تكاليف العنف ضد النساء والفتيات

 النساء في جميع أنحاء العالم - يوم الشريط الأبيض لعام 2001

مقدمة
بفحص التكاليف الناجمة عن ارتكاب العنف، كشفت البحوث وتقارير ورش العمل التي وردت بهذا التقرير عن درجة العنف المرتكب ضد المرأة واستمراره، وأكدت أن "العنف ضد المرأة" يشير إلى وجود عدد ضخم ومذهل من أشكال ذلك العنف، وتشير تلك التقارير والبحوث كذلك إلى ظاهرة الصمت التي تكتنف هذا الموضوع، وسبب هذا الصمت يرجع دائماً إلى وجود مشاكل اجتماعية وثقافية تواجه انتشاره، لكن هذا النوع من الصمت دائم . وتشير ليزا فيتين إلى وجود غموض لدي بعض العقول تجاه بعض المفاهيم، حيث تشير هذه الباحثة إلى عدم توافر إحصاءات لدى رجال الشرطة عن العنف العائلي الذي يرتكب في جنوب إفريقيا، وذلك لعدم وجود جريمة لديهم تسعى باسم "العنف العائلي"، وعليه فلن تتمكن الدولة من معرفة الحجم الحقيقي لهذه المشكلة إلا بكسر حواجز هذا الصمت الذي يكتنف هذه الجريمة، ولذا يظل الحديث عن العنف الذي يرتكب المرأة ومهاجمته وكسر حاجز الصمت الذي يحيط به خطوةَ أساسيةَ لمواجهة تكاليف ذلك العنف وتحديد طريقة التعامل معه.
ويشيد المشاركون في إعداد هذه البحوث والتقارير بصعوبة تحديد مقدار التكاليف المتكبدة نتيجة ارتكاب العنف ضد المرأة، وذلك في غياب سجلات طويلة الأجل تخصص لرصد هذه الظاهرة، وهنا تكمن أول خطوة في تحديد قيمة تلك الخسائر المتكبدة في معرفة المقصود بالعنف ضد المرأة. وتظهر لنا مجموعة القضايا التي ناقشتها التقارير والتي استندت إلى تجارب من الهند ونيكاراجوا، وجنوب إفريقيا، والسودان، والمملكة المتحدة، أن العنف ضد المرأة يمثل مشكلة دوليةَ، وتشهد هذه التقارير كذلك على استمرار سوء الاستغلال الجسدي، والجنسي، والنفسي للمرأة بغض النظر عن جنسيتها،و لكن هذه التقارير تشير -علي الرغم من ذلك- إلى إمكانية تغير نوع العنف ضد المرأة بشكل جذري حسب طبيعة البيئة الاجتماعية والثقافية، فيشمل: العنف العائلي، والاغتصاب،و القتل، وجرائم الشرف، وفحص العذرية، وحرق العروس، والتعقيم والعزل الإجباري، والممارسات التقليدية الضارة مثل تشويه العضو الأنثوي للمرأة (ختان الإناث)، والزواج الإجباري؛ والاعتداء والتحرش الجنسي، والتخويف الجنسي للمرأة في أماكن العمل وفي المجتمع، ...الخ. وربما يقع الكثير من أشكال هذا العنف داخل نطاق الأسرة، أو يقوم به بعض أفرادها، أو ترتكبه الضرائر أو الأقارب، ويكشف لنا تقرير رينكا كمارافل عن العنف المرتكب ضد المرأة في الهند مقدار اشتراك أو ارتكاب عائلة المرأة أو أنسبائها لهذا العنف.
وأشد ما يظهره لنا هذا البحث هو مدى صعوبة تقدير التكاليف الناجمة عن ارتكاب العنف ضد المرأة بصورة دقيقة، وصعوبة تحديد أنماط العنف التي ترتكب ضد النساء، وعدد أولئك المنجرفين في تفرعاته، بما فيهم أفراد العائلة، والعاملين بمراكز الخدمات الاجتماعية، وأجهزة الشرطة والحكومة، والمحاكم ...الخ، وهكذا تشير التقارير المطولة والمختصرة والنتائج التي توصلت إليها ورش العمل إلى أن قائمة تكاليف العنف المرتكب ضد المرأة لانهاية لها.
إن التكاليف المباشرة لهذا العنف هي تلك الأضرار البدنية والعقلية هي التي تتحملها النساء باعتبارهن أول خاسر في هذه العملية، و قد يؤدي العنف المرتكب ضد النساء في أشد حالاته تطرفاً إلى الوفاة بنسبة امرأة واحدة تتوفى كل ستة أيام في جنوب إفريقيا . ويشير البحث الذي قامت به أمنة حسن إلى مدى الضرر البالغ والدائم الذي يمكن أن تسببه الممارسات التقليدية الضارة في صحة المرأة، وثمة بحوث أخرى تشهد بوجود إصابات شخصية تنجم عن ذلك العنف، والتي تشمل الكدمات، والجروح، وكسور العظام، والإجهاض، والحروق، ومشاكل الحركة، وازدياد خطر التعرض لفيروس فقد المناعة HIV/ الإيدز .AIDS
وقام كل من بتسي ستانكو وليلى جرينان بتقديم وثائق توضح التكاليف المحتملة والتي تنشأ عن العنف المتعلق بالخدمة العامة، حيث قدرت التكاليف المالية في المملكة المتحدة وحدها بنحو بليون جنيه سنوياً شاملةً استشارات أخصائي الصحة، وتكاليف الوصفات الطبية، والتكاليف التي تتكبدها الشرطة وتتكبدها هيئات العدل الجنائي، وتكلفة دعم الخدمات الاجتماعية، وإعادة الإسكان، الحماية الأمنية، بالإضافة إلى الخسارة في معدل الإنتاج الاقتصادي، وانخفاض دخل الأسرة، وتشير هذه التقارير بوضوح إلى أن الوكالات التي تعمل في مساعدة ضحايا العنف تفتقر إلى التنسيق فيما بينها، مما يجعل تقديم أي مساعدة أو دعم لضحايا العنف عرضةَ إلى الخطر بدرجة كبيرة، بل وتوضح كذلك أن النساء يعانين بشكل روتيني ومتكرر من أثار العنف، ويظهر وجود عجز في التعامل مع هذه الظاهرة بشكل منظم، وما يحدث هو أن أولئك الذين يقدمون خدماتهم لمجابهة هذه الظاهرة يضاعفون من جهودهم فلا تكون النتيجة إلا إهدار الموارد وتعريض فاعلية خدماتهم للخطر بصورة واضحة.
وأوضح ما تشير إليه هذه الأبحاث هو تكاليف العنف على المدى البعيد والتي تتجلى في النواحي الاجتماعية والنفسية والبدينة والعاطفية والتعليمية والسياسية.
وثمة حشد من المشاكل النفسية العويصة التي تصيب النساء، والتي ربما يخلفها العنف، ومن هذه المشاكل: الاكتئاب، والقلق، ونوبات الفزع، والإصابة بالشره، أما عن الآثار الواقعة على الأطفال الذين قد عانت أمهاتهم من العنف فهي أثار عديدة وعميقة الجذور؛ فالعلاقة بين العنف ضد النساء والعنف ضد الأطفال ليست مجرد علاقة قوية فحسب، بل من المحتمل أن يعاني الأطفال كأنهم هم ضحايا العنف الأصليين، أضف إلى ذلك تكاليف العنف التي يتحملها الطفل كشاهد على العنف داخل المنزل من حيث تقدير الطفل لنفسه وثقته بها، واحتمال تعوده أو تعودها على رؤية مشاهد العنف فيصبح أمراَ طبيعياً لديه أو لديها، ومن ثم فقد يصبح الطفل ذاته من مرتكبي العنف عندما يكبر.
أما عن مستوى العنف الذي يرتكب ضد النساء فان هذا التقرير يوضح مدى استمرار وجود اختلافات في القوة بين النساء والرجال ومدى التجارب التي تغطيها مساهمات الباحثين في هذا الصدد، وهو الأمر الذي يتطلب منا عدم إغفال الظروف المختلفة لارتباط الجنس بالعنف عند النساء بفئاتهن المختلفة، مثل النساء اللاتي يعيشن في المناطق الريفية، والمجتمعات الفقيرة، ونساء المناطق المتحضرة، والبنات المراهقات، والنساء المصابات بالإيدز، والعاهرات، والمسجونات ...الخ، ويشير التقرير الذي قامت به صفية نالول عن تكلفة العنف المرتكب ضد نساء أوغندا المصابات بإعاقات إلى الأشكال المختلفة للعنف والتي يمكن أن تتعرض لها النساء ومنها: سوء التغذية الإجباري، والعزل الإجباري، والإصابة الإجبارية بالعقم. وكذلك يوضح هذا البحث الارتباط القائم بين طريقة ارتكاب العنف ضد المرأة بالمفاهيم السائدة عن المرأة المعاقة والمتمثلة في أنها مخلوق لا يستحق الاهتمام به، فعلى سبيل المثال، يمكن أن نعرف أن بوجود نساء معاقات يتعرض للعنف، لكن نظراً للطريقة العامة التي تعامل بها هؤلاء النسوة، فإن العنف الذي يرتكب ضدهن ينظر إليه على أنه شئ آخر ومختلف عن العنف الذي تتعرض له النساء غير المعاقات، ولذا يدعونا هذا التقرير ليس إلى مجرد بحث جذور العنف ضد النساء وبحث الاختلافات الجنسية القائمة بين الرجال والنساء، بل إنه يدعونا كذلك إلي دراسة ارتباط المعتقدات الثقافية والتقليدية بمفهوم العجز.
وتشير الملاحظات الفذة التي خلصت إليها رورى ماكرا من دراستها إلى تكلفة العنف ضد النساء الذي يرتكبه الرجال ضدهن وذل من منظور الرجال أنفسهم، وبالمثل يدعونا هذا البحث إلى تأمل معنى الجنس وخصوصاَ معنى الرجولة،وتكمن أهمية هذه الدراسة التي تدرس وتستجوب الرجال سريعي الغضب في أنها محاولة لفهم سبب تصرف الرجال بهذه الطريقة، وهي كذلك سبيل لإدراك معنى الرجولة. وكما أوضح كل من ماكرا وميشيل كوفمان في بحثهما، فان تشجيع الرجال الذين يتصفون بالعنف على تأمل سبب عنفهم هذا -وإننا نشجع على فهم معني كون الرجل رجلاَ- يؤدي إلى القيام بمراجعة شاملة وبحث أشمل لدور الجنس البشري من حيث الذكورة والأنوثة.
إن التوصيات المنبثقة عن هذه الأبحاث واضحة جلية، ومعالجة موضوع تكاليف العنف (ضد المرأة) يزيد الأمرَ وضوحاً، إلا أن نقص البيانات الواضحة المتعلقة بهذا الموضوع دليل على الصمت العام الذي يكتنف هذه القضية، وإن استمرار العنف ضد النساء يكشف عن استمرار عدم المساواة في الجنس،وما التردد في تناول هذه القضية على المستوى الرسمي إلا خرقاً واضحاً للالتزامات القومية للحقوق الإنسانية للمرأة، وبالرغم من الدعوى الصريحة للعديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي تدعوا فيها الدول إلي سن وتنفيذ تشريعات ضد مرتكبي العنف ضد المرأة، نجد بوضوح أن تلك الدعوة لم تجد صدا لتنفيذها بصورة مستمرة وعلى نطاق عالمي.
ولا شكَ في أن إجراء البحوث وازدياد البيانات المتاحة سيزيدان من فهم ما هو واجب عمله بغية تحسين الخدمات التي تؤدي إلى النساء اللاتي عانين من العنف، وهو ما أكده تقرير ليلى جرينان في دراسته الخاصة التي قام بها أن كل من مصالح الخدمة العامة والصحة والشرطة والإسكان، الخ قد تناول جزءا من الموضوع الكلى للمرأة لكن لا أحد قد تفهم تماما وضعها ولا حاجاتها والمساعدة الفعلية التي كانت تتلقاها، ولذا فان الحصول على البيانات الخاصة بتكاليف العنف ومتابعة تقديم الخدمات ضرورة لتقييم تلك التكاليف ولتحسين قدرة من يقدمون تلك الخدمات لفهم الاحتياجات المطلوب توفيرها، بل انه سيكون باكورة أساسية لتطوير أكثر تركيزاً تكاملاً وتنسيقاً لتقديم الخدمات.
وبالحصول على بيانات أكثر وفهم أكثر تطور الآثار وتكاليف العنف ضد النساء سيجعل مهمة القيام برفع المستوى الوعي بصورة اكبر واكثر تركيزاً أمراً يسيراً، حيث يحتاج العاملون في مكاتب الخدمة وهيئات الشرطة والأنظمة القانونية إلى استمرارية تلقى التدريب على قضايا خاصة معنية عند التعامل مع العنف ضد النساء، بل يجب أن تكون المناهج الدراسية أكثر حساسية في التعامل مع موضوع الجنس والإعاقة. وكذلك بجب دمج مفهوم العنف وأسبابه في مناهج المدارس القومية، وهو ما سيعود على الحكومة بالفائدة من التحاليل باستخدام " عدسة رصد العنف".
ولا يمكن اعتبار تصنيف العنف ضد النساء على أنه مار يخص النساء وحدهن، لأن مواجهته تتطلب تكاتف جهود المسئولين والرجال خاصة والمجتمع ككل بصفة عامة وبدون هذا التكاتف لن نجنى إلا استمراراً لهذا العنف مع اخذ هذه البحوث الواردة في التقرير بعين الاعتبار، والتي تهتم بمعالجة قضايا أكثر شمولية تتعلق بطبيعة التفاوت أو عدم المساواة في الجنس البشرى والعلاقات المرتبطة بالقوة بين الرجل المرأة، بين القادر والمعاق، وبين المجتمعات القوية اقتصادياً ولتك المعدمة اقتصادياً.

التكاليف التي تكبدتها حكومة جنوب إفريقيا من جراء ارتكاب العنف ضد النساء/ تقرير ليزا فيتن
(ليزا فيتن هي منسقة الجنس في مركز دراسة العنف والصلح مدينة جوها نيسبرج، بجنوب إفريقيا).
إن العنف ضد النساء واسع الانتشار في جنوب إفريقيا كما تشير إلى ذلك الإحصاءات الآتية:-
ما بين 67% (حسب دارسة موات Mowatt عام 1986، والمستشهد بها في ساذر لاند عام 1994) ونسبة 76% (حسب تقرير معهد المديرين عام 1992) وذلك من نساء جنوب إفريقيا قد تعرض إلى التحرش الجنسي في أماكن العمل.
تم إبلاغ شرطة جنوب إفريقيا عن وقوع 51249 حالة اغتصاب في عام 1999 .
إننا على علم بأن كثيراً ممن اغتصبن من النساء لا يبلغن عن حوادث الاغتصاب التي يتعرضون لها، ونتيجة لذلك فإن العدد الحقيقي لجرائم الاغتصاب التي تقع في جنوب إفريقيا يفوق تلك الأعداد المعلن عنها بكثير. ولقد وجدت هيئة الإحصاءات بجنوب إفريقيا في دراستها لضحايا إحصاء الجرائم أن نصف من اعترفن بتعرضهن للاغتصاب تقريباً من النساء أبلغن الشرطة عن هذا الحادث (وفق دراسة هرشوفتس، ووركو وأوركن، عام 2000) بينما وجد مجلس البحث الطبي في تقريره عن العنف ضد نساء ثلاثة أقاليم فقط أن ربع عدد النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب -وذلك في العام السابق للدراسة مباشرة -قد ابلغن الشرطة عن ذلك (دارسة جوكيز بن كيكانا، ليفن، راتسكا وشرابير، عام 1999).
إن إحصاءات الشرطة عن حوادث العنف العائلي غير متاحة، وذلك لعدم وجود جرائم تسمى بهذا الاسم لديهم إلا أن الدراسات والإحصاءات الحديثة قد أمدتنا بالبيانات التالية:-
أجريت دراسة لثلاثة أقاليم من أقاليم المجتمع، وجدت هذه الدراسة أن 26.8% من النساء في القطاع الشرقي، و28.4% من نساء مبمالانجا، و19.1% من النساء في الإقليم الشمالي قد تعرضن للاستغلال الجنسي من قبل رفقائهم القدامى منهم أو الحاليين (دراسة جوكيز، بن-كيكانا ليفن، راتسكا وسكربيز،1999) .و قامت نفس الدراسة ببحث موضوع سواء سوء الاستغلال العاطفي والمالي الذي تتعرض له النساء، وذلك في العام السابق للدراسة مباشرةً فكانت النسبة كما يلي 51.4% من النساء في القطاع الشرقي، و50% في مبمالانجا، و39.6% في الإقليم الشمالي يتعرض لهاتين الجريمتين.
أجريت دراسة أخرى علي 83 امرأة من القطاع الغربي، فوجدت أن 2% من هؤلاء النساء قد تعرض للاغتصاب من قبل الأزواج، بينما تعرضت نسبة 12% أخرى منهن للاغتصاب على أيدي رفاقهم (حسب دراسة ماكو ناتشي، أنجليس وفان زايل، عام1994) .وأما عن الإحصاءات الوطنية التي قدمها المركز القومي لإدارة المعلومات عن الجريمة والتابع لإدارة شرطة جنوب إفريقيا، فقد أشار إلى أن نسبة 1% تقريباً من حالات الاغتصاب المبلغ عنها خلال عامي 1996 و1997 ارتكبها الأزواج تجاه زوجات (حسب دراسة كوتلر، عام 1998).
وآخيراً ما أسفرت عنه دراسة قام بها ابراهامز وجوكيز ولوبشر عام 1999 أجريت علي 1.394 رجل يعملون في ثلاث بلديات تابعة لمدينة كيب، اعترف 44% منهم تقريباً بالاستغلال الجنسي لرفاقهم النساء.
قد يؤدي العنف العائلي- في أشد حالاته-إلي الوفاة سواء في حالة المرأة التي تثأر لنفسها فتقتل من ظلمها،أو في حالة الظالم الذي يقتل رفيقه. ولقد أظهر البحث الذي يغطى الفترة من عام 1993 إلى عام 1994 لمدينة جوتينج، أن امرأة واحدة على الأقل يقتلها رفيقها الرجل (دارسة فيتين، عام 1995) أما عن البحث الحالي الذي يقوم به فيتن ونجوان فيذكر أن درجة خطر القتل الذي يرتكبه الرفيق الحميم اكبر بالنسبة للنساء عنه للرجال، ويغطى هذا البحث ثلاثة محاكم بمدينة جوتينج :محكمة قسم ويتواتر سراند المحلية، ومحكمة ترانسفال الإقليمية، ومحكمة مقاطعة ترانسغال، والفترة التي يغطيها هذا البحث ما بين عام 1994 إلى عام 1998 والذي أظهر أن في مقابل كل امرأة واحدة قتلت رفيقها الرجل، يوجد أربعة رجال قتلوا رفيقاتهم، وأظهرت الدارسة كذلك أن أكثر من نصف عدد الرفيقات النساء ُيقْتلن في خضم الظروف التي كان يتم استغلالهم جنسياً فيها، أما الوضع مع الرجال الذين يرتكبون هذه الجريمة فعلى خلاف ذلك، لكنهم –على الأقل – يشكلون ثلث من عرف بتاريخ استغلال رفيقته المرأة قبل أن يقتلها في نهاية الأمر.
لكن الإحصاءات عجزت عن تقدير تأثير العنف ونتائجه على مجموعات النساء وعائلاتهم، ومجتمعاتهم والدولة، فماذا يمكن، ن تكون بعض من تكاليف هذا العنف ونتائجه على حكومة جنوب إفريقيا؟
ولكي نفهم ما تمثله هذه التكاليف، فإننا بحاجة إلى التعرف على استخدامات النساء للخدمات التي تقدمها الدولة، ولكن علي الر غم من قلة البحوث في هذا الشأن، فان الدارسة التي أجريت عام 1999 على 269 امرأة، وجدت أن ا لموارد التي تفضلها النساء أكثر من غيرها عند حاجتها إلى المساعدة هي ثلاثة: العائلة، والأصدقاء، وأهل الطب، وكان 39% من هؤلاء النساء قد طلبن الغوث، وذلك لتعرضهن للاستغلال من قبل موظفي الصحة؛ بينما أبلغ 30% منهن عن ذلك الحادث إلى مراكز الشرطة، ولجأ حوالي 13% منهن إلى القضاء، بينما اتجه أكثر من 40% نحو الأسرة والأصدقاء طالبين العون.(دراسة بولين، ارتز، فيتين ولوو– 1999)، وعليه فإن العائلة والأصدقاء -وليست الحكومة -هم الذين قد يتحملون حجم الخسائر الناجمة عن ارتكاب العنف ضد النساء.
وحتى الآن لم يتم القيام بعمل حسابيًا شاملاً للتكاليف التي تتكبدها دولة جنوب إفريقيا من جراء العنف ضد النساء، لكن ثمة دراسة أجريت في عام 1997 تقول بإنفاق حوالي 29 مليون راند فقط في معالجة النساء اللاتي تعرض لأذى على يد رفاقهم.
وإليك النتائج التي كشفها البحث الذي قامت به وحدة الجنس التابعة لـمنظمة (CSVR) والتي تكبدتها حكومة جنوب إفريقيا في مواجهة العنف ضد النساء:
في السنة المالية 2000، ساهمت الحكومة بـ 392722 11 راند في عمل حوالي 196 منظمة حول جنوب إفريقيا تعمل في مساعدة النساء اللاتي يتعرضن للعنف الناجم عن الاختلاف في الجنس. (معدل العائد 72% حسب البيانات الواردة في الدارسة).
وكذلك فإن تعويض الضحايا هو موضوع قيد البحث في جنوب إفريقيا، فباعتبار التكاليف الضخمة التي تستلزمها هذه الخطة، فقد خرتجت توصية بمنح أصناف معينة من ضحايا جرائم العنف إحدى مزايا أولئك اللاتي نجون من الاغتصاب؛ وتم اقتراح منح مبلغ 2000 راند للناجيات من الاغتصاب، وهو مبلغ يساوى تكلفة توفير مضادات الفيروسات.
وحتى الآن، قد تم إنفاق مبلغ 30.000 راند في تطوير سياسة قومية لمنع حدوث اغتصاب في جنوب إفريقيا.
وأنفقت وزارة العدل 500.000 راند لتنفيذ قانون العنف العائلي، وقد تم إنفاق أموال إضافية على برامج التدريب وإنشاء المرافق المتخصصة، وعلى قدر علمنا يمكن أن نقول بأن تمويل هذه المشاريع اقتصر على المانحين الأجانب وليس علي حكومة جنوب إفريقيا، أما بالنسبة لما تنفقه حكومة جنوب إفريقيا من أموال، فإنها مازالت غير كافية وكما ذكرنا آنفاً فإن النتيجة تكون هو تحمل النساء وعائلاتهن لحجم خسائر ونتائج هذا العنف.
ومازال فيروس مرض نقص المناعة HIVيمثل وبصورة متزايدة تكلفة أخرى يتعين على النساء أن يتحملنها، واليك الطرق الأربع – على الأقل- التي يمكن أن يتداخل فيها فيروس مرض نقص المناعة HIV مع العنف في حياة النساء:
قد يزيد الاغتصاب من درجة تعرض النساء والفتيات للإصابة ب HIV، نعم لا يحدث الاغتصاب غالبا عند استخدام الواقي الذكري، ولكن الطبيعة العنيفة للاغتصاب تثمل درجة عالية من خطورة الإصابة الجنسية والتعرض للنزيف، أي زيادة خطر انتقال HIV، في حين أنه في حالات الاغتصاب الجماعي، قد يؤدي التعرض لجماعة من المغتصبين إلى خطر انتقال الفيروس.
قد تحد العلاقات الاستغلالية السيئة (والتي تشمل أشكال أخرى من الاستغلال بالإضافة إلى الاستغلال الجسدي) من قدرة النساء على مناقشة موضوع الممارسة الجنسية بصورة أكثر أمناَ.
قد تشارك النساء اللاتي تعرضن إلى الاستغلال الجنسي أثناء طفولتهن في سلوكيات جنسية أشد خطراً كمراهقين أو بالغين، وهو ما يزيد من خطورة الإصابة بفيروس مرض نقص المناعة.
يمكن أن تتعرض النساء اللاتي يقمن بعمل استشارات وفحوص خاصة بHIV إلى خطر التعرض لعنف رفيقها إذا كشفت له عن حالتها الصحية مع هذا الفيروس.
وعلى الرغم من ذلك، فإن السياسة الحالية للحكومة جنوب إفريقيا لا تتجه نحو توفير العلاجات المقاومة للفيروسات للناجين من الاغتصاب، وذلك لمنع الإصابة بفيروس الإيدز بعد الاغتصاب، ولا تتجه سياستها كذلك إلى توفير مثل هذه العلاجات بصورة عامة إلى حاملي HIV ومرض الإيدز.

الخاتمة
يتعين على الحكومة أن تنفق أكثر على المدى القصي لتحقيق هدفاً طويل الأجل ألا وهو تقليل العنف ضد النساء بدرجة كبيرة، وكذلك يتعين عليها أن تزيد من الإنفاق لضمان تمتع الكثير من النساء المهمشات في جنوب إفريقيا بالعدل والخدمات الأخرى، وهو ما يستوجب النظر بعين الاعتبار إلى حاجات المعاقين من النساء، والنساء اللاتي يعشن في مجتمعات فقيرة، والمراهقات، والمصابات بمرض الإيدز،والعاهرات، السجينات.

المراجع
- أبراهامز, إن ., جوكيز, آر . ولوبشر, آر . ( 1999 ) . "لا أؤمن بالدّيمقراطيّة في المنزل" علاقات الرّجال مع النساء وسوء استغلالهم لهن . تيجيربيرج: سيرسا CERSA ( صحّة النّساء ) مجلس البحث الطّبّيّ .
- بولين, سندرا, أرتز, ليليان, فيتين, ليزا ولوو, أنطوانيت ( 1999 ) . العنف ضدّ النّساء في جنوب أفريقيا الحضريّة: الدّراسة على التّأثير وتسليم الخدمة . مؤسسّة الدراسات الأمنية, سلسلة مفصّلة رقم 41, سبتمبر 1999.
- هيرسكاويتز, روس, وركو, سيبل وأوركين, مارك . (2000). نتائج البحث الكمّيّة على الاغتصاب في جنوب أفريقيا . بريتوريا: إحصاءات جنوب أفريقيا.
- معهد المديرين ( 1992 ) . التّحرّش الجنسيّ في مقرّ العمل . الكتيّب الذي طبعه معهد المديرين, معهد إدارة الموظّفين, مركز يونيساUNISA لدراسات النّساء, مكتب النّساء لجنوب أفريقيا ودوريّ نساء إيه إن سي .
- جوكيز, راشيل, بين-كيكانا, لوفيداي, ليفين, جوناثان, راتساكا, ماتسي وسكريبر, مارجريت ( 1999 ) . على زوجى ان ينفق على ولا يضربنى, العنف ضدّ النّساء في ثلاثة أقاليم بجنوب أفريقيّا . بريتوريا: سيرسا ( صحّة النّساء ) CERSA مجلس البحث الطّبّيّ .
- كوتلر, شارون ( 1998 ) . تعريفات الزّوجات الشّخصيّة ومواقف نحو أغتصاب الزّوجة . رسالة السّيّد الغير منشور, جامعة جنوب أفريقيا .
- ماكوناتشي, إم ., أنجليس ت. وفان زايل, إم . ( 1993 ) . النّساء المعتدى عليهم اللاتي يطلبن الحلول: دراسة النّساء اللاتي قد لجأن في مأوًى أزمة الاغتصاب في كيب تاون . بريتوريا: مجلس بحث العلوم الإنسانيّة .
- موتسيي, ماتشيلو . (1993). كشف النقاب عن ضرب النساء في مراكز الرّعاية الصّحّيّة :نموذج حالة عيادة ألكساندرا الصحّية . صفحة رقم 30, مشروع صحّة النّساء, مركز سياسة الصّحّة لجامعة لويتواتيرسراند .
- مراكز شرطة جنوب أفريقيّا ( 1997 ) . وقائع الجرائم الخطرة من شهر يناير إلى ديسمبر 1996 . تقرير ربع سنويّ رقم 1 / 97, مركزادارة معلومات الجريمة.
- ساذرلاند, سي . ( 1994 ) . الوقاية أفضل من العلاج في إس . جاجوانث, ب.ج. سكويكأرد ومنحة بي . ( إي دي إس )النساء والقانون . بريتوريا: HSRC .
- فيتين, ليزا ( 1995 ) .الرجل الذي يضرب زوجته بالرصاص" كتاب أصدره أولئك المعارضون لاستغلال النساء, جوهانيسبرج .

تكلفة العنف الواقعة على النساء المعاقات في أوغندا وإفريقيا/ تقرير صفية نالول
(صفية نالول هي مديرة منظمة الموارد، وشبكة النساء المعاقات، بكمبالا، أوغندا).

مقدمة
إن العنف ضد النساء المعاقات له جذوره المتأصلة والبارزة في عدم المساواة في الجنس، والمعتقدات الثقافية والتقليدية عن مفهوم الإعاقات، وإن الجهل المحيط بأسباب بعض الإعاقات، واعتبار ذوي الإعاقات أدنى من الإنسان العادي الطبيعي، بالإضافة إلي قلة الموارد اللازمة لمواجهة الإعاقة، وتلبية الحاجات المتعلقة بالجنس وجهل عمليات التطوير القومية والإقليمية والعالمية المهتمة بالإعاقة والحاجات المتعلقة بالجنس، كل ذلك يساهم في ارتكاب العنف ضد النساء المعاقات.
إن العنف ضد النساء المعاقات يشبه العنف الذي يواجه المرأة عموماً، ويزداد تعقيداً بوجود مشاكل الإعاقة، ويشمل على سبيل المثال لا الحصر :العنف الجنسي، والنفسي، والجسدي شاملاً الاغتصاب والاعتداء والتحرش الجنسي والتخويف في البيت ومقر العمل والمؤسسات التعليمية ومؤسسات الصحة والهيئات القانونية.
ولا يجب تقييم العنف الذي تتعرض له النساء من الناحية الاقتصادية فقط، بل إن له أثاراً ودلائلَ اجتماعية ونفسية وجسدية وعاطفية وتعليمية؛ وعلاوة على ذلك فإن أثاره لا تقتصر على النساء المعاقات فحسب، بل تشمل أطفالهن، وعائلاتهن ومجتمعاتهن وحكوماتهن الوطنية ومؤسسات التنمية الدولية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن العنف ضد النساء المعاقات- كما هو الحال مع بقية النساء -ُينظر إليه باعتباره أمراً خاصاً لا يتعلق بالمصلحة العامة.
وإنني في هذا البحث سأركز بصورة أساسية على الأشكال الرئيسية التي يتخذها العنف ضد النساء المعاقات من حيث مكان وطريقة وقوعه، وتكاليف هذا العنف، ومن الذي يتحملها، ولكني لن أتمكن من بتقدير دقيق للتكاليف الاقتصادية الناجمة عن العنف ضد النساء المعاقات في أوغندا ؛وذلك لعدم توافر البحوث الكافية عن الإعاقة وغياب التحليل الدقيق للميزانيات المخصصة لمواجهة الإعاقات، ولذا يظل غياب رصد ميزانيات للمعاقين يشغل اهتماماً كبيراً لدي العديد من الساسة المعاقين في أوغندا.

العنف في الأسرة
عادة ما تكون الأسرة مرتبطة بالدفء والأمن والأمان، بل ويٌنظر إليها على أنها محط السلام والوئام، ولكن على الرغم من ذلك، فإن أكثر أنواع العنف شيوعاً ضد النساء هو العنف العائلي، والذي يطلق علي اسم العنف ضد النساء في الأسرة.
ويتخذ العنف في الأسرة أشكالاً وأبعاداً مختلفة، فمنذ ميلادهن نرى أن الإناث مستهدفات لممارسات عنيفة تميز بينهن وبين الذكور من إجهاض النساء ووأد البنات، وذلك هو ما يحدث في الثقافات التي تفضل البنين على البنات، ينطبق نفس الشئ على الأسر التي تفضل الطفل السليم على الطفل المعاق.
ومن الأشكال التي تتعرض لها الفتيات المعاقات، نجد أنهن يتعرضن أثناء طفولتهن لسوء تغذية إجباري، عدم المساواة في الحصول على خدمات الرعاية الطبية (فعلى سبيل المثال نجد أن الطفل الأعمى قد لا يؤخذ لتلقى التطعيم ضد مرض الشلل)، الحرمان من فرص التعليم النظامى وغير النظامي، والحرمان من حرية اتخاذ القرارات الخاصة بهن، العزل الإجباري، السفاح، التقرب بالأطفال المعاقين إرضاءاَ للأرواح، الختان، إصابة النساء المعاقات بالعقم الإجباري خصوصاً المصابات بأمراض ذهنية فٌيحرمن من الحمل والزواج المبكر، بالإضافة إلى تعرضهن لممارسات تقليدية أخرى ضارة.
أما عند تصل النساء المعاقات إلي مرحلة، فإنهن يتعرض من حين لأخر لضرب قاس وعنف نفسي (مثل أن يتم تذكيرهم دوماً بأنهن لا يصلحن أن يكن رفيقات من الناحية الجنسية أو زوجات) وهذا العنف ٌيرتكب من قبل رفيقهن الحميم أومن قبل ضرائرهن أو أقاربهن، بالإضافة إلي تعرضهن للاغتصاب الزوجي، والقتل المنزلي، والحرمان من تقديمهن الرعاية لأطفالهن، وكذلك تعرضهن لممارسات تقليدية عنيفة مثل تزويجهم قسراً قبل السن المعتاد للزواج أو إعطائهم منحة وذلك لتمهيد زواج أخواتهن الصغيرات، وغالباً ما ٌتترك النساء المعاقات وٌيهجرن فيتعين عليهن أن ٌيصَارعن الحياة كأسرة مستقلة.
وعلي الرغم من تحرير المرأة، فإن نصيب النساء المعاقات قليل من ثمار هذا التحرير، بل ومازال العنف العائلي عقبة وحجر عثرة في طريق تحسين وتطوير حقوقهن الإنسانية.

الممارسات التقليدية والمعتادة
تعكس الممارسات التقليدية والمعتادة القيم والمعتقدات التي يعتنقها أفراد المجتمع، ورغم حماية وتعزيز بعض الممارسات والتقاليد لحقوق النساء، نجد بعض الممارسات الأخرى وخصوصاً تلك الممارسات المرتبطة بعدم المساواة المتأصلة الجذور فيما يتعلق بتفاوت في القوة بين الجنسين والتي تؤدي إلى ارتكاب العنف ضد النساء والفتيات.
ومن بين تلك الممارسات تشويه العضو التناسلي لدى المرأة، عنف المهر، الزيجات المبكرة والحمل أثناء الطفولة، حرق العروس والأرملة أو الممارسات الأخرى للأرامل،و جرائم الشرف واختبار العذرية كل ذلك يؤثر على صحة النساء والفتيات، وفي أسوأ حالاته قد يؤدى هذا العنف إلى الوفاة.
وإن هذه الممارسات الضارة والتقليدية هي بمثابة انتهاكات لحقوق الإنسان، وإن العديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان مثل إعلان القضاء علي العنف ضد النساء، اتفاقية حقوق الطفل، وإعلان بكين وبرنامج التنفيذ كلها تدعوا الدول إلى الامتناع عن التذرع بأي عادة أو تقليد أو اعتبار ديني تملصاً من التزامهم بالقضاء على ميع أشكال العنف ضد النساء، أما عن إعلان بكين وخطة التنفيذ فانهما يطالبان الحكومة بأن تشرع وتنفذ قوانين ضد مرتكبي أعمال العنف ضد النساء مثل تشويه العضو التناسلي للمرأة، وأد البنات، اختيار الجنس قبل الولادة، والعنف المرتبط بالمهر ويطالبان كذلك بإعطاء دعم قوى لجهود المنظمات غير الحكومية وجهود هيئات المجتمع بغية التخلص من تلك الممارسات؛ بل وتوجه الدعوات إلى الحكومات لاتخاذ الإجراءات الملائمة، وخصوصا في مجال التعليم لتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوكيات الرجال والنساء وللقضاء علي الانحياز والممارسات المعتادة والقائمة على فكرة الدونية أو تفوق جنس على جنس أخر وعلى الأدوار النمطية لأي من الجنسين.
ولكن يظن الكثيرون أن النساء المعاقات لا يستفدن من هذه التشريعات، وما يجعل كل هذه التطورات لا تصل إلى قضايا النساء بفاعلية هو نقص البيانات والبرامج البحثية التي تستهدف هؤلاء النساء.

تفضيل الابن
في مجتمعات عديدة كما في أوغندا، للابن قيمة أكبر من قيمة الابنة، حتى لو كان الأبناء ذوي إعاقات، وغالباً ما تتأثر النساء المعاقات بذلك طول فترة حياتهن: بداية من أقصى أشكال العنف تطرفاً وهو الوأد عقب الولادة، ووصولاً إلى إهمال الفتيات وكذلك نجد أن مسئولية الكبرى من العمل المنزلي تكون من نصيب الفتيات، بل وثمة تفرقة في التغذية قائمة على حسب الجنس كذلك، وعدم المساواة في تلقى الرعاية الصحية، فكانت النتيجة هو قصر عمر الفتيات والنساء المعاقات في العديد من البلدان بما فيهم أوغندا، بل إن البرامج مثل البرنامج المبكرة للأطفال وبرنامج التطوير لم تشمل الأطفال ذوى الإعاقات أو الأطفال ذوي الآباء المعاقين.
وكذلك يتأثر تعليم الفتيات المعاقات بتفضيل الابن فقد أظهر بحث قامت به منظمة دونرو (DWNRO) تبحث فيه الوضع التعليمي للأطفال المعاقين فوجدت أن معدلات التسجيل والتذكر لدى الفتيات المعاقات أقل منه لدى البنين المعاقين، وأن نفس هذه المستويات أقل بكثير عند الأطفال المعاقين عنه لدى غير المعاقين.
وبالإضافة إلى مواقف الآباء السلبية في تعليم الأطفال المعاقين فإن البني التحتية المتخصصة والمواد الدراسية والمدرسون المتخصصون في التدريس للصم أو العمى من الأطفال والأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم أو الأطفال المعاقين، مازال النقص في كل ذلك واضحاً ومسيطراً.

الحق في الزواج وتأسيس أسرة
ينتهك حق معظم النساء المعاقات في الزواج وتأسيس أسرة – وهو حق نص عليه دستور أوغندا عام 1999 -وغالباً ما يقوم الرجال بالتردد على هؤلاء النساء ليلاً يعلوهم الخجل خشية أن يراهم أحد كممارسين للجنس مع نساء معاقات، وقد تنتج هذه العلاقات أطفالا، إلا إنهم ينكرون أبوتهم ولا يعتنون بأطفالهم.
تواجه النساء المعاقات غضب أقاربهن الذين يعتقدون عدم كفاءتهن كزوجات المستقبل لأبنائهم، فعندما تعجز المرأة المعاقة عن أداء الأدوار النمطية المرتبطة ببني جنسها والمتوقعة من النساء الإفريقيات، مثل حمل الأطفال والعناية بهم، يخبرها المجتمع بعدم أهليتها كزوجة نموذجية ولذلك فإنهن غالباً ما يعشن حياة عزوبية ويعتنين بأطفال الغير.
وأما عن قانون العلاقات الأسرية والذي عرض على البرلمان، يستبعد وجود مخاوف للنساء المعاقات داخل العلاقات الأسرية.

انتهاك حق الحصول على الموارد الإنتاجية وتملكها
غالباً ما ينتهك حق النساء المعاقات في الحصول على الموارد الإنتاجية وتملكها، فنرى أن الإنسان له الحق في الحصول على الموارد الإنتاجية والتحكم فيها عن طريق الميراث أو الشراء أو وقف من زوج، لكن نظراً لاعتبار النساء المعاقات على أنهن غير منتجات، فإنهن ٌحرمن من الميراث والتملك، ونظراً لأن غالبية هؤلاء النساء لا يعملن "غير موظفات" وليس لديهن وسيلة دخل، فإنهن يعجزن عن شراء الممتلكات. وغالباً ما تكون المرأة المعاقة زوجة ثانية أو زوجة غير شرعية، فلا تنال إلا مجرد التعايش مع الرجل، وعقب وفاته لا يجيز لهن القانون الحق في الإرث منه بل ٌيحرم أطفال الأمهات المعاقات الحق في ميراث أبيهم كذلك.

العنف في المجتمع
يعتبر المجتمع، كبيئة اجتماعية، محلاً للاستمتاع بالتفاعل خارج نطاق الأسرة وليس تحت سيطرة الدولة بصورة كلية، إنه محلاً للحضانة والرعاية، فيه تجد النساء العون الاجتماعي والتضامن والقوة في أوقات الأزمات.
ولكن النساء المعاقات يتعرض للتمييز من جانب المجتمع، ففي أوغندا على سبيل المثال، تحرم النساء المعاقات من حق العضوية في جماعات اجتماعية غير رسمية مثل جماعة منومكا بيس (MANOMUKABIS) وهي الجماعات التي تقدم الخدمات والعون الاجتماعي في أوقات الشدة عند فقدان أحد الأقرباء أو عند الاستعداد للزواج، بل إن النساء المعاقات يستبعدن من الجماعات الأخرى مثل اتحاد الأمهات وهو الإتحاد الذي يجمع شمل مجموعة من النساء البروتستانت اللاتي تزوجن في الكنيسة، لأن النساء المعاقات لا يتزوجن عموماً في الكنيسة .
وبالإضافة إلى ذلك ٌتحرم النساء المعاقات من حضور الأحداث الطائفية الاجتماعية وأماكن الترفيه نظرا‌ً لعدم قدرتهن على الوصول إلى تلك الأماكن، أو غياب قائدهن أو غياب مترجم للغة الإشارة أو جليسات الأطفال، أو قلة المال لدفع تذكرة نقل مزدوجة: مرة لها ذاتها ومرة لجهازها الذي تستعمله ككرسي العجلة مثلاً .
وبالنسبة للنساء المعاقات فإن تكلفة هذا التمييز هي العزلة وفقدان الشعور بالانتماء والشعور بالنبذ الاجتماعي داخل مجتمعاتهن.

الاغتصاب والأشكال الأخرى للعنف الجنسي
إن النساء هن ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي حيثما كن أو مهما كانت طبيعة ثقافتهن أو طبقتهن الاجتماعية، وعلي الرغم من احتمال ارتكاب جريمة الاغتصاب أو العنف الجنسي على يد غرباء تشير الأدلة المستمدة من مصادر عديدة إلى أن نسبة كبيرة من مرتكبي هذه الجرائم هم معارف أو أصدقاء وأقارب ومن هم في مواضع القوة والثقة.
إن النساء هن أكثر عرضة للاغتصاب، لأنهن أضعف بدنياً في مواجهة المغتصب فنجد أن الفتاة العمياء لا ترى إن كان ثمة شخص يخلع ملابسه أم لا، والصماء لا يمكنها إصدار نوع من أنواع الإنذار بخطر، وكذا المعاقة ذهنياً حيث تقف عاجزة عن التفكير فيما يوشك أن يقع؛ لأن المعاق قد يكون من الضعف بمكان بحيث أنه عن المقاومة.
وغالباً ما يكون رد فعل النساء المعاقات تجاه الاغتصاب والعنف الجنسي هو الصمت الذي يقوى غالباً بشعور النساء بالذنب أو عدم الثقة في السلطات العامة أو جهلهن بحقوقهن والإجراءات القضائية التي يمكنهن اتخاذها، وما قيمة التشريع الذي يهمل الإعاقة (أحيانا يطلق اسم البلهاء على المعاقين) إلا في جعل شكوى النساء المعاقات من الاغتصاب عسيرة جداً فنجد أن غالبية النساء المغتصبات ٌينصحن بالسكوت فيقال لهن: " انك لمحظوظة1 من ذا الذي كان يمكن أن يمارس الجنس معك؟" .وأخيرا فإن عبء إثبات الدليل علي وقوع جريمة الاغتصاب أمر عسير جداً على المرأة العمياء أو الصماء أو المعاقة خصوصاً ذهنياً. ان فكرة الرضا وكيف تنطبق على النساء المعاقات خصوصاً النساء المعاقات ذهنياً واللواتي لديهن عيوب وقصور في وظائف بعض الحواس وبالتالي يكون لديهن مشاكل في الاتصال مع الغير لم تجد تعريفاً مقبولاً حتى الآن في القانون.
تعرف القوانين الوطنية الاغتصاب على انه اتصال جنسي مع امرأة بدون رضاها وبدون رغبتها . ويعرف الاتصال الجنسي في العديد من الدول على أنه اختراق قضيب الرجل لمهبل المرأة . أما الأفعال الجنسية الإجبارية مثل الجماع الشرجي أو الجنسي الفم أو اختراق المرأة بأجزاء أخرى من الجسم أو بأشياء أخرى فهي أفعال تستثنى – للسبب السابق – من تعريف الاغتصاب.
أضف إلى ذلك عدم تجهيز المحاكم بصور مقبولة للنساء المعاقات، فنجد مشاكل بعد المسافة عن المحاكم، ونقص في المحامين والأطباء والحاجة إلى مترجمين للغة الإشارة، وقائد سير يهديهن الطريق، جليسات أطفال وكلها تمثل عوائق بالنسبة للنساء المعاقات.

العنف في مقر العمل
ولما كان التحرش الجنسي موضوعاً محرماً محظوراً فقد نبع من الأماكن الداخلية، ورغم إمكانية حدوثه في الشارع إلا إنه يكون أشد خطراً عند وقوعه في أماكن العمل أو في المؤسسات التعليمية.
يوفر التحرش الجنسي وسيلة سيطرة وتخويف لكل من يستخدمها من الاحتفاظ بالنساء في وضع المرؤوس، حيث ينظر إليهن على أنهن بسبب السن، المظهر الجسدي، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي أو الوضع المهني، يكن أكثر عرضة للتحرش الجنسي أو تؤدى بهن العوامل السابقة إلى التعرض إلى التحرش الجنسي، بالرغم من قوانين التميز الجنسي، فإن الاحتفاظ بالنساء في أدوار تقليدية في أماكن عملهن يؤدي إلي استمرار ظاهرة العنف، ونظراً لأن معظم النساء المعاقات يشغلن وظائف منخفضة المستوى، فإنهن هم من أول من يتأثر بالسياسات الاقتصادية التي تطبقها الدولة مثل سياسة التقشف، فإن أردن تجنب هذه الأشياء فعليهن الالتزام بالطاعة المطلقة لرؤسائهن أو القيام بممارسة الجنس معهم.
وفي أوغندا قامت بعض المؤسسات مثل المخابز بتوظيف نساء معاقات سعياً للحصول علي الإعفاء الضريبي، ولكنهم في نهاية المطاف قام رؤساء هذه المؤسسات بإيذائهن، و ذلك على عكس الموظفين غير المعاقين.
ومازالت مطالبة معظم النساء المعاقات بحقوقهن في العمل عسيرة، وذلك نظراً لغياب القوانين والسياسات الوقائية، والجهل بنصوص القوانين الموجودة، وتذكيرهن بأنهن استخدمن في العمل من قبيل العطف والمنة.
ويتفاقم الأمر خطورة ويزداد تعقيداً عند ذهاب النساء المعاقات لتغيير الأجهزة التي يعتمدن عليها في الحركة، وعبء الذهاب إلى عيادات ما قبل الولادة وما بعد الولادة أو الذهاب للحصول على إجازة وضع، إنهن ٌينظر إليهن باعتبارهن لا يقمن بعمل أي شيء، ويتمادى الموظفون في سؤالهن عن سبب إنجابهن لأطفال.

عنف الدولة ضد النساء
يعد العنف ضد النساء المعاقات الذي يرتكبه المسئولون عن تطبيق القانون أو رجال الأمن أو الموظفون العسكريون انتهاكاً خطيراً للحقوق للإنسانية للمرأة، ولكن حتى الآن مازالت قصة المرأة والعنف الذي ترتكبه الدولة في حقها حكاية يغلفها الصمت بدافع من الخوف والخجل .
إن النساء لا يتعرض من قبل الدولة إلى أشكال من العنف لا تميز بين أجناس البشر فحسب، بل إنهن يتعرضن إلى أشكال خاصة من العنف ٌترتكب من قبل مسئولي الدولة مثل الاغتصاب، الاعتداء والتحرش الجنسي، والتلقيح الإجباري، واختبار العذرية، والإجهاض الإجباري، والدعارة الإجبارية وإسقاط الحمل الإجباري . وقد لاحظ المقرر الخاص بالأمم المتحدة عن حوادث التعذيب في تقريره عام 1995، أن نسبة 85% من النساء قيد الاحتجاز تعرضن إلى بعض أشكال الاعتداء الجنسي مثل الاغتصاب، علماً بأن أكثر الناس عرضة لهذا النوع من العنف هن النساء المعاقات.

إنكار حق الحصول على المعلومات والاستفادة منها
تحرم النساء المعاقات من حق الحصول على المعلومات، فنجد، ن ضعيفات البصر لا يتمكن من رؤية المواد المكتوبة بطريقة برا يل أو المواد المطبوعة بخط كبير ويتم استبعادهن من استخدام التقنيات المتقدمة التي توفرها شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وكذا نجد أن المعاق سمعياً يحتاج إلي خدمات تفسير لغة الإشارة، في حين نجد أن المعاق بدنياً غالبا ما يكونً محروماً من الوصول إلى الأماكن العامة. أما عن النساء المعاقات، وخصوصاً في المناطق الريفية فإنهن بحاجة أحيانا إلى نقود لدفع أجرة الانتقال من مكان إلى أخر بحثاً عن المعلومات (على سبيل المثال معلومات عن حقوق الأنشطة المدنية المتوفرة لهن)، أو نجدهن بحاجة إلى جليسة أطفال أو يكن غير قادرات على مغادرة المنزل لظروف أخرى.

العنف ضد حقوق المرأة في التناسل
في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة 1994 أكد المجتمع الدولي على أهمية رعاية حق الصحة الإنجابية وتقرير المصير، وأقر حق كلا من النساء والرجال في الحصول على المعلومات عن وسائل تنظيم النسل التي تتوافر فيها صفات الآمان والفعالية القبول وإمكانية التطبيق وفق اختيارهم أنفسهم، والتي لا تتعارض مع القانون، وحق الحصول على خدمات الرعاية الصحية التي ستمكن النساء من الحمل والوضع بصورة أمنة، وتوفير أفضل الفرص للحصول علي الأزواج على أطفال سليمةً صحياً.
أما عن العنف الجنسي، والعنف العائلي، والاغتصاب، وختان الإناث، والزواج المبكر، والاختيار المبكر للجنس، ووأد البنات، والاتجار، والدعارة المكرهة، كل ذلك يشكل انتهاكات خطيرة لحقوق النساء في الإنجاب.
وبالنسبة للنساء المعاقات فإن انتهاك حقوقهن في التناسل تتضح وتظهر من الفكرة السائدة عنهن بأنهن ليس لهن الحق في أن يكن أمهات، وكذلك في المواقف السلبية للعاملين بالطب تجاه الأمهات المعاقات، ونقص التسهيلات الطبية المناسبة مثل عدم توفر طاولات مناسبة للكشف الطبي في عيادات ما قبل الولادة أو عدم توفر فٌٌرش للوضع،و مشاكل في الاتصال خصوصاً لدى الأم الصماء، وعدم توفر البٌنى التحتية للوحدات الصحية الملائمة لهن، وإهمال الأزواج، ... الخ، ومن الانتهاكات الأخرى للحقوق الإنجابية للنساء المعاقات والتي تشكل عنفاً ضدهن: عدم كفاية المعلومات والخدمات الصحية المرتبطة، القيود المفروضة على استقلال النساء بحياتهن الجنسية والتناسلية الخاصة بهن فعندما تزور المرأة المعاقة مركز تقديم الخدماتً –علي سبيل المثال- تجد من يوجه إليها السؤال التالي: لماذا تحتاجين الواقي الذكري؟".

ولعجز النساء والمراهقات المعاقات عن التحكم في خصوبتهن نجدهن يعانين من مرات حمل كثيرة ومتوالية، الواحدة تلو الأخرى، ولذا يصبح الإجهاض على وجه الخصوص سبب رئيسي في وفاة الأم وهو ما يؤكد ويظهر عذاب المرأة وعدم قدرتها على تحمل الحياة والتكيف عاطفياً وماليأ مع حمل غير مرغوب فيه، ولما أرهقت النساء بالعديد من مرات الحمل، لم يكن لديهن سوى اللجوء إلى الإجهاض الغير شرعي– في دول الإجهاض بها محظور- وهو ما يعرض حياتهن لخطر كبير نظراً لعدم أمان ظروف أدائه عموماً.
وهكذا فان فشل الحكومة في اتخاذ إجراءات إيجابية بضمان وصول المعلومات الخاصة عن وسائل منح الحمل وخدمات الرعاية الصحية إلى النساء لتمكنهن من عمليات الوضع الآمن لأطفالهن والتخلص من الحمل غير المرغوب فيه بصورة آمنة أقول يمثل هذا الفشل انتهاكاً لحق المرأة في الحياة بالإضافة إلى انتهاك حقوقهن في الإنجاب. وبالإضافة إلى ذلك، فان انتهاك الدولة المباشر لحقوق المرأة في الإنجاب يمكن رؤيته في سياسة الحكومة تجاه حجم السكان. وإذا أدت هذه السياسة إلى إصابة إجبارية بالعنف وإجهاض إجباري أو عقوبات جنائية لمنع الحمل، والإصابة الاختيارية بالعقم والإجهاض الاختياري وعند استخدام مسئولي الحكومة للقوة لضمان قيام النساء بهذه الإجراءات، فان هذه الممارسات قد تصل إلى حد المعاملة الوحشية والمهينة والقاسية.

العنف في أوضاع العنف المسلح
في أثناء فترات الحرب، يواجه كلاً من الرجال والنساء انتهاكات متشابه لحقوق الإنسان، لكن النساء كذلك يتعرضن لعنف قائم على أساس العنف شاملا الاغتصاب، التشويه الجنسي والدعارة الإجبارية .ومنذ بداية عهد الحرب استهدفت النساء بالعنف الجنسي أثناء فترات النزاع المسلح.
وما لاقته النساء المعاقات في الصراعات المسلحة يشمل تعرضهن للاغتصاب، الشعور المتزايد بعدم الآمن (مثل عدم سماع المرأة الصماء لصوت إطلاق النار بينما يهرب الآخرون) صعوبة الاصطفاف للحصول على الطعام، الاستغلال، التعرض للأمراض، ...الخ

القانون
يرتكب الرجال العنف في إفريقيا وأوغندا – على وجه الخصوص- ضد زوجاتهم، أو من قبل الحماة في حالة العائلات الكبيرة، أو من قبل الأقارب الذكور، وعادة ما يتم معالجة هذا العنف ضمن نطاق الأسرة، ولا يتم الإبلاغ عنه، والنساء عموماً والمعاقات منهن بشكل كلي على وجه الخصوص يدربن منذ طفولتهم علي قبول أدوارهن الإنجابية كزوجات (راعيات)، وأمهات وما شابه، وقبول تعالى الرجال، ولكون المرأة الإفريقية المعاقة مرؤوسة وغير مستقلة مادية، وخائفة من الانتقام ومن النتائج الاجتماعية التي يمكن أن تنتج عن شجبها للعنف الذي تتعرض له، لذا فان من يلجأن إلى عون القانون يشكلون نسبة نادرة، وبالإضافة إلى ذلك، فانه عندما تقوم المرأة برفع التهم وتقديمها إلى القضاء، فإننا نجد صعوبات ومشاكل في النظام القضائي الذي يتعين عليه إعطاء الحقوق المعترف بها إلى أصحابها، وغالباً ما ترفض قوات الشرطة قبول وتسجيل شكوى المرأة المعاقة ضد زوجها أو مغتصبها أو ضد أحد أفراد أسرتها . وبالنسبة لمثل هذه الشكاوى فإنها تعالج على أنها أمر خاص بالأسرة، وبالإضافة إلى هذه العوائق، ونقص التمويل، والجهل بالقانون، وبعد المسافة عن المحاكم المختصة، وتعقد عملية القضاء برمتها، نقص خدمات تفسير لغة الإشارة والنقص في الحصول علي دليل للطريق، قلة القوانين المراعية لشؤون الإعاقة (غالبية القوانين تضمن عدم التمييز من حيث الجنس، القبيلة، المولد، الدين، المذهب السياسي، اللون، العقيدة، الجنس ولم ٌيذكر أي قانون يراعي الإعاقة )، أو عدم كافية ممثلي القانون وتوزيعهم غير العادل عبر البلاد، كل ذلك يشكل عائقاً خطيراً أمام أي دعوى تقوم المرأة المعاقة برفعها في إفريقيا وأوغندا على وجه الخصوص.

مشاكل معروفة وملحة
نقص المعلومات البحثية والإحصائية عن العنف ضد النساء المعاقات وتكلفة هذا العنف، وأما عن البيانات القومية والدولية المتوفرة فهي تستثنى شؤون النساء المعاقات، فرغم اهتمام تقرير برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة بقضايا الجنس فانه لم يتناول قط قضايا التنمية الخاصة بالنساء المعاقات بشكل صريح.
إغفال موضوع الإعاقة في مواثيق حقوق الإنسان الدولية باستثناء إعلان القضاء على العنف ضد النساء، وعدم إشارة هذه المواثيق إلى مجرد القوانين المعيارية للأمم المتحدة والمعنية بتساوي الفرص أمام المعاقين.
عدم تدريب النساء المعاقات على تناول هذه القضايا والدفاع عنها.
عدم توافر الموارد لدى المنظمات التي تهتم بمعالجة قضايا الجنس وهي الموارد اللازمة لمعالجة هذه القضايا في الوقت المناسب، مثل قضية العنف ضد النساء المعاقات واللازمة كذلك لتوفير المعلومات اللازمة للعمليات التي تقوم بها الدولة مثل إصلاح القوانين أو الدستور ومراجعات السياسات المتبعة.
رغم مخاطبة الحركات النسائية لانتهاكات حقوق النساء، فان قضايا الفتيات المعاقات لم يتم تناولها نظراً لقلة الموارد والمهارات في تنظيم هذه الفئة.
تتناول أغلبية المواثيق الدولية لحقوق الإنسان عدم التمييز بين البشر على أساس النوع، اللون، الدين، المذهب السياسي أو غيره، اللغة، الجنس، الموطن أو الأصل الاجتماعي، الملكية، المولد أو الحالات الأخرى، ولكنها نادراً ما تذكر أي وضع يتعلق بالإعاقة، ولذا فان القوانين والسياسات التي تم صياغتها لتنفيذ توصيات هذه المواثيق الدولية لا تتناول الإعاقة.
وفي أفريقيا عادة ما يتم تناول العنف الذي يرتكبه الرجال ضد زوجاتهم في إطار الأسرة ولا يتم الإخبار عنه وعادة تلقن النساء منذ طفولتهن على قبول دورها المستقبلي كزوجة وأم وما شابه وأن يقبلن بتعالي جنس الرجال. ولكون النساء جنوب إفريقيا مرؤوسين وغير مستقلين، وخائفين من الثأر، والنتائج الاجتماعية التي قد تنجم عن شجبهن لهذا العنف، فان نسبة أولئك الناس اللاتي يسعون في طلب المساعدة القضائية نادرة.
وعند رفع التهم وتقدميها للقضاء، فإننا نجد صعوبات ومشاكل في النظام القضائي الذي يتعين عليه إعطاء الحقوق المعترف بها إلى أصحابها وغالباً ما ترفض الشرطة قبول وتسجيل شكاوى النساء المعاقات ضد أزواجهن أو مغتصبهن أو ضد أفراد عائلتهن، وبالإضافة إلى هذه العوائق، ونقص التمويل والجهل بالقانون، وتعقد عمليات القضاء برمتها، أو ببساطة عدم كفاية ممثلي القانون وتوزيعهم غير العادل في البلاد، كل ذلك يمثل عوائقً خطيراً أمام الدعوى التي ترفعها النساء في جنوب إفريقيا.
وأما عن القلة القليلة من النساء اللاتي تجرأت على التقدم بشكوى من العنف الذي تعرضن له إلى الشرطة، فإنهن يجدن أنفسهن يتعرض للعنف من أعمال العنف اللاتي أصابتهن، وعندما يقمن بالإبلاغ عما أصابهن من عنف يطرح عليهم الأسئلة التالية:
أ-هل أنت متأكدة من إعدادك الطعام لزوجك جيدا وفي الوقت المناسب ؟ ب-كيف قدمت له الطعام ؟ج-هل قاومت مساعيه الجنسية د -هل عاملته بوقاحة ؟ه- هل قمت بسب والدته أو أخيه أو أخته، وفي النهاية تصبح المرأة هي مرتكبة العنف ويتم إرسالها إلى المنزل لتقوم بالاعتذار لزوجها.

التوصيات الختامية
يجب القيام بالأتي:-
القيام ببحوث وجمع بيانات إحصائية عن موضوع العنف ضد النساء والفتيات المعاقات.
تدريب النساء المعاقات على قضايا الحقوق القانونية والإنسانية.
خلق شبكة من النساء المعاقات ذوي مهارة وقادرات على إظهار حقوق النساء والفتيات المعاقات والدفاع عنها، وقادرات على الاتصال ببرامج التطوير الوطنية مثل الخطة القومية للقضاء على الفقر وذلك لمصلحة النساء والفتيات المعاقات.
تمكن المنظمات مثل منظمة (DWNRO) للقيام بجمع وتوصيل المعلومات للمعاقين ومتسلمي الرهانات والشركاء والتطوير وللمشاركة في عمليات التطوير الوطنية مثل قانون الإصلاح.
------------------------------------

(22) قامت الحكومة الأوغندية حديثاً بمراجعة قانون الحكومات المحلية لعام 1997 وهي الآن تراجع دستوره 1995 ولكن لا توجد مصادر نجد فيها رؤى النساء المعاقات ولا مصادر لتوصيل الرأي العام النساء ليتم اعتباره عند مراجعة الدستور.
تمكن المنظمات مثل منظمة (DWNRO) من خلق علاقات مع منظمات تهتم بحقوق الإنسان والمنظمات المعنية بحقوق النساء مثل مؤسسة " النساء عبر العالم".
التأكد من حضور النساء والمراهقات المعاقات المدرسة وأنهن على علم تام بحقوقهن الإنسانية.
التأكد من إدراج أهتمامات النساء والفتيات المعاقات على جدول الأعمال التنمية الوطنية والإقليمية والدولية وان مواثيق الأمم المتحدة تهتم وتركز على الإعاقة والجنس.
تأسيس رابطة تصل بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات المرأة، والتي تهتم بقضايا الإعاقة لدمج قضايا العنف ضد المرأة مع موضوع الإعاقات في برامج مستمرة.
القيام بأبحاث وتحليل القوانين الدولية لحقوق الإنسان حتى تكون أكثر تركيزاً واهتماماً بقضية العنف والعجز (الإعاقة).
تعيين مقرر خاص لقضايا حقوق الإنسان للمعاقين في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

العنف الخفي في السودان/ تقرير أمنة حسن
رئيس اللجنة القومية السودانية المعنية بالممارسات التقليدية
الخرطوم – السودان
أود أن أحدثكم عن قضايا العنف المعنية بالناحية الثقافية في السودان – ذلك العنف الذي لا يعتبرونه عنفاً والذي لا يتعرف عليه بسهولة.، وسأسمى هذا "بالعنف الخفي" وسأركز في بحثي هذا على عملية تشويه العضو التناسلي لدى المرأة، وكذلك الزواج المبكر للفتيات تحت 17 سنة.

تشويه العضو التناسلي لدى المرأة:
كانت عملية تشويه العضو التناسلي للمرأة منتشرة في السودان بنسبة 97% وذلك في عام 1982، واليوم أصبح سائدا بنسبة 84% في المناطق الحضرية و96% في المناطق الريفية.
وعادة ما يمارس أشد أنواع الختان في السودان – وهو الختان المجحف وعواقب هذا العنف وخيمة حيث سجلت دراسة حديثة 13 نتيجة سلبية على الصحة العامة والتعليم، وبخاصة تشويه في الصحة البدنية والعقلية، وضعف في الاستجابة الدراسية والمهنية للفتيات والنساء والعاملات وتَكَوٌن أفكار خارجة عن الدين ومشاكل اجتماعية وضرر عام على النمو الكلي للنساء.
ووفق ما تقره الصحة فان الغالبية العظمى للنساء اللاتي أجرى عليهن الختان (بنسبة 91%) يعانون من احتقانات شديدة ومزمنة و9% من النساء يموتون بسبب النزيف الدموي الشديد، ويؤدي الختان أيضا إلى صعوبة في سريان البول – الأمر الذي يؤدي إلى الموت في بعض الحالات.
وباستثناء التكاليف الصحية الباهظة، فان تشويه العضو التناسلي لدى المرأة يعوق علمية تعليم الفتيات وتقليص فرص العمل المستقبلية لهم ويؤثر كذلك على فعاليتهم الاقتصادية، بل ويعانون اشد ما يعانون من ألام عند وصولهم لسن البلوغ، وربما تمنعهم تلك الآلام من الحضور إلى المدرسة، ومن حيث التأثير فان 69% من الفتيات يعانون من مشاكل في المدرسة ويتأثر أداؤهن كثيراً بذلك. ويعوق هذا التغيب المتطاول النمو الاجتماعي والاقتصادي للنساء ويقيد من حياتهم الاقتصادية والإنتاجية فيما بعد ويتغيب النساء عن العمل غالبا بسبب الآلام الشديدة. وفي الواقع فان للحكومة السودانية تعطى النساء العاملات يوما واحدة كإجازة يأخذنها في حالات الألم الشديدة، وباستثناء الآثار الضارة أو غير الصحية كما تدعى والتي تنتاب النساء، فان هذا التغيب المتطاول يمنع ترقية النساء (الأمر الذي يقلل أيضا من الإنتاجية القومية ويحد من النمو الوطني).
وتحاول المنظمة التي أعمل معها تنظيم منتدى ديني يحضره كبار رجال الدين من ماليزيا وإيران وباكستان لإصدار فتوى ضده.وكما يبدو فان السلطات السودانية لا تعطى أولوية لإصدار تشريع ضد تشويه العضو التناسلي للمرأة، مخافة استمرارية المجتمعات في ممارسته في الخفاء، مما يؤدي إلى ارتفاع في إحصاءات الإصابة بمرض فقدان المناعة ونقص المناعة المتكسبة (الإيدز).
وتعمل أيضا على تعليم ربات البيوت والقابلات وتوعيتهم بأخطار تشويه العضو التناسلي للمرأة .ونظرا الاعتماد الكثير منهن على الختان كوسيلة للدخل فقد قمنا بتزويد ربات البيوت بفرص عمل بديلة كتعويض لهن عن خسارة الدخل الذي كانوا يكتسبونه من خلال ممارسة الختان، وتحتاج مثل هذه المشروعات إلى إشراف دقيق من جانبنا، ومع ذلك فان منظمة (SNCTP) تستخدم طريقة شمولية لإزالة كافة أشكال تشويه العضو التناسلي في السودان.

الزواج المبكر:
يعيش 85% من الشعب السوداني في المناطق الريفية ومعظمه أمي ومتوسط دخلهم متدنى للغاية، وذلك بسبب سنوات من الحرب الأهلية والتصحر الناتج عن الكوارث الطبيعية، ومستويات الصحة والتعليم أيضا متدنية للغاية، أما العائلات فهن في ظل هذه الظروف تفضل إبقاء الفتيات في البيت وتزويجهم مبكراً دون السن بدلاً من إلحاقهن بالمدرسة والإنفاق على تعليمهن، وعليه فان حالات الزواج المبكر (اقل من 17سنة) تحدث بنسبة 13% من الحالات في المناطق الريفية وهو ما يؤدي، في معظم حالاته، إلى الحمل المبكر وهو ما يؤدي إلى تمزق مثانة المرأة الصغيرة – ذلك المرض الشديد الذي يؤدي إلي إثارة رائحة نفاذة نتيجةً للاحتقان الدائم والمستمر –فيؤدي كذلك إلي مرض الناسور بالإضافة إلي مشاكل أخرى عديدة. ومعظم الفتيات اللاتي يعانينن من هذا المرض تستدعي حالتهن إجراء عملية جراحية لا يمكنهن تحمل تكاليفها، بالإضافة إلى وجود قلة من ربات البيوت القرويات أو القابلات المتدربات في المناطق القروية ولا يوجد في السودان كلها غير ثلاث أطباء تم تدريبهم وتخصيصهم لإجراء عمليات الناسور.
وتتعامل منظمتي مع 15.000 فتاة تزوجن في أعمار تتراوح بين 12 إلى 16 عاماً، وأصبحن مريضات بمرض الناسور، وهؤلاء الفتيات بحاجة إلى تأهيل اجتماعي واقتصادي، ويبلغ العدد الإجمالي للحالات من جراء هذا المرض 15000 حالة، وقد فكرنا في إنشاء مجموعات تعاونية مصغرة يتم إلحاق هؤلاء الفتيات بها لكن يكن مستقلين فيها بحياتهن الاقتصادية وليعيشن حياة لائقة.

مسئولية الدولة:
لم تصدر الحكومة السودانية إلى الآن سياسة واضحة قاطعة بشأن السكان والصحة الإنجابية، ويواجهه نظام الصحة نقصاً في الموارد وندرة في تدبير الوسائل الصحية، ويعتمد النظام الصحي من حيث التأثير إلى حد ما على التبرعات الفردية حيث لا يقدر الكثير على تحمل تكاليف الخدمة الصحية، وكما ذكرت فان الحرب الأهلية أدت إلى تفاقم التدهور الاقتصادي وتدهور البنية التحتية الأمر الذي يستنزف أية موارد صحية.
ونحن في السودان بحاجة ملحة إلى برنامج توعية ضد فيروس نقص المناعة الدائم، ونقص المناعة المكتسب (الإيدز) . وحتى الآن فان المؤن الحكومية ششحيحة في البيئات القروية، وإنني لأنصح شخصيا المنظمات السكانية والمجتمع المدني وقطاعات الحكومة لتوحيد رسائلها بخصوص تشويه العضو التناسلي لدى المرأة، والزواج المبكر وفيروس نقص المناعة (HIV) ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وثقافة السلام وحل النزاع في كل البرامج الإنمائية لإزالة الجرائم الصامتة ضد النساء في السودان وحتى الآن لم تصدر الحكومة السودانية سياسة بشأن السكان والصحة الإنجابية. وليس مسموح للفتيات غير المتزوجات زيارة عيادات الصحة الإنجابية ولا الإهتمام بها.
وتعتمد النظم الصحية من حيث التأثير على التبرعات الفردية حيث لا يقدر الكثير على تحمل تكاليف الخدمة الصحية.
وعواقب الإصابة بفيروس نقص المناعة HIV ونقص المناعة المكتسب (الإيدز) نتيجة لتعدد الزوجات في السودان هي عواقب شديدة - وما يزيد الأمر سوءاً هو تفش ثقافة العنف والهجرة والأزمة السكانية أو الهجرة الداخلية . ولا تقدم الحكومة حتى الآن العناية بالناس.
وتحتاج الحكومة إلى توحيد رسائلها بخصوص تشويه العضو التناسلي لدى المرأة، الزوج المبكر فيروس نقص المناعة ونقص المناعة المكتسب – وتوجيهها ضد الجرائم الصامتة التي ترتكب على نحو يومي ضد النساء في السودان.

ما سبق بحث ألقى في مؤتمر بعنوان "تكلفة العنف ضد النساء "– بلندن 23 نوفمبر 2001.
يوليو 2002

13/2/2005


الأمم المتحدة

التالي
« السابق
الأول
التالي »

تعليقك مسؤوليتك.. كن على قدر المسؤولية EmoticonEmoticon