في رحاب الطفولة..

خاص: "نساء سورية"

لقد آن الأوان لتغيير موقفنا من الأطفال ؛ فثورة العلوم والمواصلات لم تعد تسمح لأحدٍ أن يغلق عينيه عن حقيقة أن: " وضع الأطفال في أيِّ بلد ؛ يُعتبر مقياس حضارة ذلك البلد.
إننا نحيا في عالم انفتاحٍ وانتخاب، فالمعرفة لا يمكنها أن ترجع إلى الوراء ؛ ولا تسمح لنا أن نرجع إلى الوراء أيضاً، والتقدم الذي ننشده يُعتبر تقدماً بقدر انتسابه للعلم والمعرفة.
ومن مقولات العلم البديهية: إن عالم الطفل متكاملٌ وقائمٌ بذاته ؛ وإن كان يتضمن البذور التي تنقل الطفل إلى عالم الكبار.
وقد استخلص المربون ما يترتب على هذه الحقيقة من نتائج، وخلاصة موقفهم: " إن كلَّ كلامٍ يوجّه للطفل ـ شفوياً كان أم كتابياً، أدباً كان أم فكراً ـ يجب أن يعامله على أنه كيانٌ ذاتي له مقوماته الشخصية ".
..إن حقائق علمية كثيرة قد توفرت عن الطفولة ؛ إلا أن الاستفادة من هذه الحقائق مازالت محدودة، فنحن نستعمل كلّ وسائل الحضارة التقنية (السيارةوالتلفزيون والهاتف النقال والكمبيوتر والأنترنت.. إلخ) دون أن نأخذ في اعتبارنا أن هذه الوسائل سترتب علينا ثقافة مغايرة لما ألفناه، ودون أن نحصن أنفسنا بصادات لرياح تلك الثقافات التي مافتئت تعصف يميناً وشمالاً بما اعتدنا عليه من مفاهيم وقيمٍ نسميها خصوصيتنا الثقافية، فهل سنورِّث أطفالنا نمط تفكيرنا الاستهلاكي ؟!
لا شكّ أننا نختلف ـ كأمَّةٍ ـ عن أمم الأرض الأخرى في نمط تفكيرنا، وفي جذرنا التاريخي، وفي ثقافتنا، إلا أن العالم ـ بما فيه نحن العرب ـ قد أجمع على أن الأطفال ورثة المستقبل، تلك ليست بديهة ومسلمة فحسب ؛ إنها حقيقة لا يقاربها الشك ولا يدانيها التوقع وبناءً على هذا الاتفاق أُنجِز أكثر من اجتماعٍ دولي يهدف إلى حماية الأطفال منّا ـ نحن الكبار ـ وقد جاء في المادة الأولى منخطة العمل لتنفيذ الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه:
"اجتمعنا في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل للتعهد بالتزام مشترك، وتوجيه نداء عالمي ملح لتوفير مستقبل أفضل لكل طفل".
وهذا المستقبل كنتيجة لا يصحّ دون مقدمات، والمقدمات تقتضي منّا عملاً دؤوباً يأخذ بيد الأطفال من لحظة ولادتهم حتى بلوغ سن الرشد، وهذا العمل لا يأتي بالنتائج المرجوة إلا إذا أدركنا ـ نحن الكبار ـ السبل والوسائل العلمية الصحيحة في تربية الأطفال وتعليمهم، فثقافة الأطفال مرتبطة بثقافة المجتمع، والسؤال: من أين نبدأ؟
أنبدأ من الأطفال؟ إننا لا نستطيع ذلك إن لم نكن على علم ودراية بالسبل والوسائل العلمية الصحيحة في تربية الأطفال وتعليمهم، ففاقد الشيء لا يعطيه. إذاً علينا أن نبدأ من أنفسنا، علينا أن نثقف أنفسنا لنستطيع أن ننقل إليهم هذه الثقافة، إننا محيطهم وبيئتهم، ومنهلهم الرئيس.
لقد التفتنا إلى استثمار الطاقة والموارد الطبيعية والمال، ونسينا الاستثمار البشري علماً أنه الأهم، ولا نستطيع إلى هذا الاستثمار سبيلاً ؛ إلا إذا أدركنا أن الطفل ـ أي طفلٍ ـ "يجب أن يعيش مراحل نموه وفقاً لخصائص هذه المراحل".
وقد قسم العلماء مرحلة الطفولة إلى ثلاث مراحل:
1 ـ مرحلة الطفولة المبكرة، وتستمر حتى السادسة من العمر.
2 ـ مرحلة الطفولة الوسطى، وتستمر من السادسة حتى الثانية عشرة.
3 ـ مرحلة الطفولة المتأخرة، وتمتد من الثانية عشرة حتى الثامنة عشرة.
ولكل من هذه المراحل خصائصها النفسية والجسمية.

1/2005
  

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon