رابطة النساء السوريات: أهدافها وآلية عملها

شاركت رابطة النساء السوريات في منتدى دار الشموس الرابع الذي أقيم في المركز الثقافي العربي بدمشق بين 11 – 13/12/2004 بدراسة حول رابطة النساء السوريات أهدافها وعملها ونشاطها في ميادين تمكين المرأة وتعزيز وتطوير دورها ومكانتها في حياة البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قدمت المداخلة السيدة صباح الحلاق، ننشرها فيما يلي:
الرابطة منظمة نسوية جماهيرية ديمقراطية تأسست عام 1948 ورخص لها رسمياً بالعمل من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية باسم رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة بموجب القرار رقم 5424 تاريخ 11/5/1957. ولن أستعرض لكم ما قامت به الرابطة منذ تأسيسها ليس انتقاصاً لما قامت به بل مع تقديرنا الكبير لعمل مؤسسات الرابطة وجميع الرابطيات الرائدات من أعمال نضالية وبناءة استدعتها الظروف العالمية والعربية والمحلية. لكن ارتأينا في الرابطة أن الحاضرات/ ين هم من المعنيين/ ات بقضايا المرأة ولديهم/ هن معرفة بأنشطتنا السابقة.
ولكي نستطيع- إن أمكن – إضافة خبرتنا إلى خبراتكن/ م نقدم لكم كيف جُددت الرابطة أقطاب وآليات عملها وفق ما تقتضيه الحاجات الفعلية والعملية لنساء بلادنا والتي كانت المؤسس للخطاب والعمل وليس بالعكس.
وعلى الرغم من أن الرابطة في مؤتمرها السابع 1987 جددت بعض الأهداف التي تسعى إلى إزالة التمييز في القوانين والمساواة الفعلية بين النساء والرجال إلا أن التحضير لمؤتمر بكين 1995 كان القاعدة الأساسية بالنسبة لنا من أجل العمل على: مناهضة كل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة بما يعزز دورها في حياة البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ومن أجل ذلك عملت الرابطة على تمكين المرأة السورية قانونياً وسياسياً واجتماعياً من جهة وعلى تحويل قضية المرأة إلى قضية مجتمعية من جهة أخرى. ونعني بالتمكين المعرفة أولاً والوعي والإيمان بالقضية من أجل التغيير والتعديل ثانياً.

في مجال التمكين القانوني:
تناولت الرابطة حقوق المرأة كحق من حقوق الإنسان وعملت على التعريف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان واعتمدته إلى جانب دستور البلاد منطلقاً أساسياً لنشاطها وسعيها من أجل تعديل القوانين ذات الصفة التمييزية.

ومن أجل تحقيق ذلك قامت بما يلي:
- أعدت دراسات وأبحاث لرصد المواد التمييزية ضد المرأة في القوانين السورية (الأحوال الشخصية للطوائف كافة، العقوبات، الجنسية، التأمينات الاجتماعية، التأمين والمعاش والعلاقات الزراعية).
- شاركت في جميع فعاليات محكمة النساء العربية لمناهضة العنف ضد النساء منذ جلستها الأولى عام 1995 وذلك بتقديم الدراسات القانونية والشهادات الحية حول العنف القانوني وأشكال العنف الأخرى كما ساهمت في الندوات وورش العمل التي أقامتها المحكمة وكذلك في حملة الحق حول المساواة في إجراءات الطلاق بين المرأة والرجل.
إضافة إلى تشكيل لجنة مؤازرة لدعم الرابطة في نشاطها لمناهضة العنف ضد المرأة ضمت نخبة من المحاميين/ ات وأعضاء مجلس الشعب وناشطين/ ات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والإعلاميين.
كما أعدت الرابطة التقرير الموازي بكين + 10 الذي قيّمت فيه آليات عمل الحكومة السورية في مجالات الاهتمام الحاسمة التي خرج بها مؤتمر بكين كما قدمت فيه اقتراحات بالعديد من الإجراءات المتكاملة التي ترمي إلى تصحيح العلاقات الجندرية وتمكين النساء في المجالات كافة وتصويب مسار التنمية.
- شاركت في البحث الإقليمي حول قوانين الجنسية في البلدان العربية إلى جانب منظمات نسوية أهلية عربية في إطار الحملة العربية لتغيير هذه القوانين وإعطاء المرأة العربية حق منح جنسيتها لأولادها. وأطلقت الرابطة حملتها الوطنية لتعديل قانون الجنسية من أجل إعطاء المرأة السورية حق منح جنسيتها لأولادها.

وفي هذا السبيل تضمنت حملتها الخطوات التالية:
- إعداد دراسة قانونية لقانون الجنسية والمواد التمييزية فيه.
- إعداد دراسة بحثية لحالات العشرات من النساء السوريات المتزوجات من غير السوريين والتي بينت بوضوح الآثار السلبية المترتبة على الأسرة عامة والأطفال بخاصة نتيجة حرمان الأم السورية من حق منح جنسيتها لأولادها.
- وبهدف تعبئة الإعلام السوري حول قضية التمييز في قانون الجنسية أقامت الرابطة ورشة تدريبية للإعلاميين/ ات بتاريخ 21 – 23/2/2004 وكان من نتائج هذه الورشة كتابة عدد من المقالات في الصحف الوطنية والعربية إلى جانب عدد من البرامج التلفزيونية.
- قدمت الرابطة مذكرة إلى مجلس الشعب بتاريخ 30/3/2004 تطالب فيها بتعديل المادة الثالثة من الفصل الثاني الفقرة أ من قانون الجنسية. والتقت بعشرات من أعضاء وعضوات مجلس الشعب وقدمت لهم المذكرة مع شرح آثار التمييز على المرأة وأولادها.
- وبتاريخ 28/6/2004 عقدت الرابطة جلسة استماع عامة للفئات المستهدفة (النساء والأولاد) في المنتدى الاجتماعي حضرها عدد من أعضاء مجلس الشعب والفعاليات الإعلامية والمدنية وتم تغطية هذه الجلسة في عدد من البرامج التلفزيونية الوطنية.
- قدم /35/ عضواً/ ه من مجلس الشعب مشروع تعديل لقانون الجنسية وفق مذكرة الرابطة ورفع المشروع إلى رئيس المجلس الذي بدوره عرضه على المجلس وتمت الموافقة على رفعه إلى رئيس الحكومة. ومازلنا ننتظر عودة المشروع إلى المجلس للمصادقة عليه.
- وتزامناً مع هذه الخطوة قامت الرابطة ومازالت بحملة جمع تواقيع على المذكرة المقدمة إلى مجلس الشعب على مستوى القطر وشارك في حملتنا هذه النساء صاحبات المصلحة والعلاقة وعائلاتهن وجمع حتى يومنا هذا آلاف التواقيع.
- كذلك تعمل الرابطة بالتشارك مع جمعيات ومنتديات أهلية وناشطات/ ين في حقوق المرأة على مراجعة قانون الأحوال الشخصية من أجل إعداد قانون أسرة عصري للأسرة السورية.
- أما بالنسبة لسيداو نشطت الرابطة من أجل انضمام سورية إلى اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وفي هذا السبيل: عقدت الرابطة العديد من الندوات في دمشق والمحافظات حول الاتفاقية توجتها بندوة في المركز الثقافي العربي بدمشق في آذار 1999 م.
وبغية التعريف بها والحصول على دعم المعنيين/ ات من أجل الضغط على الحكومة للمصادقة عليها قامت الرابطة بتوزيع الاتفاقية والنشر حولها في (نون النسوة) مجلة الرابطة والصحف السورية.
- أجرت دراسات مقاربة بين مواد الاتفاقية والقوانين السورية قدمت في دمشق وبعض المحافظات.
- وبعد المصادقة على الاتفاقية بالمرسوم التشريعي رقم 331 تاريخ 25/9/2002 والذي تحفظ على خمس مواد من الاتفاقية وهي / 2 – 9 – 15 – 16 – 29/ أو بعض بنودها.
وبغية رفع هذه التحفظات لأنها أفرغت الاتفاقية من أهدافها الأساسية قامت الرابطة بما يلي:
- عقد ندوة مع رجال الدين وعدد من الداعيات الإسلاميات والفعاليات المدنية بتاريخ 18/6/2003 لمناقشة التحفظات وبيان مدى مخالفة المواد المتحفظ عليها للشريعة الإسلامية أو عدم مخالفتها.
- عرض الاتفاقية والتحفظات ومناقشتها في الورشة التدريبية للإعلاميين/ ات.
- كما شاركت الرابطة في إعداد التقرير الأول المقدم إلى لجنة الاتفاقية في الأمم المتحدة واستطاعت أن تضمنه موقفها من المواد المتحفظ عليها.
وتعزم الرابطة العمل على رفع التحفظات عن الاتفاقية العام المقبل وأيضاً وفق حملة وطنية تسعى لمشاركة الجمعيات واللجان الأهلية معها.
أما في مجال التمكين السياسي ونشر الوعي المجتمعي بقضية المرأة:
إن كون الرابطة تاريخياً لها علاقة وثيقة بالحركة السياسية في البلاد. وبين صفوفها عدد من الناشطات في الحركة السياسية الوطنية والديمقراطية جعل من مسألة تمكين المرأة سياسياً من أولويات عملها وذلك لإدراكها العميق بأن تحقيق أهدافها يرتبط بمدى تأثير المرأة في وضع وتنفيذ السياسات العامة، ومن خلال النشاط النسوي والعلاقة مع السياسي استطاعت الرابطة أن تقدم عدداً من القيادات النسائية اللواتي ينشطن على الصعيد السياسي والمجتمعي بشكل عام.
وفي هذا الإطار قامت الرابطة بـ :
تعقد الرابطة اجتماعاً دورياً كل ثلاثة أشهر للجنتها الوطنية منذ عام 2000 م. يضم من 40 – 60 مشاركة يبحث في مسألة تخص قضايا المرأة وفقاً لتوجهات الرابطة منها على سبيل المثال لا الحصر (قانون الجمعيات، الأصولية وأثرها على العمل بين النساء، المرأة ومواقع صنع القرار، معوقات مشاركة المرأة في العمل السياسي، النساء في سوق العمل غير النظامي، عمل الأطفال، المرأة في الإعلام السوري… إلخ.)
- أقامت الرابطة ثلاث ورشات عمل تدريبية للناشطات في رابطة النساء ومؤسسات في المجتمع المدني المختلفة حول القيادة إلى اتخاذ القرار في دمشق وحلب والسويداء.
- دعمت المرشحات والمرشحين إلى مجلس الشعب ممن يبدون اهتماماً خاصاً بقضايا المرأة واستمرار التواصل معهم/ هن.
- شكلت فريق تدريب في الجندر والتنمية (أربع مدربات). الأمر الذي مكَّن الربطة من التصدي لمهمة التدريب في جميع الدورات التي يشارك فيها عدد هام من الرابطيات والناشطات والشباب والفتيان/ ات في دمشق وبعض المحافظات.
- امتلكت الرابطة من خلال تدريب كوادرها آليات التحليل العلمي لقضايا المرأة السورية ومجمل أوضاعها القانونية والسياسية والاقتصادية وجرى تسليط الضوء على الجندر كمنهج للتعرف إلى أدوار النساء والرجال في المجتمع والعلاقات السائدة بينهما بهدف تغيير الذهنية المجتمعية تجاه المرأة.
- شاركت الرابطة في مختلف الورشات الوطنية والإقليمية والعالمية الخاصة بقضايا المرأة في المجالات كافة. (اتحاد النساء الديمقراطي العالمي، المسيرة العالمية للنساء).
- مكنت الورش التدريبية وورش العمل الرابطة من توسيع علاقات التعاون والتنسيق بينها وبين عدد هام من الفعاليات الاجتماعية والإعلامية والسياسية والناشطين/ ات من المجتمع الأهلي.
- شاركت الرابطة في عدد من ورش العمل حول العنف ضد النساء في دمشق – عمان – بيروت – مصر، بهدف تأهيل عدد من عضوات الرابطة للتعامل مع المعنفات فيما إذا تمكنت من فتح مركز مأوى للنساء المعنفات وخط للمساعدة.
- قامت الرابطة بالتنسيق والمشاركة مع مجموعات العمل على قضايا المرأة منها (المبادرة الاجتماعية، جمعيات حقوق الإنسان، لجنة دعم قضايا المرأة) ودعم مبادراتهم.
- أعدت الرابطة دراستين حول المرأة والتنمية وأهمية تمكين النساء من الوصول إلى مواقع القرار الاقتصادي والسياسي ودراسة حول معوقات مشاركة المرأة السورية في العمل السياسي.
- أعدت دراسة حول الحركة النسائية في سورية قدمت في الندوة الإقليمية (المرأة والمجتمع) في 1 – 2/12/2003 في جامعة دمشق.
ونستطيع القول إنه على الرغم من صعوبة العمل على التوعية الاجتماعية والقانونية والتمكين السياسي إلا أن الرابطة استطاعت في أنشطتها المختلفة التي عرضناها عليكم أن تؤسس مجموعات مناصرة لقضية المرأة وأن تكوّن رأياً عاماً إيجابياً حولها. ومازلنا معاً بحاجة إلى العمل الحثيث لجعل قضية المرأة قضية المجتمع كله.

وأخيراً ما هي العقبات والتحديات التي تواجه الرابطة والجمعيات المماثلة:
- أولى التحديات التي برزت أمام الرابطة لتحويلها من منظمة تعبوية إلى منظمة تعمل في إطار التمكين السياسي والاقتصادي والقانوني للمرأة السورية بشكل مباشر يمكن الرابطة من الوصول إلى أوسع جماهير النساء الفقيرات والمهمشات بخاصة، هي قصور القوانين السورية وبخاصة منها قانون الجمعيات الذي يضع قيوداً مشددة على الجمعيات إضافة إلى حصر كل نشاط نسوي في إطار الاتحاد العام النسائي والافتقار إلى جو آمن للنشاط المدني العام.
- اعتماد الرابطة كلياً على العمل الطوعي لجميع عضواتها والافتقار إلى كل شكل من أشكال الدعم المالي الحكومي أو الخارجي.
- أدت العوامل المذكورة سابقاً إلى إضعاف قدرة المنظمة على المساهمة في تقديم العون للفئات المستهدفة من النساء في مسائل التمكين المعرفي والاقتصادي والسياسي بكل أشكاله وحدّت من إمكانية الرابطة في التأسيس لمراكز أبحاث ودراسات ومراكز استشارات قانونية أو ملاجئ للنساء المعنفات وتقديم مختلف أشكال المساندة المطلوبة للنساء.
- كذلك السياسات الإعلامية المؤطرة والمحددة أعاقت الوصول إلى قطاعات من الفئات الاجتماعية نساءً ورجالاً.
- الافتقار إلى كل شكل من أشكال العلاقة والتنسيق ناهيك عن الشراكة مع المؤسسات الحكومية المعنية بقضايا المرأة.
- الافتقار إلى المعطيات الإحصائية المتعلقة بمختلف جوانب قضية المرأة وصعوبة الوصول إلى المعلومات المتوفرة.
ومع ظهور بوادر إيجابية من قبل الحكومة في إطار المشاركة ما بين الحكومة والمجتمع الأهلي نأمل جميعاً إزالة هذه المعوقات في القريب العاجل.
وأخيراً يمكننا أن نخلص إلى أن تأثير المتغيرات العالمية والعربية والوطنية وآليات التشابك والعمل المشترك العربي والمحلي وتبادل الخبرات هو الشاحن لكل منظمة وفرد للعمل من أجل سد احتياجات المجتمع ومن أجل أن تكون المشاركة في بناء الوطن وتنميته حقيقة لا وهماً.

نون النسوة- عدد آذار 2005


رابطة النساء السوريات
التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon