه البرادات فارغة إلى سورية يمكن إعادة ملئها بالبطاطا وتوفير تكلفة الشحن في حال استيراد البطاطا بشكل منفصل.
ب- وجهة نظر غرفة صناعة دمشق:
وحسب غرفة صناعة دمشق التي تفسر الأزمة على الشكل التالي:
رغم تحرير الأسعار للكثير من السلع والمنتجات الوطينة أو المستوردة واقتصار الرقابة التموينية على التدقيق في بطاقة البيان والمواصفات وتاريخ الصلاحية والفواتير النظامية للسلع وقد كان الهدف من تحرير الأسعار ظهور منافسة بين المنتجين تعود على السوق بتخفيض السعر وتوسيع الاختيارات أمام المستهلك.
إلا أنه لوحظ في الآونة الأخيرة ومنذ مطلع عام 2004 ارتفاعه في أسعار المفرق للسلع والمنتجات السورية وإن هذا الارتفاع يعود لعدة أسباب:
1- الأوضاع العامة التي تحيط في المنطقة وتتسبب في ضعف القوة الشرائية والحركة الاقتصادية وانخفاض نسبة المبيعات.
2- ضعف المبيعات بسبب انخفاض الزوار من الخارج والدول المجاورة والتوجه للأسواق المجاورة لانخفاض الأسعار فيها.
3- ارتفاع أسعار التكلفة نتيجة ارتفاع الرسوم والضرائب المفروضة واحتساب الرسوم على أساس سعر الدولار الحالي.
4- خلل في تنظيم العمل الصناعي بحيث هناك معامل مكلفة حالياً بضرائب ورسوم وورش غير مسجلة نظامياً وتعتمد عمالة غير نظامية وبذلك ينشأ خلل بسعر السلعة ومواصفاتها وهذا الخلل يؤدي إلى تشوهات في السوق.
5- ارتفاع التكلفة بسبب نفقات غير منظورة وغير رسمية تتعلق بمراحل العمل الإنتاجي كلها نتيجة وجود فساد إداري.
6- ارتفاع أسعار المواد الأولية وبشكل مفاجئ وحسب سعر اليورو واضطرار المنتج لتعديل أسعار المواد الجاهزة وبشكل محدود.
7- انخفاض فائدة المصارف واضطرار المنتج لتعديل خسائر إيداعاته من خلال رفع السعر وبشكل محدود.
8- لا يوجد أي ضابط للأسعار والنسب من الجملة إلى المفرق ولذلك فإن الأسعار تعرضت للارتفاع في مرحلة المفرق أكثر بكثير من مرحلة المصنع إلى الجملة.
الرأي:
كما ذكرنا في بداية حديثنا فإن السعر هو نتيجة لتفاعل قوى العرض والطلب في السوق وبالتالي فإن أي تغير في العرض أو الطلب لا بد أن يتبعه تغير في السعر فإذا كان هذا التغير موجباً أي إن الأسعار اتجهت نحو الصعود فإن ذلك يعزى لأحد السببين التاليين:
1- زيادة في طلب الأفراد على السلع المنتجة نتيجة لزيادة دخولهم مع عدم قدرة العرض على مواجهة هذه الزيادة إما لأن الاقتصاد قد وصل لحالة التشغيل الكامل أو لضعف مرونة الجهاز الإنتاجي وعدم قدرتنا على زيادة العرض. وحسب اعتقادي أن هذا الخيار لا ينطبق على حالة الأسواق السورية حالياً فدخل المواطن ضعيف وثابت خلال الفترة المدروسة ولم يتغير وبالتالي فإن الطلب بقي كما هو ومع ذلك شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار.
2- ثبات في الطلب يرافقه قصور أو نقص في العرض سببه نقص أو تلاش عرض قائم لبعض السلع وهذا ما ينطبق نسبياً على الوضع الرهن خصوصاً فيما يتعلق ببعض المواد الزراعية (البطاطا) واللحوم والاسمنت.
اذاً ما الأسباب الحقيقية للأزمة:
1 – برأينا ان ارتفاع الأسعار العالمية لبعض المواد كالحديد المبروم يعود ذلك الى انفتاح سوق الصين على الاستيراد توافقا مع رأي وزارة الاقتصاد.
2- سعر الصرف: الارتفاع في أسعار المواد المستوردة الناجم عن ارتفاع اليورو.
3- لا بد من الإشارة هنا إلى أن الإدارة السيئة وغير الكفؤة لإدارة موارد الدولة والفساد المستشري والبيرقراطية تؤدي إلى ضياع كبير في موارد الخزينة مما يضطر الحكومة للتعويض عن هذا الضياع فرض ضرائب ورسوم مرتفعة.
4- لكن أزمة الأسعار التي حصلت يمكن أن يعزى جزء كبير من أسبابها لعوامل داخلية كالعمولات التي تفرضها المؤسسات الحكومية على استيراد مواد كثيرة سواءكانت مواد أولية أم سلعاً نهائية والضرائب المرتفعة في كثير من الحالات، يضاف إليها الضرائب والرسوم والتي ما زالت كبيرة وكثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر (ضريبة بنسبة 1.5% على المواد الأولية والمصنعة تم فرضها مؤخراً) ورسم الرفاهية على معظم السلع والمنتجات التي تعتبر أساسية فعلاً،ناهيك عن الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والتي تعتبر من أعلى النسب في العالم.
5- نلاحظ أن أزمة الأسعار طالت قبل كل شيء المواد التي تتدخل الحكومة في تسعيرها (الاسمنت – بذور القطن – اللحوم) وإن هذا الارتفاع كانت نقطة البداية وقاطرة لدفع معظم الأسعار الأخرى دون استثناء الأسباب المذكورة آنفاً.
يبقى السؤال المطروح: لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
للإحابة على هذا السؤال هناك عدة خيارات:
أ - بكل بساطة عدم الرغبة في ذلك.
ب- لم تستشعر الحكومة الأزمة بشكل مسبق ويعد هذا تقصيراً إدارياً، وتتحمل الحكومة مسؤولية هذا التقصير.
ج- استشعرت الحكومة المشكلة ولم تتجاوب وعملاً بما هو قائم اليوم فالحكومة في مرحلة تجارب مستمرة حقلها الوطن والمواطن الذي يتحمل نتائج هذه التجارب.
إضافة إلى ذلك وهذا ما نستنتجه من تجارب سابقة فالحكومة لا تتدخل بحل مشكلة أو أزمة قبل أن تصل إلى حدودها الكارثية وهذه كارثة بحد ذاتها.
د- هنالك مستفيدون من هذه الأزمة يدخلون ضمن إطار تحالف الفاسدين وعلىسبيل المثال الارتفاع الشديد في أسعار الاسمنت وتوفره في السوق السوداء دون أن تتدارك الحكومة الأمر قبل وقوع الأزمة ليس إلا دليل على ذلك وإذا كانت الحجة عدم توفر القطع اللازم فيمكن أن تسأل الحكومة كيف توفر القطع لشراء مواد ومنتجات أقل أهمية بكثير بل بالأحرى لا أهمية لها والمستفيدون هم بضعة أشخاص فقط (شراء السيارات).
5- من خلال المطالعة والمقارنة فإن أسعار معظم هذه المواد الاستهلاكية لم ترتفع في لبنان بالنسب نفسها التي ارتفعت بها في سورية.
6- لا بد من الإشارة إلى الارتفاع الكبير الذي حصل في أسعار العقارات هذا الارتفاع الناجم عن الانخفاض الحاد الذي حصل في أسعار الفائدة مؤخراً في سورية بما تسبب بصدمة كبيرة في مجال الثقة بالائتمان المصرفي وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على ضعف في الإمكانيات المعرفية في الأحوال والمجالات النقدية والمالية واعتباطية وسطحية اتخاذ القرارات والتخبط السائد اليوم في قرارات الحكومة في هذا المجال.
وما يلفت الانتباه المبررات التي اختبأت وراءها الحكومة لتبرير الأزمة الحاصلة، والتنصل من المسؤولية، فالتنصل من المسؤولية لا يعفي من المسؤولية، وإن اتهام موظفي المصارف التنفيذيين بعدم قدرتهم على تفسير قرار تخفيض سعر الفائدة تتحمل المسؤولية الحكومة إذ إنها لم تستطع أن تسبك قراراً واضحاً أو أن موظفيها غير قادرين على قراءة وتطبيق هذه القرارات بشكلها الصحيح.
6- بالرغم من التنسيق المفترض بين وزارة التموين ووزارة الزراعة ووزارة الصناعة حول احيتاجات المواطنين للفترات القصيرة والمتوسطة والآجلة فمن الناحية العملية نسجل إخفافات كبيرة أهمها وجود اختناقات في الأسواق مما يؤدي لارتفاع الأسعار أو زيادة في العرض مما يؤدي إلى انخفاض في الأسعار يصل في بعض الأحيان إلى أقل من سعر التكلفة (المواد الزراعية) وهذا ما يؤثر سلباً على المواطنين وحياتهم المعيشية مستهلكين كانوا أم منتجين.
والخلاصة: إن الحكومة لم تقم بدورها الأساسي كمراقب للسوق وتطورات،, وموجه من خلال سياساتها الاقتصادية والتجارية المالية والنقدية. التالي..
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon