رابطة النساء السوريات ومناهضة العنف القانوني ضد النساء

تضامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة أقامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة في 25/11/2004 ندوة في فندق أمية بدمشق شارك فيها جهات حكومية ومدنيّة عرضت برامجها ووجهات نظرها حول مسألة العنف ضد المرأة!
شاركت رابطة النساء السوريات في الندوة بمداخلة قدمتها السيدة سوسن زكزك عضو سكرتاريا الرابطة. ننشر فيما يلي نصها:
تعتبر القوانين النافذة في أية دولة الناظم الرئيسي لعلاقة "المواطن" بالدولة المعنية، ولعلاقة المواطنين بعضهم ببعض. وهي التي تحدد حقوق وواجبات كل مكون من مكونات الدولة الحديثة، وبالتالي مكانته في سلم الترتيب الاجتماعي، وكلما اقتربت أكثر من تحقيق معادلة "حقوق متساوية لواجبات متساوية" أي عدالة قانونية أكثر فستنعكس هذه العدالة على مختلف نواحي الحياة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، عبر تأثير متبادل بين البناءين الفوقي والتحتي.
ومن هنا أولت رابطة النساء السوريات أهمية كبيرة لمناهضة العنف القانوني ضد المرأة منطلقة من:
1 ـ إن أي تمييز وفي أي قانون هو عنف موصوف باعتباره يلحق أذى متعدد الأشكال بضحية هذا التمييز.
2 ـ إن التمييز ضد النساء في القوانين السورية هو عنف جندري، أي يطال النساء جميعاً دون استثناء، على اختلاف المرجعيات الفقهية التي يعتنقنها والسويات الثقافية والاقتصادية التي يشغلنها. وهو بالتالي محدد رئيسي للهوية الاجتماعية لنسائنا في علاقاتهن بأسرهن وبالدولة في نفس الوقت.
3 ـ إن مناهضة العنف ضد النساء بعامة والقانوني بخاصة هي مسألة تقدم اجتماعي فيجب أن تكون مركز اهتمام المجتمع وقواه الحية الطامحة للارتقاء والتطور.
وكانت المرجعية الأساسية التي اعتمدتها الرابطة لتحديد التمييز:
1 ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وامتداداته من مواثيق واتفاقيات دولية، وبخاصة اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة.
2 ـ دستور البلاد باعتباره القانون الأساسي لدولتنا والذي يجب أن تنسجم كل القوانين مع مبادئه وأحكامه.
وحرصت الرابطة خلال عملها لمناهضة التمييز ضد المرأة ومن ضمنه التمييز القانوني على:
1 ـ إقامة أوسع أشكال التعاون مع مختلف الفعاليات المجتمعية المعنية بحقوق النساء وحقوق الإنسان.
2 ـ إشراك النساء ضحايا التمييز في مجمل نشاطاتها.
3 ـ إيلاء اهتمام خاص لدور الإعلام في تسليط الضوء على هذه المشكلة بغية التأثير في الرأي العام، وذلك عبر مجلتها "نون النسوة" المتواضعة في إمكانياتها، وإقامة علاقات تعاون وشراكة مع عدد من الإعلاميين/ات.
4 ـ تعميق التعاون مع الجمعيات العربية العاملة على نفس الموضوع وصولاً إلى إقامة شبكات عربية أو حملات عربية مشتركة، باعتبار أن التمييز القانوني ضد النساء في المجتمعات العربية كافة يستند إلى نفس الذريعة (الفقه).

ما قامت به الرابطة في هذا المجال:
عملت منظمتنا منذ تأسيسها عام 1948 (ورخص لها بالعمل عام 1957) على تسليط الضوء على التمييز القانوني كجزء من التمييز الحاصل ضد النساء. إلا أن تحولاً نوعياً طرأ على عملها عام 1995 أثناء التحضير لمؤتمر بكين وما خرج به من تفصيل لمجالات الاهتمام الحاسمة.

ولعل أبرز نشاطاتها في هذا المجال:
أولاً ـ المساهمة في تأسيس محكمة النساء العربية: المحكمة العربية الدائمة لمناهضة العنف ضد المرأة. والتي اعتمدت آليات عمل جديدة لكسر "جدار الصمت" عبر عقد جلسات استماع لضحايا العنف، لتتحول التجارب التي عاشتها هذه النساء من إطار "أسرار البيوت" إلى قضية اجتماعية يتحمل كل المجتمع مسؤوليتها وليس فقط الضحية التي بمجرد أن تقدم شهادتها يسقط عنها الشعور بالخجل لذنب لم تقترفه بل كانت ضحية له، وحري بمن اقترفه ومن سهله وسوغه اجتماعياً وقانونياً أن يخجل منه.
وخلال مسيرة عمل المحكمة قدمت الرابطة شاهدات عن العنف القانوني في قانون الأحوال الشخصية، ودراسة عن المواد التمييزية في هذا القانون، كمساهمة في الإعداد لطرح مشروع قانون أسرة عربي.
وساهمت الرابطة في حملة الحق التي أطلقتها المحكمة من أجل قوانين عادلة للطلاق ومفاعيله فعملت على:
1 ـ تشكيل لجنة المؤازرة والتي ضمت عدداً هاماً من الإعلاميين/ات والعاملين/ات في الساحة الثقاقية والمحامين/ات.
2 ـ إقامة الندوات العديدة في بعض المحافظات السورية لشرح أهداف الحملة وزج الطاقات في دعمها.
3 ـ جمع 2500 توقيع على بطاقات تطالب بقانون أسرة عصري.
ثانياً: إقامة العديد من الندوات للتعريف باتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة وعقد الموازنة بين بعض قوانيننا وأحكام هذه الاتفاقية، وكان آخرها ندوة مع د. محمد حبش لإعطاء رأي فقهي في التحفظات السورية على بعض مواد الاتفاقية.
إضافة إلى توزيع مئات النسخ من الاتفاقية على الفعاليات المجتمعية والناشطين/ات فيها.

ثالثاً: حملة لتعديل قانون الجنسية بما يعطي المرأة السورية المتزوجة من غير السوري الحق في منح جنسيتها لأولادها.
وكانت خطوات الحملة:
1 ـ إعداد دراسة قانونية حول التمييز في قانون الجنسية، وذلك ضمن إطار بحث إقليمي حول قوانين الجنسية في البلدان العربية.
2 ـ دراسة بحثية ميدانية لحالات عشر من النساء السوريات المتزوجات من غير السوريين (ضمن إطار البحث الإقليمي السابق ذكره)، لتلمس الآثار السلبية المترتبة على الأسرة عامة والأبناء بخاصة نتيجة للتمييز في قانون الجنسية السوري.
3 ـ إقامة ورشة عمل ـ بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ـ لعدد من الإعلاميين/ات حول النوع الاجتماعي والتمييز في قانون الجنسية. كان من نتائجها كتابة العديد من المقالات الصحفية. وإنتاج عدد من البرامج التلفزيونية الخاصة بالمشكلة.
4 ـ التقت الرابطة في 30/3/2004 بعدد كبير من السيدات والسادة أعضاء مجلس الشعب، وقدمت إليهم/ن مذكرة تتوجه فيها إلى المجلس للمطالبة بتعديل الفقرة أ من المادة الثالثة من الفصل الثاني من قانون الجنسية.
5 ـ عقدت الرابطة بالتعاون مع المنتدى الاجتماعي جلسة استماع، قدمت فيها شهادات حية من أمهات سوريات وأبنائهن المحرومين من اكتساب جنسية الأم. وحضرها عدد من أعضاء مجلس الشعب كما جرت تغطيتها إعلامياً (صحف ـ تلفزيون).
6 ـ التواصل مع عدد من أعضاء مجلس الشعب نتج عنه توقيع 35 عضواً/ة في المجلس على اقتراح بتعديل قانون الجنسية، ومن ثم رفع المجلس الاقتراح إلى الحكومة بحسب آليات عمله.
7 ـ أطلقت الرابطة حملة لجمع التواقيع على المذكرة المقدمة إلى مجلس الشعب على مستوى القطر، وقع عليها الآلاف، وساهمت بعض النساء المتضررات وعوائلهن في هذه الحملة.

رابعاً: تشكيل لجنة لاقتراح قانون أسرة عوضاً عن قانون الأحوال الشخصية المعمول به حالياً.
حيث دعت الرابطة ممثلين وممثلات عن اللجان والجمعيات الحقوقية (حقوق النساء وحقوق الإنسان) مع عدد من السيدات الناشطات في هذا المجال من مختلف المشارب الفكرية.
تجتمع هذه اللجنة شهرياً بهدف:
1 ـ لحظ المواد التمييزية في هذا القانون (وما أكثرها)؟
2 ـ تدوين الاقتراحات بمواد بديلة.
3 ـ تكليف مجموعة من الخبراء المحامين/ات بإعداد قانون بديل بحيث يطال التغيير مجمل القانون الحالي روحاً ونصاً.
4 ـ تنظيم حملة مجتمعية عامة لإصدار القانون العصري واستبداله بالقديم.
وفي ختام مداخلتنا هذه نود لفت أنظاركم/كن إلى أهم المعيقات التي تواجه عملنا في مجال مناهضة العنف ضد النساء عامة والقانوني بخاصة:
1 ـ قصور قانون الجمعيات الحالي عن مواكبة التنوع في العمل الجمعياتي، والحاجة الماسة إلى إصدار قانون جمعيات حديث، يقونن عملها ويخلق بينها عدالة دون تمييز منظمة على أخرى.
2 ـ الافتقار إلى موارد الدعم المالي، حيث تعتمد الرابطة في مجمل عملها على العمل التطوعي.
3 ـ السياسات الإعلامية المؤطرة والمحددة والتي وإن حصل انفتاح فيها مؤخراً إلا أنه ما زال دون الحاجة. مثلاً نحن بحاجة للترخيص لمجلتنا "نون النسوة".
وكلنا أمل في أن يكون هذا اليوم بداية علاقات تعاون مثمر بين مختلف الجهات العاملة على قضايا المرأة حكومية وغير حكومية، جمعيات وناشطين/ات، لتكون كل جهة رافداً لنهر متدفق باستمرار، بما يخدم هدفنا المشترك وهو إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، وإعادة الاعتبار للمرأة السورية التي قدمت وما تزال تقدم، بما يصون كرامتها ويحفظ حقوقها كمواطن كامل الأهلية.

نون النسوة- عدد آذار 2005


رابطة النساء السوريات
التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon