يطلق على مجموع ما يتلقاه الفرد خلال فترة زمنية محددة (شهر أو سنة) بالدخل وإذا كان هذا الدخل مقابل العمل فهو أجر أو راتب أو علاوة ويمكن أن يكون الدخل ناجماً عن الملكية (الإيجار) أو فوائد توظيفات مصرفية أو أرباح أسهم أو ريع سندات إلى ما هنالك.
تلعب الحكومة دوراً كبيراً في تحديد مستوى الدخل وذلك من خلال التشريعات الناظمة للرواتب والأجور وأسعار الفائدة والقوانين التي تحكم النشاط الاقتصادي.
ولا أعتقد بأن هناك حاجة لتبرير الربط بين الأسعار والأجور فالقضية تتعلق بمستوى الرفاهية الذي تقدمه الأجور في ظل مستوى أسعار معين بالنسبة لفئة قليلة جداً من الطبقة العاملة ولكنها تتعلق بقضية الوجود ذاتها بالنسبة للأغلبية الساحقة للطبقة العاملة.
ومن هنا تنبع أهمية هذه الدراسة والربط بين مستوى الرواتب والأجور ومستوى الأسعار، وذلك لسببين:
1- الإنسان يبقى الهدف الأساسي لكل دراسة.
2- القضية تهم شريحة كبيرة من المجتمع تعتمد في تلبية احتياجاتها الأساسية الغذائية على الأجر.
ويبدو ذلك من التوجهات التنموية والاقتصادية والمالية – حسب بيانات الحكومة المالية المتعاقبة أثناء مناقشة أي موازنة – التي تضع في مقدمتها "بناء الإنسان القوي القادر على القيام بدور فاعل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
1- الأسعار والأجور:
مادام السعر والأجر كحصانين لعربة واحدة لن تسير هذه العربة بشكل متوازن ما لم تتناسب خطا الاثنين معاً، ولا يمكن لأي كان أن يدرس الأجر بمعزل عن السعر أو العكس فليس المهم ما يعطى للفرد من وحدات نقدية بل المهم هو كمية السلع أو الخدمات الذي تمكنه هذه الوحدات من الحصول عليها فالنقود التي بين أيدينا لا قيمة لها إلا بما يقابلها من سلع وخدمات حقيقية، من هنا كانت الأهمية الكبرى لوضع سياسة أجرية تتلاءم مع السياسة السعرية القائمة مع الأخذ بعين الاعتبار السياسة الضريبية والسياسة المالية.
ولقد تنبهت القيادة السياسية في سورية إلى أهمية ذلك وأكدت على ضرورة رفع المستوى المعيشي للمواطنين، عبر عن ذلك السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم: "إن الازدهار الاقتصادي كلمة واضحة لها محوران أساسيان هما: زيادة فرص العمل ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، وإن الازدهار في المجالات المختلفة يرتكز إلى ازدهار اجتماعي وبدون الازدهار الاجتماعي فإن أشكال الازدهار الأخرى تكون مؤقتة أو كاذبة أو وهمية".
وكترجمة لنهج القيادة السياسية تم رفع مستوى الرواتب والأجور مرات عديدة منذ ثلاث سنوات ولاح الأمل للمواطن السوري لتحسين مستوى معيشته خصوصاً مع ما أطلقته الحكومة من وعود بأن هذه الزيادة في الرواتب والأجور لن ترافقها زيادة في أعباء وتكاليف المعيشة وسرعان ما تبين أن هذه الوعود هي أصداء دون مضمون فأعباء المواطن قد ارتفعت إزاء هذا الواقع فإننا نتوجه للحكومة بما يلي:
على صعيد الأسعار إذا كان الهدف هو الوصول إلى أسعار حقيقية فإننا نتساءل هل يعقل أن تعمل الحكومة على الوصول إلى سعر حقيقي يتحدد وفقاً لآلية السوق ونتيجة لتفاعل قوى العرض والطلب دون أن نعمل في المقابل على الوصول إلى أجر حقيقي مع التذكير بأن الأجر أيضاً هو سعر قوة العمل؟
وإن كان الهدف هو العمل بما وجه به إليه السيد الرئيس بشار الأسد "ربط الأجر بالإنتاجية" فإننا نؤكد بأن القيادة السياسية لم تقصد من هذا التوجيه أن تجعل العامل يعمل على رفع إنتاجيته وهو مكبل بآلات ووسائل إنتاج أكل عليها الزمن وشرب يضاف اليه الذهنيات غير الكفؤة في الادارة والتعليمات والقوانين التي لا تساعد على تحقيق ذلك.
وأما على صعيد الضرائب: فلا بد من الإشارة إلى أن الضريبة وإن كانت لا تفرض مباشرة على المستهلك فإنه سيتحملها بشكل غير مباشر لأن المنتج الذي هو المكلف المباشر بالضريبة سيتحملها لتكلفة المنتج وبالتالي يتحمل عبؤها المستهلك من خلال عكسها في رفع الأسعار وفي حال عدم إمكانية عكس هذه الضريبة على المستهلك فإن المستثمر سوف يتحملها وهذا يعني انخفاض عائدية الاستثمار ومعدلات الربح مما يؤدي إلى هروب الاستثمارات هذا من ناحية ومن ناحية ثانية قد يقول قائل إن القانون الضريبي الجديد أدى إلى رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة إلى 5000 ل.س ولكن السؤال هل يعتبر هذا الحد كافياً باعتباره الحد اللازم لتأمين الحاجات الأساسية للمواطن؟
نؤكد بأن هذا الحد لا يشكل سوى ثلث ما يلزم للمواطن لتأمين حاجاته الأساسية وللتحقق من ذلك نقدم الدراسة التالية:
جدول يبين تكاليف المعيشة للشخص الواحد في اليوم
القيمة بأسعار 2003
القيمة بأسعار 2001
القيمة بأسعار 1999
القيمة بأسعار 1987
السعرات التي تعطيها
الوزن
المادة
5
3.75
3.75
1
1275
500غ
خبز
3
3
2.5
1
75
50غ
بيض
2.2
2
2.25
1.25
108
25غ
جبن
20
15
15
6
200
75غ
لحم عجل
8
7.5
7.5
1.75
65
250غ
خضار
4.3
4
4
2
60
200غ
فواكه
2.4
2.17
0.7
0.12
0.12
70غ
أرز
12.1
10.4
7.3
1.5
1.5
65
زيت زيتون
5
4.7
4.7
0.88
0.88
100غ
مواد مختلفة
62 ل.س
52 ل.س
48 ل.س
16 ل.س
2400 حريرة
-
المجموع
بناء على الجدول السابق يتبين ما يلي:
إن قيمة الرواتب والأجور تتجلى في ما يمكن تحقيقه من رغبات "سلع وخدمات" / إن أهم هذه الرغبات تتمثل في حاجة الإنسان إلى التغذية الضرورية في حدها الأدنى لكي يستطيع أن يقوم بالعمل المطلوب منه ويعيش عيشاً كريماً، فإذا ما عبرنا عن التغذية الضرورية بعد السعرات اللازمة للشخص الواحد والتي تعادل 2400 حريرة يومياً وبكلفة 62 ل.س فإن ذلك يعني أن أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص "أب وأم وثلاثة أطفال" بحاجة إلى إنفاق 310 ل.س يومياً أي ما يعادل 9300 ل.س شهرياً وعلى اعتبار أن المواطن السوري ينفق 60% من راتبه على المواد الغذائية و40% على السلع غير الغذائية والخدمات المختلفة وذلك حسب الاحصائيات الرسمية ودراسات المكتب المركزي للاحصاء فإن الاستهلاك المنزلي للأسرة السابقة يصبح:
60% مواد غذائية وتعادل 9300 ل.س حسب حاجة الإنسان من السعرات الحرورية الضرورية – 40% سلع وخدمات وتعادل 6200 ل.س.
إذاً فالحاجة الحالية الشهرية تساوي 15500 ل.س لأسرة مكونة من خمسة أشخاص وفي حال اعتمدنا معدل الإعالة في سورية، واحد إلى خمسة "أي شخص يعيل نفسه وأربعة أشخاص غيره" فإن الدخل اللازم للمعيشة عند حد الكفاف لهذا الشخص كي يتمكن من إعالة أسرته يجب ألا يقل عن 15500 ل.س شهرياً.
وحسب ما جاء في الموازنة العامة للدولة لعام 2004 فإن كتلة الرواتب والأجور والتعويضات تساوي 132.356 مليار ليرة سورية "هذه الكتلة لا تعادل الأجور والرواتب والتعويضات النقدية فقط، بل تتجاوزها لبعض النفقات المتممة للراتب" توزع على 1.264.846 عاملاً مما يعني أن حصة العامل الواحد في العام وسطياً تعادل 132356 ل.س أي ما يقارب 11029 ل.س شهرياً وهذا يوضح تماماً مقدار الفجوة بين تكاليف المعيشة ومستوى الرواتب والأجور والتي تعادل حوالي 4471 ليرة سورية.
ولهذه الفجوة آثارها الكبيرة على الصحة العامة والتغذية ومستوى الإنتاجية وهنا نتوقف لنسأل أين الحكومة الآن مما جاء في بيانها الوزاري المقدم أمام مجلس الشعب بتاريخ 4/3/2002 الذي جاء فيه "وستعمل الحكومة من خلال تنفيذ مشروع الموازنة العامة للدولة على وضع تلك التوجيهات في التنفيذ وفي مقدمتها بناء الإنسان القوي القادر على القيام بدور فاعل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..".
هل أن عملية بناء الإنسان القوي القادر على القيام بدور فاعل تتطلب إبقاء هذا الإنسان جائعاً، أم أن الحكومة لديها هدف في رفع مستوى حاسة التذوق لدى المواطن السوري عملاً بما أثبتته إحدى الجامعات البريطانية في دراسة لها، بأن الطعام يصبح طيب المذاق في فم الشخص الجائع بدرجة أكبر من مذاقه في فم الشخص الشبعان، ويعود السبب في ذلك إلى أن حليمات التذوق تصبح أكثر حساسية لدى الشخص الجائع منها لدى الشخص الشبعان.. هذا ناهيك عن أن الجوع يجعل الإنسان أكثر رشاقة وصحة "جوعوا تصحوا".
لقد وصف وليم شكسبير في مسرحيته "سيدان من فيرونا" الرجل الجائع بالرجل الغاضب، والجوع بالمحرك للمطالبة بالعدل الاجتماعي والباعث إلى الغضب".
وفي كتابه "مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام" عرف الدكتور يوسف القرضاوي الفقر في عدم توفر متطلبات الحياة الكريمة بالقدر الذي يجعل الفرد في سعة من العيش وفي غنى عن غيره.
وخلصت آراء الفقهاء حول مفهوم متطلبات الحياة الكريمة "بأن الغاية الأساسية هي الارتقاء بمستوى معيشة الفرد إلى الحد اللائق الذي يضمن له كفاية المعيشة ويكون ذلك بإخراج ذوي الحاجة من دائرة الفقر إلى حد الغنى، والذي يلزم معه توفر الطعام والشراب الملائم والكساء والمسكن اللائق.
ولا يفتقر توفير هذه الكفاية على ضروريات الحياة اليومية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن بل يمتد إلى ما يلزم لتهيئة حياة كريمة للفرد مثل: توفير الرعاية الطبية، والتعليم الأساسي، وسبل الزواج، أي كل ما يجعل الفرد يلحق بالمستوى المعيشي السائد في المجتمع.
ويجب ألا نهمل أبداً الآثار الاجتماعية لهذه الفجوة كانتشار الفساد الإداري والرشوة ولكل ذلك من آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني تكلفه خسائر تقدر بأضعاف مضاعفة مما تحاول الحكومة توفيره بضغطها على الرواتب والأجور فنظرة الحكومة إلى الرواتب والأجور على أنها جزء فقط من التكاليف هي نظرة سكونية وأحادية الجانب وقاصرة وتفتقد للشمولية لأن الأجور هي:
أولاً: وسيلة لإعادة توزيع الدخل القومي في إطار عملية الإنتاج وإعادة الإنتاج الموسع.
ثانياً: الأجور رافعة اقتصادية لتحسين مستويات الطلب الفعال الذي يؤدي لانتقال منحنى الطلب والعرض نحو الأعلى.
ثالثاً: إن زيادة الأجور تؤدي إلى زيادة مضاعفة في الناتج المحلي حسب مبادئ علم الاقتصاد "مفهوم المضاعف".
رابعاً: إن الزيادة في تكاليف الإنتاج الناجمة عن زيادة الأجور هي زيادة نسبية لأنها تكون في الجزء الثابت من التكاليف والذي يمتص عن طريق زيادة الإنتاج المتولد عن زيادة الطلب.
ويمكن تلخيص كل ما تقدم بعبارة واحدة: لقد أصبح المجتمع السوري مجتمعاً فقيراً.. وذلك وفقاً لأبسط تعاريف الفقر ألا وهي: انخفاض مستوى المعيشة عن مستوى معين ضمن معايير اقتصادية واجتماعية يستدل عليها بعدة مؤشرات تجمل بما يلي:
1- انخفاض دخل الأسرة وعدم قدرتها على الحصول على السلع والخدمات الاستهلاكية التي تعد المحور الأساسي لمستوى المعيشة.
2- انخفاض الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي للأسرة.
3- انخفاض نسبة الإنفاق على المواد الغذائية.
4- انخفاض متوسط إنفاق الوحدة الاستهلاكية.
5- انخفاض حصة الفرد من السعرات الحرورية أو البروتين.
ثانياً: الأجور وتكاليف المعيشة في برنامج الإصلاح الاقتصادي.
تحت عنوان الرواتب والأجور جاء ما يلي:
الرواتب والأجور:
تعاني مستويات الرواتب والأجور في سورية من التدني، ولا يكفي مستوى الرواتب والأجور وتعويضاتها لمعيشة أسرة مكونة من خمسة أشخاص، سواء في القطاعين العام أو الخاص، إذ يبلغ وسطي رواتب 66% من العاملين في الدولة والقطاع العام أقل من 7500 ل.س، ولا يزد وسطي مستوى الأجور عن مثيلاته في القطاع الحكومي، على الرغم من وجود فروقات أوسع بين الحدود الدنيا والعليا، فالحكومة هي رب العمل الأكبر، ومستوى أجورها يحدد مستوى الأجور على مستوى الاقتصاد الوطني، وتساعد البطالة على انخفاض الرواتب والأجور في القطاع الخاص.
إن انخفاض مستويات الأجور تضيق السوق الداخلية، وتسبب الركود الاقتصادي وتضيق فرص الاستثمار، وتؤدي لتدهور الفئات الوسطى في المجتمع، وتؤدي لاستقطاب المجتمع بين فئتين غنية وفقيرة.
يعاني نظام الرواتب والأجور في القطاعات الحكومية المختلفة من ضيق الفارق بين الحدين الأعلى والأدنى، فالنسبة بينهما لا تزيد حالياً على ثلاثة أمثال وسبعة أعشار المثل، بينما كانت حتى مطلع السبعينيات نحو تسعة أمثال ونصف المثل، مما لا يخلق تمييزاً يتناسب مع فروقات التعليم والتأهيل والكفاءة، ولا يحفظ على العمل وتحمل المسؤولية، ويؤدي إلى هروب الكفاءات.
كما يعاني هذا النظام من النمطية والتوحيد وتطبيق معايير وسلالم موحدة على قطاعات إدارية واقتصادية مختلفة، تتطلب اختلافات حقيقة في سلالم رواتبها وتعويضاتها.
ويعاني نظام الرواتب والأجور الحكومي من عدم تناسب التعويضات مع طبيعة الأعمال والمهام التي تمنح من أجلها، مما يدفع للتهرب من تحمل المسؤولية.
إن مسألة انخفاض الرواتب والأجور ذات تأثير مزدوج على المستثمر، فهي من جهة تقدم يداً عاملة رخيصة، غير أنها من جهة أخرى تقلص حجم السوق الداخلية، وتضعف مصلحة وقدرة المشتغل على تطوير كفاءاته، وتوجد الكثير من المطالبات والضغوط لإصلاح الرواتب والأجور، وليس زيادتها فقط، أي إضافة لزيادتها النسبية حسب الممكن، لا بد من إصلاح قوسها وتوسيع الفرق بين الحدين الأدنى والأعلى، لما يتناسب والتأهيل والتدريب والكفاءة والإنتاجية.
يؤدي إصلاح رواتب وأجور العاملين في الدولة والقطاع العام إلى رفع مستوى الأجور في القطاع الخاص، وهو تأثير مطلوب في حدود مدروسة، وعلى الرغم من بعض تأثيراته السلبية، فإن محصلة تأثيراته ستكون إيجابية.
ولمعالجة هذه القضية التي أضحت عاملاً ضاغطاً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد يؤكد البرنامج على ما يلي:
- اعتماد سلالم متعددة للرواتب والأجور تستجيب لطبيعة العمل، وتتقيد بالتوصيف الوظيفي وتراتيبه، في مختلف قطاعات النشاط الإداري والاقتصادي والخدمي والسلعي للدولة، وفي القطاع العام، وإلغاء النمذجة والنمطية القائمة حالياً في هذا المجال، وتركيز ذلك في القانون الأساسي للعاملين في الدولة، بدون الإخلال بمبدأ الحد الأدنى، والحد الأعلى للرواتب والأجور.
- إن التطور التقني وازدياد مدد ومراحل الاعداد، واتساع الفجوة في الإنتاج والانتاجية بين مختلف أفراد وفئات العاملين، ومن أجل إعطاء كل ذي حق حقه، في ضوء عمله وانتاجه يوجب إعادة النظر بالحد الأعلى للرواتب والأجور تدريجياً، بحيث يحقق ذلك التدرج الأهداف المرجوة في تناسب الأجور والتعويضات مع طبيعة الأعمال.
- اعتماد مبدأ الراتب للوظيفة حين التكليف بالأعلى، مع الإبقاء على مبدأ الحفاظ على الحقوق المكتسبة عن الترفيع الطبيعي، حين التكليف بالأدنى.
- إعادة النظر بمبدأ الترفيع الاتوماتيكي وفق مبدأ المدد المؤهلة للترفيع، وضمان مبدأ الاستحقاق، وإنصاف ومكافأة المجدين وفق مبدأ انقضاء المدد والزمن لجميع العاملين واقتصار الترفيع بالنسب المتوسطة والعليا، وفقاً لنشاط وجهد القائم بالعمل.
- وضع سقف أعلى للراتب أو الأجر في كل وظيفة أو موقع يشغلها الموظف أو العالم، لا يجوز تجاوزها إلا إذا انتقل صاحب العلاقة إلى وظيفة أو موقع أعلى.
- إعادة النظر جذرياً بنظام الحوافز والمكافآت كمياً ونوعياً باتجاه زيادتها، وفق ضوابط مهنية وقانونية لزيادة فاعليتها في تحفيز العمل وزيادة انتاجيته ومردوده.
- اعتماد بدلات واقعية للتمثيل والمسؤولية، بالنسبة لشاغلي المناصب والمواقع التي تتطلب ذلك، على أن يتم صرفها وفقاً لأصول المحاسبة العامة.
- تحديد التعويضات في ضوء معطيات سوق العمل والحاجة لها، والتأكد على تحقيق استقرار مبدأ الراتب أو الأجر وفقاً للتوصيف الوظيفي، على أن تحتسب هذه التعويضات من آخر راتب مقطوع يتقاضاه المشتغل بالنسبة للعاملين في الدولة والقطاع العام.
ولكن يبقى السؤال: ماذا نفذت الحكومة من هذا البرنامج وأين وصلت في عملية إصلاح الرواتب والأجور؟
إن طرح هذا السؤال ليس من قبيل التساؤل أو الانتقاد إنما ينطوي عليه تحميل المسؤولية للحكومة عن عدم تنفيذ هذا البرنامج أو المضي به بخطاً بطيئة جداً ويمكن أن نعزي ذلك إلى عدم قدرته على تحويل البرنامج إلى واقع وعدم تمكنها من تنفيذ التوجهات السياسية.
في هذا المجال لا بد من الإشارة إلى نجاح الحكومة في إدارة التسويف وهذا مثبت بالأقوال والأفعال.
ففي حديث للسيد وزير المالية لصحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 26/10/2003 قال:
"نحن حددنا هدفاً زمنياً لتحقيق هذا الطموح "المعني به هذا برنامج الإصلاح" والفترة هي بحدود ثلاث سنوات منذ الآن، مما يعني أنه سيتم العمل عليه خلال أعوام 2004-2005-2006 ولكن بتقديرنا أن نتائج هذا التوجه ستبدأ بطرح ثمارها خلال عام 2005 أي عندما ننتهي من تعديل القوانين والتشريعات التي تحكم العاملين في سورية".
تعقيباً على هذا التسويف طرحت عليه الصحيفة سؤالاً بما معناه أن ما قلته سابقاً عندما كنت رئيساً للمكتب الاقتصادي القطري في القيادة القطرية ونائباً لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية يفيد بأن سورية ستقطف ثمار عملية الإصلاح بداية عام 2004، إذ أن الأعوام الثلاثة 2001-2002-2003 كانت فترة التعديل التشريعي وتهيئة الأجواء المناسبة لرفع معدلات النمو وإنعاش الحياة الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية؟.
رد السيد الوزير بأن ما أعلن سابقاً جاء ضمن ظروف ومعطيات، وبكل أسف أقول: بقينا في إطار وضع البرامج ووضع الآليات ووضع السياسات… إنا أعددنا مشروع الإصلاح الاقتصادي وهو الآن جاهز، كان تطبيقه يجب أن يبدأ من بداية عام 2003 ثم قلنا عام 2004 وبعدها 2005 وينتهي 2006..".
نسأل هنا السيد الوزير: "ألم يكن في ذلك الحين مطلعاً على الظروف والمعطيات"؟!.
كما نود الإشارة بأن إعداد مشروع برنامج الإصلاح الاقتصادي ووضعه موضع التنفيذ لم يستغرق كل هذه الفترة في أي من دول العالم وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على القصور في الإمكانيات.
من ناحية أخرى نوجه السؤال من جديد للسيد الوزير: نحن في نهاية الشهر الرابع من عام 2004 ونحن جئنا إلى هذا المنبر بدعوة للحديث عن الأزمة التي حصلت في موضوع الأسعار فقط دون أن نتكلم في الأزمات الأخرى وأهمها ما حصل نتيجة تخفيض أسعار الفائدة.. فهل هذا ما وعدتم به المواطنين من ازدهار وتحسن في مستوى المعيشة ورفاهية و…؟
في الحديث نفسه أكد السيد وزير المالية: "نحن لدينا برامج وخطة معينة، نقوم من خلالها بمراجعة مستوى معيشة المواطنين كل فترة.. وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين هدف دائم ومستمر ولا ينتظر إنجاز برامج".
نشير من جديد بأنه لو كان ذلك صحيحاً لما اضطر السيد رئيس مجلس الوزراء لتولي الموضوع بنفسه والتوجيه بالحلول اللازمة الأخيرة للأسعار.
صحيح أن الحكومات تعطي عادة فترة ثلاثة أشهر للبدء في عملية العطاء لكن في وضع حكومتنا الحالية التي تم تشكيلها منذ حوالي سبعة أشهر لا يصح إجمالاً تطبيق ذلك نظراً لأن معظم أعضائها إن لم يكونوا جزءاً من وزارات سابقة فهم في مواقع مسؤولية منذ فترة طويلة وهذا ما أكد عليه السيد وزير المالية نفسه عندما تسلم حقيبة وزارة المالية إذ قال في الحديث نفسه: "لا أستطيع أن أسمي وجودي في وزارة المالية منصباً جديداً.. أنا كنت معنياً بشؤون وزارة المالية قبل أن آتي إلى هذه الوزارة من خلال ترؤسي للجنة الاقتصادية ومنصب في الحكومة السابقة".
ولابد من الإشارة إلى أن السيد وزير المالية هو رئيس اللجنة الاقتصادية وعضو في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي وكان آنذاك رئيس المكتب الاقتصادي القطري ونائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون الاقتصادية فكيف يمكن لنا أن نعفيه من مسؤولية كل ما حل بهذا الوطن من تراجع في معدلات النمو وتضخم وانخفاض في مستوى المعيشة إلى ما هنالك.
مدلولات ومقترحات:
فيما يخص مسألة الأسعار والأزمة التي حصلت مؤخراً نوضح بأنه ضمن المعطيات الموجودة لقد استطاعت الحكومة أن تسيطر على الأزمة جزئياً وتدريجياً.
- في مسألة المواد الاستهلاكية الأساسية للحوم والبطاطا وغيرها قامت الحكومة ممثلة بالسيد معاون وزير الاقتصاد بالسيطرة على الأزمة.
- في مسألة ارتفاع أسعار الاسمنت أيضاً استطاعت الحكومة السيطرة عليها بفتح الاعتمادات اللازمة للاستيراد.
- في مسألة الأسعار العالمية وارتفاع بعض المواد عالمياً فلا حول ولا قوة وذلك انطلاقاً من المبادئ العلمية، فسورية بلد صغير في الإنتاج والاستهلاك ولا يمكنها أن تؤثر في الأسعار العالمية.
- كذلك بالنسبة للمواد المستوردة كافة التي نجم ارتفاع السعر فيها عن ارتفاعه أسعار القطع كاليورو.
لكن الحكومة قد استطاعت السيطرة على الموقف وخلال فترة قصيرة فذلك يعني وضمن الظروف والمعطيات بأنها قادرة على التدخل والسيطرة، من هنا تنبع مسؤولياتها عن حدوث هذه الأزمة ما دامت تسيطر على خيوط اللعبة.
ولكن إذا انطلقنا من مبدأ ضرورة التوصل إلى أسعار حقيقية ضمن سوق تنافسية لا احتكارية فإنه من الضروري أن تكون هذه السياسة شمولية وديناميكية أي غير ساكنة، حيث يؤخذ عامل الزمن والمتغيرات المحيطة بعين الاعتبار.
أي العمل للتوصل إلى أسعار حقيقية للمنتجات ولقيمة العمل معبر عنها بالأجور.
من ناحية أخرى وتطبيقاً للتوجيهات السياسية، من حيث ربط الأجر بالإنتاجية، فهذا يعني ضرورة تجهيز عملية الإنتاج ووضعها في وضع تنافسي ومن ثم يمكن ربط الأجر بالإنتاج، بلغة أخرى إن هذا يستدعي تطوير آلية العمل ووسائل الإنتاج اللازمة لكي تستطيع الحكومة المحاسبة وفي هذه الظروف أيضاً يمكن أن يكون لدينا قطاع عام حقيقي قادر على المنافسة.
لكن هل هذا حلم أم حقيقة.
ونعود إلى القول أن السياسة الحقيقية للأجور تبقى محور أي إصلاح.
أتعجب كيف يغيب هذا الهدف من أمام أعين المسؤولين عندما يتسلمون المناصب والسلطة!.
يكمن تفسير ذلك في عدم معاناتهم من هذه المصيبة عند وصولهم إلى المنصب حيث يتم ردم الفجوة بالميزات العينية التي تصل إلى عشر أضعاف الراتب وأكثر "سيارات، وميزات وتسهيلات حياتية، وكل ما لم يكن يتمتع به المسؤول قبل وصوله إلى المنصب".
تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon